كنت قد تحادثت عبر الهاتف من أيام ليست بالقليلة 
مع أخي الفاضل أبي عبد الله بلال يونسي
عن مسألة التضمين في الشعر و كيف الخلاص منه 
و قد ذكر لي أبياتاً وردت عليه يحتج فيها على أن التضمين 
سائغ غير معيب , بل مما حكاه لي الطيب الأديب بلال
أن من الناس من يعتبر قصة الأصمعي مع الأعرابي 
عمدة في جواز التضمين , و لم يكن قد وقف عليها فيما فهمت
فوعدت بإنزالها ليقرأها الفاهم العاقل الأديب بلال و غيره من إخواننا الأفاضل 
فيحكموا بأنفسهم هل في أبيات الأعرابي أدنى حجة لمجيزي التضمين 
أم أن الأبيات حجة عليهم 
و لا أطيل فإليكم القصة :
قصة الأصمعي مع الأعرابي 
 قال الأصمعي :دعاني بعض العرب الكرام إلى قرى (طعام )
 فخرجت معه إلي البرية : فأتوا بباطية( إناء كالجفنة يوضع 
 به الطعام ) وعليها السمن غارق فجلسنا للأكل وإذا 
 بأعرابي ينسف الأرض نسفا حتي جلس من غير نداء 
فجعل  يأكل والسمن يسيل حتى مرفقه ، فقلت لأُضحكن 
الحاضرين  عليه فقلت :
كأنك أثلة في أرض هش*** أتاها وابل من بعد رش
 فالتفت إلي بعين مبحلقة وقال : 
الكلام أنثي والجواب ذكر . 
وأنت :
كأنك بعرة في إست كبش*** مدلاة وذاك الكبش يمشي 
فأحرجني أيما إحراج فقلت له : هل تعرف 
 شيئا من الشعر أو ترويه !
 فقال : كيف لا أقول الشعر وأنا أمه وأبوه !
فقلت له :إن عندي قافية تحتاج إلي غطاء 
فقال:هات ما عندك . 
فغطست في بحور الأشعار فما وجدت قافيه 
 أصعب من الواو المجزومه ( الساكنة ) 
فقلت :
قوم بنـــــجد لقيـــناهم *** سقاهم الله من النو
قلت: أتدري النو ! ماذا ؟؟
 فقال : 
النو نوء تلألأ في دجا **ليلة حالكة مظلمة لو
فقلت:له .لو ماذا ؟؟!
فقال :
لو ســار فيها فارس لانثنى**على بساط الأرض منطو
فقلت :
له . منطو ماذا؟ !
فقال : 
منطو الكشح هضيم الحشا** كالباز ينقض من الجو
فقلت له : الجو ماذا ؟!
فقال : 
جو السما والريح تعلو به** اشتم ريح الأرض فاعلو
فقلت له ! فاعلو ماذا ؟!
فقال : 
فاعلو لماعيل من صبره** فصار حادي القـوم ينعو
فقلت ينعو. ماذا ؟!
فقال : 
ينعو رجال للقنا شرعت* كفيت ما لاقوا وما يلقو !
قال:فعلمت أنه لاشيء بعد القنا , ولكن أردت أن أثقل عليه
فقلت:: ويلقوا ماذا ! ؟
فقال :
 إن كنت ما تفهم ما قلته** فأنت عنـــدي رجل بو
فقلت له البو .ماذا !؟؟
فقال :
البو ســلخ قد حشي جلده**يا إلف قرنان تقوم أو( إلف قرنان : التيس من 
 البهائم )
فقلت له أو ماذا ! ؟؟
فقال :
 أو ضربت الرأس بصوانة** تقول من ضربتها قو
فخفت أن أقول... قو ماذا؟؟ ! 
فيقوم فيضرب ...ويكمل البيت... وهذا الأعرابي هو 
 (قاسم الدجاجات )قال الأصمعي فغلبني مرتين في الشعر 
 وفي الدجاج ثم انصرف .اهــ