(زجر السلف عن مناظرة المبتدعة  أهل التلف)
			 
			 
			
		
		
		
			
			(زجر السلف عن مناظرة المبتدعة  
أصول تلك الأسباب ثلاثة :
أولاً : أنه لا تُرجى أوبتهم عن مذهبهم إلى حضيرة الحق إذا ظهرَ لهم الحقُ في غيره :
  علّلَ السلف الصالح نهيهم عن مناظرة المبتدعة بأنه لا يطمع في رجوعهم عن   بدعتهم بالمناظرة , فمناظرتهم شغلٌ لا فائدة فيه , و مآلها إلى المراء 
 قال أبو القاسسم الأصبهاني: (( قالَ   علماء ُ السلف : ما وجدنا أحداً من المتكلمين في ماضي الأزمان إلى يومنا   هذا رَجَعَ إلى قول خصمه , ولا انتقَلَ عن مذهبه إلى مذهب مُناظره , فدلَّ   ذلك أنهم اشتغلوا بما تركه خيرٌ من الاشتغال به ) 
 و يقول الأمام الشافعي - رحمه الله - (( ما ناظرت أحداً علمت أنه مقيمٌ على بدعة ))
 قال البيهقي معلقاً على كلام الامام الشافعي - رحمه الله - : (( و هذا لأن المقيم على البدعة قلَّما يرجع بالمناظرة عن بدعته , و إنما كان يُناظر من يرجو رجوعه إلى الحق إذا بيَّنه له )) 
   وهذا الكلام من السلف في عدم رجوع المقيم عن بدعته هو الغالب , ولكن قد   حصل شذوذٌ في ذلك , فرُبَّما رجع المقيم على البدعة عن بدعته و الشاذيُحفظ   ولا يقاس عليه )) (*)
 قال شيخ الإسلام ابن تيمية  - رحمه الله - :  ((  هذا أبو الحسن الأشعري نشأ في الاعتزال اربعين عاماً يناظر عليه , ثم  رجع  عن ذلك , و صرح بتضليل المعتزلة , و بالغ في الرد عليهم )) 
 ثانياً : إماتة ذكرهم حتّى لا يعرفوا بين الناس  فتشتهر بدعهم و شبههم
  :
  إذا كان المبتدعة مقيمون في بلد السنة , و الحق ظاهر قد عرفه المسلمون , و   جب الامساك عن مناظرتهم منعاً لظهورهم و اشتهار شبههم , فإنهم إن ظهروا و   اشتهروا تضرر بذلك المسلمون - و لا سيما العامة الجهلة - أشد الضرر .
 قال الامام مسلم - رحمه الله - : (( الاعراض عن القول المطرح أحرى لإماتته , و إخماد ذكر قائله , و أجدر ألا يكونَ ذلك تنبيهاً للجُهَّال عليه )
 و قال الامام اللالكائي :  (( فما جنى على  المسلمين جناية اعظم من مناظرة المبتدعة , و لم يكن قهرٌ  ولا ذلٌ أعظم مما  تركهم السلف على تلك الجملة , يموتون من الغيظ كمداً و  درداً , و لا يجدون  إلى إظهار بدعتهم سبيلاً , حتى جاء المغرورون ففتحوا  لهم إليها طريقاً , و  صاروا إلى هلاك الاسلام دليلاً , حتى كثرت بينهم  المشاجرات , و ظهرت دعوتهم  بالمناظرة , و طرقت أسماعَ منْ لمْ يكن عرفها  من الخاصة , و العامة , حتى  تقابلت الشبه في الحجج , و بلغوا من التدقيق  في اللجج , فصاروا أقراناً و  أخدانا و على المداهمة خلانا و إخواناً , بعد  أن كانوا في دين الله أعداء و  أضداداً , و في الهجرة في الله أعوناً ,  يكفرونهم في وجوههم عيانً , و  يلعنونهم جهاراً , و شتان ما بين المنزلتين ,  و هيهات ما بين المقامين ))
 قال الشيخ بكر أبو زيد غفر لله له   (( نصيحتي لكل مسلم سلم  من فتنة الشبهات في الاعتقاد : أن البدعة إذا  كانت مقموعة خافتة , و  المبتدع إذا كان منقمعاً مكسور الفس بكبت بدعته فلا  يحرك النفوس بتحريك  المبتدع و بدعته , فلا يحرك النفوس بتحريك المبتدع و  بدعته فانها اذا حُركت  نمت و ظهرت , و هذا أمرٌ جُلبت عليه النفوس و منه  في الخير أن النفوس  تتحرك إلى الحج إذا ذكرت المشاعر , و في الشر إذا ذكرت  النساء و التغزل و  التشبيب بهن , و تحركت النفوس الى الفواحش .
   و  هذا  الكتمان و الاعراض في باب المجاهدة و الجهاد , فكما يكون الحق في  الكلام ,  فإنه يكون الحقُ في الكلام , فإنه يكون في السكوت و الإعراض ,  فتنزل كل  حالة منزلتها , و الله أعلمُ )
   و اعلم - اخي المحاور - أنك لن ترد عليه بشىء  أشد من السكوت و الإمساك عن مناظرتهم .
      قال الآجري :  (( سكوتك عنهم , و هجرتك لما تكلموا به أشد عليهم  من مناظرتك لهم , كذا قال من تقدم من السلف الصالح  من علماء المسلمين )) 
   و أما اذا كان الباطل ظاهراً على الحق و البدع منتشرة رائجة ,  فلا بد من  الرد و المناظرة .
   قال ابن قتيبة - رحمه الله - في السكوت : ((   و إنما يجوز أن يؤمؤ بهذا قبل تفاقم الأمر و وقوع الشحناء , و ليس في   غرائز الناس احتمال الامساك عن أمر في الدين قد انتشر هذا الانتشار , و ظهر   هذا الظهور , و لو أمسك عقلاؤهم ما أمسك جهلاؤهم , و لوم أمسكت الألسنه  ما  أمسكت القلوب , و قد كان لهؤلاء أسوة فيمن تقدم من العلماء حين تكلم  جهم و  أبو حنيفة في القرآن و لم يكن دار بين الناس قبل ذلك ولا عرف و لا  كان مما  تكلم الناس فيه , فلما فزع الناس الى علمائهم لم يقولوا : هذه  بدعة لم  يتكلم الناس فيها , و لم يتكلفوها , و لكنهم أزالوا الشك باليقين ,  و جلوا  الحيرة , و كشفوا الغمة , و أجمع رأيهم على أنه غير مخلوق ,  فأفتوهم بذلك ,  و أدلوا بالحجج و البراهين , و ناظروا و قاسوا , و  استنبطوا الشواهد من  كتاب الله عز و جل )
      ثالثاً : الاحتراز من فتنتهم :
   و  من  الأسباب أيضاً في زجر السلف عن مناظرة المبتدعة خوفهم على أنفسهم و  على  غيرهم من أن تفسد قلوبهم البدع و الشبهات ولا سيما العامة الجهلة .
   قال الراغب الاصفهاني : (( كره للعامة أن يجالسوا أهل الأهواء و البدع , لئلاَّ يغووهم , فالعامي اذا خلا بذوي البدع كالشاة اذا خلا بها السبع )) 
   و قال الأوزاعي - رحمه الله - : (( ولا تمكنوا صاحب بدعة من جدال ,  فيورث قلوبكم من فتنة ارتياباً )
   و قال الحسن البصري : (( لا تمكن أذنيك من صاحب هوى , فيمرض قلبك )
   و  قال  مفضل بنه مهلهل : (( لو كان صاحب البدعة إذا جلست اليه يحدثك ببدعته ,   حذرته و فررت منه , ولكنه يحدثك باحديث السنة في بدء مجلسه ثم يدخل عليك   بدعته , فلعلَها تلزم قلبك , فمتى تخرج من قلبك ؟! )
      و قال بعض أئمة السلف (( من أصغى سمعه إلى صاحب بدعة - و هو يعلم أنه صاحب بدعة - نزعت منه العصمة , و وكل إلى نفسه  )
   و قال سفيان الثوري  (( من سمع ببدعة فلا يحكها لجلسائه , و لا يلقها  في قلوبهم )
   أورده الذهبي في السير , و عقب عليه بقوله : (( أكثر أئمة السلف على هذا التحذير يرون أن القلوب ضعيفة ,  و الشبه خطافة )
    و قال ابن بطه :   (( فالله الله معشر المسلمين , لا يحملن أحداً منكم حسن ظنه بنفسه , و ما   عهده من معرفته بصحة مذهبه على المخاطرة بدينه في مجالسة اهل الاهواء  فيقول  : أداخله لأناظره , أو لأسترخج منه مذهبه , و إنهم أشد فتنة من  الدجال و  كلامهم الصق من الجرب و احرق للقلوب من اللهب و لقد رأيت جماعة  من الناس  كانوا يلعنونهم و يسبونهم , فجالسوهم على سبيل الانكار و الرد  عليهم , فما  زالت بهم المباسطة , و خفي المكر , و دقيق الكفر حتى إليهم )
   فهذه   طريقة الراسخ المدرك لصحة ما يعلمه , و أما الذي يتلمس الحق في مناظرة   المبتدعة و الضلال , فهذا قد جوَّز وجود الحق في قولهم فلن يكن عنده علم   جازم بل و لا ظن راجح بل شك و جهالة اما مناظرات السلف لاهل الباطل فهي على   سبيل قطع شرهم لا على سبيل تلمس الحق في أقوالهم .
   و اياك - أيها السني - أن يلبس عليك إبليس , فيتدرج معك الى الاستماع شبه الاهواء مع عدم قبولها ثم تأسر قلبك شبهةٌ قد لا تنفك عنها 
   قال البربهاري :    (( و إذا أردت الاستقامة على الحق و طريق أهل السنة فاحذر الكلام و اصحاب   الكلام و اصحاب الكلام , و الجدال و المراء و القياس و المناظرة في الدين   فإن استماعك منهم - و إن لم تقبل منهم - يقدح الشك في القلب و كفى به  قبولا  فتهلك و ما كان زندقة قط و لا بدعة و لاهوى و لا ضلالة الا من  الكلام و  الجدال و المراء و القياس و هي ابواب البدعة و الشكوك و الزندقة )
   و قال ابن الوزير   (( وردت نصوص تقتضي العلم - أو الظن - أن الخوض في علم الكلام على وجه   التقصي للشبهة , و الأصغاء إليها و التفتيش عن مباحث الفلاسفة و المبتدعة   المشكلة في كثير من الجليات, مضرة عظيمة , ممرضة لكثير من القلوب الصحيحة ,   و دفع المضرة المظنونة واجب عقلاً , و قد شهدت بذلك التجارب مع النصوص , و   ضل بسبب اثنتان و سبعون فرقة )
 وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم
 منقول 
وإسم المقال مني
والله المستعان 
  
 
		
		
		
		
		
		
		
		
		
	
	 |