المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفت فؤادك الأيام فتا(لأبي إسحاق الألبيري )


عبد الحفيظ المقري الأثري
05-16-2009, 06:15 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قال الفقيه الزاهد أبو إسحاق إبراهيم بن مسعود الألبيري رحمة الله عليه
في تائيته الشهيرة والتي يوصي فيها ابنه بطلب العلم والحرص عليه وهى من أجمل ما ألِّف في هذا الباب , قال رحمه الله تعالى:


تفـتُّ فــؤادَك الأيـام فتَّـا * * * وتنحـتُ جسمَـك الساعـاتُ نحتا
وتـدعـوك المنـون دعـاءَ صدْقٍ * * * ألا يـا صـاحِ أنـت أريـد أنتـا
أراك تحـبُّ عِـرْسـاً ذات غَـدْر * * * أبـتَّ طـلاقَهـا الأكيـاسُ بتَّـا
تنام الـدهـرَ ويحـك فـي غطيطٍ * * * بهــا حـتى إذا مِـتَّ انتبهتـا
فكـم ذا أنـت مخـدوعٌ وحـتى * * * مـتى لا تـرْعـوي عنهـا وحـتى

أبـا بكـر دعـوتـك لـو أجبتا * * * إلـى مـا فيـه حظُّـك إن عقلْتـا
إلـى علـمٍ تكـون بـه إمـامـاً * * * مُطـاعـاً إن نهيـتَ وإن أمـرْتا
وتجلـو مـا بعينِـك مـن عَشاها * * * وتهـديـك السبيـلَ إذا ضللتـا
وتحمـل منه فـي نـاديـك تاجاً * * * ويكسـوك الجمـالَ إذا اغتـربْتـا
ينـالك نفعُـه مـا دمـتَ حيـاً * * * ويبقـى ذخــرُه لك إنْ ذهبتـا

هـو العضْـبُ المهنَّـد ليـس ينبو * * * تصيـب بـه مقـاتـِلَ مَن ضربتا
وكـنْزٌ لا تخـاف عليـه لصـاً * * * خفيفَ الحِمـل يوجـد حيث كنتا
يـزيـدُ بكثْـرة الإنفـاق منـه * * * وينقـصُ أن بـه كفـاً شـددْتا
فلو قد ذُقتَ مـن حَلـواه طعمـاً * * * لآثـرْتَ التعلُّـمَ واجتهـدتـا
ولم يشغـلْك عنـه هـوىً مُطـاعٌ * * * ولا دنيـا بـزخـرفهـا فُتِنتـا

ولا ألهـاك عنـه أنيـقُ روض * * * ولا خِـدْرٌ بـربـْربـه كلِفْتـا
فقـوت الـروح أرواح المعـانـي * * * فـإن أعطـاكـه الله أخـذتا
وإن أوتيـتَ فيـه طـويـلَ بـاعٍ * * * وقـال النـاسُ إنـك قـد سبقتا
فـلا تـأمـن سـؤالَ الله عنـه * * * بتـوبيـخ علمْـتَ فهـل عمِلتا

فـرأسُ العلـمِ تقـوى الله حقاً * * * وليـس بـأنْ يقـال لقـد رأَستـا
وضافـي ثـوبـك الإحسان لا أنْ * * * تـرى ثـوبَ الإسـاءة قـد لبستا
إذا مـا لـم يفِـدْكَ العلْـمُ خـيراً * * * فخـيْر منـه أنْ لـو قـد جهِلتـا
وإنْ ألقـاك فهمُـك فـي مهـاوٍ * * * فليتـَك ثـم ليتـَك مـا فهِمتـا
ستجـنى مـن ثمار العجْـز جهـلاً * * * وتصْغُـرُ فـي العيـون إذا كًـبرنا

وتفقـدُ إنْ جهلـتَ وأنـت بـاقٍ * * * وتوجـد إنْ علمـتَ وقـد فُقِـدتا
وتـذكـر قـولتي لك بعـد حينٍ * * * وتغبطهـا إذا عنهـا شُغِلتـا
لسـوف تعـضُّ مـن نـدم عليها * * * ومـا تغنـي النـدامـةُ إنْ نَـدِمتا
إذا أبصـرْت صحبـَك فـي سماءٍ * * * قـدِ ارتفعـوا عليك وقـد سَفُلتـا
فـراجعْهـا ودَعْ عنـك الهُـوَيْنى * * * فمـا بالبـُطْء تـُدْرِكُ مـا طلبتا

ولا تحفـلْ بمـالِك والْـه عنـه * * * فليـس المـال إلا مـا علمتا
وليـس لجاهـلٍ فـي الناس معْنى * * * ولـو ملْكُ العـراقِ لـه تأتَّـى
سينطـقُ عنـك علمُك فـي نَدِيٍّ * * * ويكتـب عنـك يـومـاً إنْ كتَبتا
ومـا يغنيـك تشييـدُ المبـانـي * * * إذا بالجهـل نفسَـك قـد هدَمتا
جعلـت فـوق العلـم جهـلاً * * * لعمـرك فـي القضية مـا عـدلتـا

وبينهمـا بنـص الـوحـي بَـونٌ * * * ستعلمه إذا طـهَ قــرأْتـا
لئـن رفـع الغـنيُّ لـواءَ مـالٍ * * * لأنـتَ لـواءَ علمِـك قـد رَفعتا
وإن جلـس الغـنيُّ علـى الحشايا * * * لأنتَ على الكـواكب قـد جلَستا
وإن ركِـبَ الجيـادَ مسـوَّمـاتٍ * * * لأنـت مـناهـجَ التقـوى ركِبتا
ومهمـا افتـضَّ أبكارَ الغـوانـي * * * فكم بكـرٍ مـن الحكَـم افتضَضْتا

وليـس يضـرك الإقتـارُ شيئـاً * * * إذا مـا أنـتَ ربَّـك قـد عـرَفتا
فمـاذا عنـده لك مـن جميـلٍ * * * إذا بفنـاءِ طـاعتـه أنََخْـتا
فقابـلَ بالقبـولِ صحيحَ نُصْحي * * * فإنْ أعـرضْتَ عنه فقـد خسِـرْتا
وإن راعيتـه قــولاً وفعـلاً * * * وتاجـرتَ الإلـه بـه ربِحْـتا
فليسـت هـذه الـدنيـا بشـيء * * * تسـؤوك حقبـةً وتسُـرُّ وقْـتا

وغـايتُهـا إذ فكَّـرت فيهـا * * * كفَيْئـك أو كحُلْمـك إنْ حلمتا
سُجنْـتَ بهـا وأنـت لهـا محـبٌّ * * * فكيـف تُحِـبُّ مـا فيـه سُجِنتا
وتُطعِمُـك الطعـامَ وعـن قـريبٍ * * * ستَطعَـمُ منـك مـا منهـا طعِمتا
وتَعْـرى إنْ لبسـتَ لهـا ثيـابـا * * * وتُكْسـى إنْ مـلابسهـا خَلعْتا
وتشهـدُ كـلَّ يـوم دفْـنَ خـلٍّ * * * كـأنَّـك لا تُـرادُ بمـا شهِـدتا

ولم تُخْلـقْ لتعمـرَهـا ولكـنْ * * * لتعـبرَهـا فجُـدَّ لمـا خُلِقتا
وإن هـدَمتْ فـزدْهـا أنت هدماً * * * وحصِّـن أمْـرَ دينـك مـا استطعتا
ولا تحـزنْ علـى ما فـات منهـا * * * إذا مـا أنـت فـي أُخْـراك فُـزْتا
فليـس بنافـعٍ مـا نلـتْ فيها * * * مـن الفـانـي إذا الباقـي حُـرِمْتا
ولا تضحـكْ مـع السفهاءِ لهـواً * * * فـإنـك سـوف تبكـي إنْ ضحِكتا

وكيف لك السـرورُ وأنـت رهنٌ * * * ولا تـدري أتفـدى أم غللتا
وسـلْ من ربـك التـوفيقَ فيها * * * وأَخلِـصْ فـي السـؤال إذا سُـئلتا
ونـادِ إذا سجـدتَ له اعتـرافا * * * بمـا نـاداه ذو النـونِ بـنُ متَّى
ولازم بـابـه قـرْعـاً عسـاه * * * سيفتـَحُ بـابـه لك إنْ قـرَعتا
وأكثـرْ ذكْـرَه فـي الأرض دأْباً * * * لتُـذْكَـر فـي السمـاء إذا ذَكَـرْتا

ولا تقُـلِ الصِّبـا فيـه مجـالٌ * * * وفكِّـرْ كـم صغـيرٍ قـد دفَنتا
وقـل لـي يا نصيـح لأنـت أولى * * * بنصحك لـو بعقـلك قـد نظـرتا
تقطِّعني علـى التفـريـط لـوماً * * * وبـالتفـريط دهـرَك قـد قطَعتا
وفـي صِغَـري تخـوِّفـني المنايا * * * ومـا تجـري ببـالك حـين شِخْتا
وكنتَ مـع الصبا أهـدى سبيلاً * * * فمـا لك بعـد شيبـك قـد نكَستا

وهـا أنا لم أخـض بحـرَ الخطايا * * * كمـا قـد خضتَـه حـتى غـرقتا
ولم أشـرب حميَّـا أمِّ دفْـرٍ * * * وأنـت شـربتَهـا حـتى سكِـرتا
ولم أَحـلل بـوادٍ فيـه ظلـم * * * وأنـت حللـتَ فيـه وانهملتا
ولم أنشأ بعصْـر فيـه نفـعٌ * * * وأنـتَ نشـأتَ فيـه ومـا انتفعتا
وقـد صاحبتَ أعـلاماً كبـاراً * * * ولـم أركَ اقْتـديـْتَ بمـن صحبتا

ونـاداك الكتـاب فلـم تجبـْه * * * ونهنهَـكَ المشيـبُ فمـا انتبهتا
ليقبـح بالفـتى فعْـلُ التَّصـابي * * * وأقبـح منـه شيـخ قـد تفتى
فـأنـت أحـق بالتفنيـد مـني * * * ولـو سكـتَ المسـيءَ لمـا نطقتا
ونفسَـكَ ذُمَّ لا تـذْمُـمْ سواها * * * بعيـبٍ فهـي أجـدرُ مـن ذمَمتا
فلـو بكَـتِ الـدِّما عيناك خوفاً * * * لـذنبـك لم أقـلْ لك قـد أمنتا

ومـن لك بالأمـان وأنت عبـدٌ * * * أَمِـرتَ فمـا أئتمـرتَ ولا أطعتا
ثقلتَ من الذنوب ولست تخشـى * * * لجهـلك أنْ تخـفَّ إذا وزنتا
وتُشْفِقُ للمصـرِّ علـى المعاصـي * * * وتـرحمـُه ونفسَـك مـا رحمتا
رجعتَ القهقرى وخبطتَ عشْـواً * * * لعمـرُك لـو وصلـتَ لمـا رجعتا
ولـو وافيت ربـك دون ذنـبٍ * * * ونـاقشَـك الحسـابَ إذاً هلَكْتا

ولم يظلمْك فـي عمـل ولكـنْ * * * عسـيرٌ أنْ تقـومَ بمـا حملتـا
ولو قـد جئتَ يـوم الحشر فـرْداً * * * وأبصـرتَ المنـازلَ فيـه شـتى
لأعظمـتَ النـدامـةَ فيـه لهفاً * * * علـى ما فـي حياتـك قـد أضعتا
تفـرُّ مـن الهجـير وتتَّقيـه * * * فهـلَّا عـن جهنـمَ قـد فـررتا
ولسـت تطيـق أهـونها عـذاباً * * * ولـو كنـتَ الحـديـدَ بهـا لـذُبتا

فـلا تكـذب فإن الأمـر جِـدٌّ * * * وليـس كمـا احتسبـتَ ولا ظننتا
أبـا بكـر كشـفت أقـلَّّ عيـبي * * * وأكثــره ومعظمـه ستــرتا
فقـلْ مـا شئتَ فـيَّ من المخازي * * * وضـاعفْهـا فـإنـك قـد صـدقتا
ومهما عبتـني فلفـرط علمـي * * * ببـاطنتي كـأنَّـك قـد مـدحتـا
فـلا تـرض المعايبَ فهـي عارٌ * * * عظيـمٌ يـورِث الانسـانَ مقتا

وتهـوي بالـوجيه مـن الثُّـريَّا * * * وتبـدِلُـه مكـانَ الفـوقِ تحتا
كما الطاعـات تُنعِلك الـدراري * * * وتجعـلك القـريـبَ وإن بعُـدتا
وتنشرُ عنك فـي الـدنيا جميـلاً * * * فتلفـى الـبر فيهـا حيـث كنتا
وتمشـي في منـاكبهـا كـريمـاً * * * وتجـني الحمـدَ ممـا قـد غـرسْتا
وأنـت الآن لم تُعـرَف بعـيبٍ * * * ولا دنَّسـتَ ثـوبـك مـذ نشـأتا

ولا سابقـتَ فـي ميـدان زورٍ * * * ولا أوضعْـتَ فيـه ولا خببتـا
فـإنْ لم تنأ عنـه نشبـتَ فيـه * * * ومـن لك بـالخـلاص إذا نشبتـا
ودُنِّـسَ مـا تطهَّـرَ منـك حتى * * * كـأنَّـك قبـل ذلك مـا طهُـرْتا
وصرتَ أسيرَ ذنبـك فـي وثاقٍ * * * وكيـف لك الفكـاكُ وقـد أُسِـرتا
وخفْ أبناء جنسِك واخشَ منهم * * * كـما تخشـى الضـراغـم والسبنتى

وخالطهـم وزايلهـم حـذاراً * * * وكـنْ كـالسَّـامـريِّ إذ ا لمستا
وإنْ جهِلـوا فقـلْ لهم سـلاماً * * * لعـلَّك سـوف تسْلَـم إنْ فعلتا
ومن لك بالسـلامة فـي زمان * * * ينـال العصـم إلا إنْ عصمتا
ولا تلبـثْ بحـيٍّ فيـه ضَيـمٌ * * * يُميـتُ القلـب إلا إن كُبِلتا
وغـرِّبْ فالغـريـبُ لـه نفاق * * * وشـرِّقْ إنْ بـريقـك قـد شـرقتا

ولـو فـوق الأمـير تكون فيها * * * سمـوَّاً وأفتخـاراً كنـتَ أنتا
وإنْ فـرَّقتَها وخـرجتَ منها * * * إلـى دار السـلام فقـد سلمتا
وإن كـرَّمتهـا ونظـرتَ منها * * * بـإجـلال فنفسَـك قـد أَهنتا
جمعـتُ لك النصائـحَ فامتثلْها * * * حيـاتـَك فهـي أفضَـلُ مـا امتثلتا

وطـوَّلـتَ العتابَ وزدتَ فيه * * * لأنـك فـي البطـالـةَ قـد أطلتا
فـلا تأخـذ بتقصيري وسهوي * * * وخـذْ بـوصيتي لك إنْ رشَـدتـا
وقـد أردفتُهـا تسعـاً حسـاناً * * * وكـانـتْ قبـلَ ذا مائـةً وستَّـا
وصلـى على تمام الـرسْـل ربي * * * وعتـرتـِه الكـريمـةِ ما ذكـرتـا


ديوان أبي إسحاق الإلبيري (1 / 25)

الشاعر أبو رواحة الموري
05-16-2009, 07:22 PM
جمعتُ لك النصائح فامتثلها * * * حياتك فهي أفضل ما امتثلتا

الله أكبر
إنها من أعظم نصائح الآباء للأبناء فليت شعري كيف حال أبناء المسلمين مع آبائهم إزاء هذه النصائح الأبوية الغالية؟!
فجزيت خيراً أخانا عبد الحفيظ

أكرم بن نجيب التونسي
05-17-2009, 04:39 PM
أخي عبد الحفيظ أحسن الله إليك و بارك فيك

و يا حبذا لو نسمعها صوتية من الأخ الفاضل الشاعر أبو رواحة وفقه الله

عبد الحفيظ المقري الأثري
05-17-2009, 10:59 PM
ذاك ما نرجوه

أبوالوليد سامي محمد بن عمر
01-31-2010, 01:35 PM
جزاك الله خيرا أخي عبد الحفيظ

عبد الحفيظ المقري الأثري
04-04-2010, 10:31 PM
جزاك الله خيرا شيخنا على تهذيب القصيدة

أبو أنس محمد السلفي الليبي
07-13-2010, 08:37 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

هذا رابط القصيدة صوتيا:







تَفُتُّ فُؤَادَكَ الأَيَّامُ فَتَّا . . . وَتَنْحِتُ جِسْمَكَ السَّاعَاتُ نَحْتَا

وَتَدْعُوكَ الْمَنُونُ دُعَاءَ صِدْقٍ . . . أَلاَ يَا صَاحِ أَنْتَ أُرِيدُ أَنْتَا



:







تحميل :

MP3 (http://www.archive.org/download/shaydzm8/tafotto-foadaka.mp3) (حجم الملف 4.61 ميغابايت) .
RM (http://www.archive.org/download/shaydzm8/tafotto-foadaka.rm) (حجم الملف 1.37 ميغابايت) .

أبو حسان محمد الذهبي
01-12-2011, 04:24 PM
جَزَاكَ اللهُ كُلَ خَيْر