المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في معنى قوله تعالى{وَأَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى}


أبو عبيدة طارق الجزائري
12-31-2013, 12:43 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

في معنى قوله تعالى{وَأَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى}

قال ابن منظور في ((لسان العرب))
وأَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى؛ قيل أي وقطع القليل؛ قال الْفَرَّاءُ: أَكْدَى أَمسك من العطِيَّة وقَطَع، وقال الزّجَّاج: معنى أَكْدَى قَطَعَ، وأصله من الْحَفْرِ في البِئْر، يقال للحافر إذا بلغ في حَفْرِ البئر إلى حجر لا يُمَكِّنه من الْحَفْر: قد بلغ إلى الكُدْية، وعند ذلك يَقطع الحفر.

و قيل في معناها:
أَكْدَى مَنَعَ، وأَكْدَى قطَع، وأَكْدَى إِذا انْقَطَعَ،

و بنحو هذا قال السلف كما ذكر ابن جرير
عن ابن عباس {وَأَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى} قال: أعطى قليلا ثم انقطع.
و قال عن مجاهد {وَأَكْدى} : انقطع عطاؤه.
و ذكر ابن قتيبة في غريب القرآن: أنه كمن طلب شيئا فلم يبلغ آخرَه أو أعطَى ولم يتمِّمْ .
و قال الشنقيطي: أي قطع ذلك العطاء ولم يتمه، وأصله من أكدى صاحب الحفر. إذا انتهى في حفره إلى صخرة لا يقدر على الحفر فيها، وأصله من الكدية وهي الحجارة تعترض حافر البئر ونحوه فتمنعه الحفر

بعض فوائد الآية:
1- أن العبد مهما قدم و عمل كان مفرطا في حق الله عليه و لهذا لا يدخل الجنة أحد إلا برحمة الله تعالى
2- بيان فضل المداومة على الأعمال الصالحة كما جاء في في حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
((يا أيُّها الناسُ ، خُذوا مِن الأعمالِ ما تُطِيقُون ، فإن الله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا ، وإن أحبَ الأعمالِ إلى اللهِ ما دامَ وإن قلَّ))
قال ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى :{اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
قال : أن يطاع فلا يعصي ويذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر
3- بيان أن الله تعالى غني عن عباده فلو كان في حاجة إليهم لما ارتضى منهم العمل القليل مع مداومة العامل عليه
4- أن بدوام القليل تستمر الطاعة بالذكر والمراقبة والإخلاص والإقبال على الله و لا يحصل ذلك بالكثير المنقطع
5- ذكر في الآية الإنقطاع في سياق التعجب ذلك أن المنقطع بانقطاعه عن العمل كأنه يعلم الغيب فهو يرى أن أعماله قد قبلت فعلى الانسان امتثال أمر الله تعالى في قوله
{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}
6- أن العامل لا ينبغي أن يتكل على عمله في طلب النجاة ونيل الدرجات لأنه إنما عمل بتوفيق الله، وإنما ترك المعصية بعصمة الله، فكل ذلك بفضله ورحمته‏ .
و الله تعالى أعلم