المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسباب الإبتداع :: للعلّامة السلفي محدّث الشام الشيخ سليم بن عيد الهلالي ـ حفظه الله ـ


أم صفية السلفية
11-15-2012, 12:34 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


::: من أسبــاب الإبتـداع :::




1- الجهل بالسنة المطهرة وعلم مصطلع الحديث, بحيث لا يميزون بين الصحيح والضعيف, والسليم والسقيم, فتكثر الأحاديث الضعيفة والموضوعة, مثل :
بدعة وحدة الوجود تتوكأ على الحديث الذي لا أصل له : ( ما وسعتني سمائي ولا أرضي, ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن)
وبدعة النور المحمدي تقف على الحديث الموضوع المصنوع : ( أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر ) .


وبدعة خلق المخلوقات من أجل محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ تعتمد على الحديث الكذب : ( لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك) .


وخفي على واضعه الجاهل أن محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ لولا الخلق ما بعث, قال تعالى : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}


2- اتخاذ الناس رؤساً جهالاً يقومون بالفتوى والتعليم, ويقولون في دين الله بغير علم, حيث تكثر الاستحسانات التي قوامها ميل الأهواء واللآراء.
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إن الله لا يقبض العلم ينتزعه انتزاعاً من العباد, ولكن يقبض العلم بقبض العلماء, حتى إذ لم يبق عالماً, اتخذ الناس رؤساً جهالاً, فأفتوا بغير علم, فضلوا وأضلوا) .
وهذا من أشراط الساعة, كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر ) .

قال ابن المبارك رحمه الله : ( الأصاغر : أهل البدع ).
3- عادات وخرافات لا يدل عليها شرع, ولا يقرها عقل, مثل المآتم, وبدعة الزار, قال الشاعر :
ثلاثة تشقى بهن الدار العرس والمأتم ثم الزار
4- التقليد واعتقاد العصمة في الأئمة المجتهدين, أو إعطاء الشيوخ قداسة تقارب منازل الأنبياء.
5- اتباع المتشابه من الآيات والأحاديث ,قال تعالى : { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله }


وأسباب الابتداع على كثرتها راجعة إلى ثلاثة أمور هي :
أولاً : الجهل بمصادر الأحكام وبوسائل فهمها:
مصادر الأحكام الشرعية كتاب الله وسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما ألحق بهما من الإجماع والقياس.
والقياس لا برجع إليه في أحكام العبادات, لأن من أركانه أن يكون الحكم في الأصل معلولاً بمعنى يوجد في غيره, ومبنى العبادة على التعبد المحض والابتلاء الخالص.
ومداخل الخلل الناشئة من هذه الجهة, ترجع إلى الجهل بالسنة, وإلى الجهل بمرتبة القياس: أما الجهل بالسنة :
فيشمل الجهل بالأحاديث الصحيحة, والجهل بمكان السنة من التشربع.
وقد يترتب على الأول: إهدار الأحكام التي صحت بها أحاديث.
كما يترتب على الثاني: إهدار الأحاديث الصحيحة, وعدم الأخذ بها, وإحلال بدع مكانها لا يشهد لها أصل من التشريع.


وأما الجهل بمحل القياس في التشريع :
فقد نشأ عنه أيضاً أن قاس الناس من متأخري الفقهاء في العبادات, وأثبتوا به في الدين ما لم ترد به سنة ولا عمل, مع توفر الحاجة إلى عمله, وعدم المانع منه.
وأما الجهل بأساليب اللغة العربية :
فقد نشأ عنه أن فهمت بعض النصوص على غير وجهها, وكان ذلك سبباً في إحداث ما لا يعرفه الأولون.
ومن ذلك قول بعض الناس: إن حديث إذا سمعتم المؤذن, فقولوا مثلما يقول, ثم صلوا علي) يطلب الصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من المؤذن عقب الأذان, ولم يطلب منه أن تكون بغير كيفية الأذان, وهي الجهر, فدل على مشروعيتها بالكيفية المعروفة, ووجهوا دلالة الحديث على طلبها من المؤذن, بأن الخطاب في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لجميع المسلمين, والمؤذن داخل فيهم, أو بأن قوله ( إذا سمعتم ) يتناوله, لأنه يسمع نفسه!
وكلا التأولين جهل بأساليب اللغة في مثل هذا, فصدر الحديث لم يتناول المؤذن قطعاً, وآخره جاء على أوله, فلا يتناوله أيضاً.
وقد أجمع الأولون على أن معرفة ما يتوقف عليه فهم الكتاب والسنة من خصائص اللغة العربية شرط أساسي في جواز الاجتهاد ومعالجة النصوص الشرعية والاقتراب منها.
وأما الجهل بمرتبة القياس في مصادر التشريع, وهي التأخر عن السنة, فقد ترتب عليه أن قاس قوم مع وجود سنة ثابتة, وأبوا أن يرجعوا إليها, فوقعوا في البدعة.
والمتتبع لآراء الفقهاء يجد أمثلة كثيرة لهذا النوع, وأقربها ما قاله البعض من قياس المؤذن على المستمع في الصلا على النبي عليه الصلاة والسلام عقب الأذان, مع وجود السنة التركية التي قد علمت حكمها, وأنها مقدمة عل القياس, مع أن حديث : ( إذا سمعتم المؤذن) يدل بأسلوبه على اختصاص المستمعين بالصلاة عقب الأذان.




ثانيا: متابة الهوى في الأحكام:


قد يكون الناظر في الأدلة ممن تملكتهم الأهواء, فتدفعه إلى تقرير الحكم الذي يحقق غرضه, ثم يأخذ في تلمس الدليل الذي يعتمد عليه, ويجادل به.
وهذا في الواقع يجعل الهوى أصلاً تحمل الأدلة عليه, ويحكم به على الأدلة, وهو قلب لقضية التشريع, وإفساد اغرض الشارع من نصب الأدلة.
ومتابعة الهوى أصل الزيغ عن صراط الله المستقيم, { ومن أضل ممن يتبع الهوى بغير هدى من الله}
والواقع أنه بمتابعة الهوى: تكتسح الأديان, ويقتل كل خير.
والابتداع بالهوى أشد أنواع الابتداع إثماً عند الله, وأعظم جرماَ على الحق, فكم حرف الهوى من شرائع, وبد من ديانات, وأوقع الإنسا في ضلال مبين.


ثالثاً: تحسين الظن بالعقل في الشرعيات:
إن الله جعل للعقول حداً تنتهي في الإدراك إليه, ولم يجعل لها سبيلاًً إلى إدراك كل شيء.
فمن الأشياء ما لا يصل العقل إليه بحال, ومنها ما يصل إلى ظاهر منه دون اكتناه, وهي مع هذا القصور الذاتي لا تكاد تتفق في فهم الحقائق التي أمكن لها إدراكها, فإن قوى الإدراك ووسائله تختلف عند النظار اختلافاً كثيراً.
ولهذا; كان لابد فيما لا سبيل للعقول إدراكه, وفيما تختلف فيه الأنظار, من الرجوع إلى مخبر صادق يضطر العقل أمام معجزته إلى تصديقه, وليس سوى الرسول المؤيد من عند الله العليم بكل شيء, الخبير بما خلق.
وعل هذا الأصل, بعث الله رسله يبينون للناس ما يرضي خالقهم, ويضمن سعادتهم, ويجعل لهم حظاً وافراً في خيري الدنيا واللآخرة.
وأخيراً: هذه الأسباب التي أوردناها للابتداع, قد أحاط بأطرافها, وجمع أصولها, حديث: ( يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله, ينفون عنه تحريف الغالين, وانتحال المبطلين, وتأويل الجاهلين).

فتحريف الغالين: يشير إلى التعصب والتشدد.
وانتحال المبطلين: يشير إلى تحسين الظن بالعقل في الشرعيات, ومتابعة الهوى.
وتأويل الجاهلين: يشير إلى الجهل بمصادر الأحكام, وبأساليب فهمها من مصادرها.


المصدر \\ كتاب البدعة وأثرها السيئ على الأمة لمحدّث الديار الشامية الشيخ

أبي أسامة سليم بن عيد الهلالي ـ حفظه الله ـ



من هنا (http://www.salafi-poetry.net/vb/showthread.php?t=2766)