المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من الأسبابِ الدّافعةِ إلى عدم الإعتراف بالحقّ للعلامة عبد الرحمن المعلمي


الشاعر أبو رواحة الموري
07-28-2009, 07:52 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قال العلاّمةُ الشيخُ عبدُ الرّحمنِ بنُ يحي المعلميّ العُتميّ اليماني رحمه الله (1)،متكلّمًا عن الأسبابِ الدّافعةِ إلى عدم الإعتراف بالحقّ بعد علمِه و تبيُّنِه ، وعن بواعثِ التّمادي على الباطلِ:

الدّينُ على درجاتٍ : كفٌّ عمّا نهُي عنه ، و عملٌ بما أُمر به ، و اعترافٌ بالحقّ ، واعتقادٌ له وعلمٌ به . ومخالفةُ الهوى للحقِّ في الكفّ واضحةٌ ، فإنّ عامَّة ما نهي عنه شهواتٌ و مستلذّاتٌ ،
و قد لا يشتهي الإنسانُ الشّيءَ مِنْ ذلكَ لذاته ، ولكنّه يشتهيهِ لعارضٍ . و مخالفةُ الهوى للحقّ في العمل واضحةٌ ، لما فيه من الكُلفة و المشقّةِ.

و مخالفةُ الهوى للحقِّ في الإعترافِ بالحقّ من وجوهٍ:(2)
الوجه الأوّلُ
: أنْ يرى الإنسانُ أنّ اعتراف بالحقّ يستلزمُ اعترَافَه بأنّه كان على باطلٍ (3) ، فالإنسان يَنشأُ على دينٍ أو اعتقادٍ أو مذهبٍ أو رأيٍ يتلقّاهُ من مربّيهِ ومعلّمهِ على أنّه حقٌّ ، فيكون عليه مدّةً ، ثمّ إذا تبيّن له أنّه باطلٌ شقَّ عليه أن يعترفَ بذلكَ ، وهكذا إذا كان آباؤه أو أجداده أو متبوعُه على شيءٍ ، ثمّ تبيّن له بطلانُه ، و ذلك أنه يرى أنّ نقصَهم مستلزمٌ لنَقصِه ،فاعترافُه بضلالهم أو خطأِهم إعترافٌ بنقصه ، حتى إنّك لترى المرأةَ في زماننا هذا إذا وقفتْ على بعض المسائلِ التي كان فيها خلافٌ بين أمّ المؤمنين عائشةَ و غيرِها منَ الصّحابة ، أخذتْ تحامي عن قولِ عائشةَ ، لا لشيءٍ ، إلا لأنّ عائشَةَ امرأةٌ مثلُها ، فتتوهّمُ أنّها إذا زعمت أنّ عائشة أصابتْ وأنّ مَنْ خالفها من الرّجالِ أخطأوا ، كان في ذلك إثباتُ فضيلة لعائشة على أولئك الرّجال ، فتكون تلك الفضيلةُ فضيلةً للنّساء على الرّجال مطلقًا ، فينالها حظٌّ من ذلك ، و بهذا يلوحُ لك سرُّ تعصّبِ العربي للعربي ، و الفارسي للفارسي ، و التركي للتركي ، وغير ذلك .حتى لقد يتعصّبُ الأعمى في عصرنا هذا للمَعَرّي!.

الوجهُ الثّاني :
أنْ يكونَ قدْ صارَ لهُ في الباطلِ جاهٌ وشهرةٌ ومعيشةٌ ، فيشقُّ عليه أن يَعترفَ بأنّه باطلٌ فتذهبُ تلك الفوائدُ.

الوجه الثالثُ :
الكِبْرُ ، يكونُ الإنسان على جهالةٍ أو باطلٍ ، فيجيءُ آخَرُ فيبيّنُ له الحُجّةَ ، فيرى أنّه إن اعترف كان معنى ذلك اعترافُه بأنّه ناقصٌ ، و أنّ ذلك الرّجلَ هو الذي هداهُ ، ولهذا ترى من المنتسبينَ إلى العلم من لا يشقُّ عليه الإعترافُ بالخطأ إذا كان الحقُّ تبيّنَ له ببحثه ونظره ،
ويشقُّ عليه ذلك إذا كان غيرُه هو الذي بيّنَ له .

الوجهُ الرابعُ :
الحسدُ ، وذلك إذا كان غيرُه هو الذي بيّن الحقَّ فيرى أنّ اعترافَه بذلك الحقِّ يكون اعترافًا لذلك المُبيِّنِ بالفضل والعلم والإصابةِ ، فيَعْظُم ذاك في عيون النّاس ، ولعلّه يتبَعه كثيرٌ منهم ، وإنّ لتجدُ(4)منَ المنتسبينَ إلى العلم من يحرصُ على تخطئةِ غيره من العلماءِ ولو بالباطل ،حسدًا منه لهم ، ومحاولةً لحطِّ منزلتهم عندَ النّاسِ.

--------------------------

(1)في كتابه : " القائدُ إلى تصحيحِ العقائدِ " [ بتحقيق الشيخ الألباني رحمه الله
و نشر المكتب الإسلامي ،ط 3 ، 1404]

( 2)أي : عدم اعتراف صاحب الهوى بالحقّ يكون من أسباب.
(3) :كذا في الأصل ، ولعلّ الصوّاب : أن يرى الإنسان أنّ اعترافه بالحقّ ...

(4) : كذا ، و الصّواب : و إنّك لتجد...
--------------------------

أبو البراء محمد بن رمضان
07-29-2009, 10:36 PM
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

أكرم بن نجيب التونسي
05-24-2010, 12:38 PM
كلام نفيس جزاكم الله خيرا وبارك فيكم يا شاعر السنة على هذا النقل