المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل هذا شرط في التبديع أم شرط في التكفير يا علي الحلبي؟


عبدالله الخليفي
07-04-2012, 01:09 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد :

قال علي الحلبي في لقاء له بعنوان ( الضوابط العقدية والمنهجية في الولاء والبراء ) :" فهذا الذي يجحد الحق مع تيقنه به ابتغاء العلو وابتغاء الرفعة في الأرض فهذا يستحق أن يهجر وأن يزجر وأن يحذر منه وأن يعادى وأن يتبرأ منه ومن أفعاله "

أقول : اشتراط علي الحلبي أن يتيقن جحود المخالف حتى يتم تبديعه وهجره ويحذر منه ،شرط محدث بل ظاهره التسوية بين البدعة المفسقة والبدعة المكفرة

قال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر :" أو فسقِهِ: أي: بالفعل أو القول، مما لم يَبْلُغ الكفر. وبينه وبين الأوَّلِ عموم، وإنما أُفْرِدَ الأوَّلُ لكون القدْحِ به أشدَّ في هذا الفن، وأما الفسق بالمعتقد فسيأتي بيانه.
6- أو وَهْمِهِ: بأن يَرْوِي على سبيل التوهمِ.
7- أو مخالفتِهِ، أي للثقات.
8- أو جهالتِهِ: بأن لا يُعْرَفَ فيه تعديلٌ ولا تَجْرِيحٌ مُعَيَّنٌ.
9- أو بدعتِهِ: وهي اعتقاد ما أُحْدِثَ على خِلاف المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا بمعاندةٍ، بل بنوعِ شُبْهَةٍ"
فاشترط الحافظ في المبتدع بدعة مفسقة ألا يكون ( معانداً ) لأن المعاند للشرع (كافر )

وعلى تأصيل الحلبي يكون المبتدع بدعة مفسقة لا يهجر ، ولا يحذر منه ولا يوالى ولا يعادى عليه ، ولا يتبرأ منه ومن أفعاله

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (13/ 361):
"و فِي الْجُمْلَةِ مَنْ عَدَلَ عَنْ مَذَاهِبِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَفْسِيرِهِمْ إلَى مَايُخَالِفُ ذَلِكَ كَانَ مُخْطِئًا فِي ذَلِكَ بَلْ مُبْتَدِعًا وَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا مَغْفُورًا لَهُ خَطَؤُه"

أقول: فسماه (مبتدعاً) مع وجود العذر والتأويل ، وهذا يقيناً لا نتيقن معاندته

بل صرح شيخ الإسلام بوقوع العقوبة على داعية البدعة المتأول حفاظاً على الشريعة العامة

فقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما مجموع الفتاوى (10/ 376):"وكذلك يجوزقتال البغاة وهم الخارجون على الإمام أو غير الإمام بتأويل سائغ مع كونه معدولاً ومع كوننا ننفذ أحكام قضائهم ونسوغ ما قبضوه من جزية أو خراج أو غير ذلك إذ الصحابة لا خلاف فى بقائهم على العدالة أن التفسيق انتفى للتأويل السائغ وأما القتال فليؤدوا ما تركوه من الواجب وينتهوا عما ارتكبوه من المحرم وان كانوا متأولين

وكذلك نقيم الحد على من شرب النبيذ المختلف فيه وان كانوا قوما صالحين فتدبر كيف عوقب أقوام في الدنيا على ترك واجب أو فعل محرم بين في الدين أو الدنيا وانكانوا معذورين فيه لدفع ضرر فعلهم فى الدنيا كما يقام الحد على من تاب بعد رفعه إلى الإمام وان كان قد تاب توبة نصوحا وكما يغزو هذا البيت جيش من الناس فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خسف بهم وفيهم المكره فيحشرون على نياتهم وكما يقاتل جيوش الكفار وفيهم المكره كأهل بدر لما كان فيهم العباس وغيره وكما لو تترس الكفار بمسلمين ولم يندفع ضرر الكفار إلا بقتالهم فالعقوبات المشروعة والمقدورة قد تتناول فى الدنيا من لا يستحقها في الآخرة وتكون في حقه من جملة المصائب كماقيل في بعضهم القاتل مجاهدوالمقتول شهيد وعلى هذا فما أمر به آخر أهل السنة من أن داعية أهل البدع يهجر فلايستشهد ولا يروى عنه ولا يستفتى ولا يصلى خلفه قد يكون من هذا الباب فان هجرة تعزيرله وعقوبة له جزاء لمنع الناس من ذلك الذنب الذى هو بدعة أو غيرها وإن كان في نفس الأمر تائباً أو معذوراً إذ الهجرة مقصودها أحد شيئين إما ترك الذنوب المهجورة وأصحابها وأما عقوبة فاعلها ونكاله "

فنص على هجره وتركه ، عن عامة أهل السنة وإن كان متأولاً ، ولا زال أئمة أهل السنة يحذرون من أهل البدع ، إذا كانوا دعاةً بشرط أن يكونوا دعاةً فقط

ثم علي الحلبي لا يراعي الهجر الوقائي الذي يراد منه مصلحة الهاجر ، فهذا يهجر كل من كان يضره سواءً كان معانداً أو متأولاً
وقال أبو محمد ابن أبي زيد القيرواني في كتاب الجامع ص121: " ومن قول أهل السنة: أنه لا يعذر من أداه اجتهاده إلى بدعة لأن الخوارج اجتهدوا في التأويل فلم يعذروا "

أقول: وهذا يحمل على التعامل الدنيوي، ومن كانت بدعته كبدعة الخوارج بدليل تمثيله بالخوارج والله أعلم


وقال ابن رجب شرح علل الترمذي ص 363:" والمانعون من الرواية لهم مأخذان:
أحدهما: تكفير أهل الأهواء أو تفسقيهم، وفيه خلاف مشهور.
والثاني: الإهانة لهم والهجران والعقوبة بترك الرواية عنه، وإن لم نحكم بكفرهم أو فسقهم.
ولهم مأخذ ثالث: وهو أن الهوى والبدعة لا يؤمن معه الكذب، ولاسيما إذا كانت الرواية مما تعضد هوى الراوي "

أقول: فتأمل كيف حكى إيقاع العقوبة عليهم مع عدم تكفيرهم وتفسيقهم

واشتراط علي الحلبي لمن يهجر أن تتحقق معاندته ، يخالفه هجر النبي صلى الله عليه وسلم للثلاثة الذين خلفوا

قال العلامة عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين كما في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (1/685) :" وكذا إذا رأينا من ظاهره الخير، لكن رأيناه يألف الفسقة، أو أهل البدع والضلال، قلنا هذه خصلة سوء يتهم بها، وإن قال سريرته حسنة، نقل أبو داود، عن الإمام أحمد رحمه الله، في الرجل يمشي مع المبتدع، لا تكلمه; ونقل غيره إذا سلم على المبتدع فهو يحبه.
وقال أحمد رحمه الله: إنما هجر النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة، لأنه اتهمهم بالنفاق، فكذلك كل من خفنا عليه، وهذا الذي ينكر وجود النفاق، سببه: عدم معرفة الإسلام وضده; وحقيقة النفاق: إظهار الخير وإسرار ضده"

وقال العلامة محمد بن عمر بن سليم كما في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (1/ 762) :" فقائل الكلام الذي ذكرتم يتهم بكلامه هذا ويخاف عليه من النفاق فلو هجر هذا القائل كان هجره عندي مناسباً بشرط أن يكون في هجره مصلحة
قال الإمام أحمد _ رضي الله عنه _ : إنما هجر النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة لأنه اتهمهم بالنفاق فكذا كل من خفنا عليه "

ثم إن ظهور الجحود والعناد أمرٌ نسبي اجتهادي حتى عند الحلبي نفسه ، فإذا ( اجتهدنا ) وقلنا أن الذين يزكيهم الحلبي ظهر جحودهم وعنادهم فمن يزكيهم مبتدع مثلهم ، لم يكن ذلك خارجاً عن حيز ( المسائل الاجتهادية )

ويصير تبديع الحلبي ( مسألة اجتهادية ) ، وخلافنا في الحلبي لا يكون خلافاً بيننا

قال الإمام مسلم 1 - (8) حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ - وَهَذَا حَدِيثُهُ - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ - أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ - فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ، وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ، قَالَ: «فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي»، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ «لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ

فهذا ابن عمر تبرأ منهم ومن قولهم ولم يتيقن جحودهم

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم