المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذكر الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى شبهةً يوردها المشركون، ويُلقَّنها من يُلقَّنها من عوام المشركين،


أم جمانة السلفية
04-08-2012, 12:12 AM
مسألة كرامات الأولياء-هذه شبهة من كتاب كشف الشبهات للشيخ محمد بن عبد الوهاب يوردها المشركون، ويُلقَّنها من يُلقَّنها من عوام المشركين، ومن المتعلمين عندهم، وهذه المسألة: هي مسألة كرامات الأولياء،
يقول رحمه الله :

وَإِنْ قَالَ:
{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}[يونس: 62].
فَقُلْ: هَذَا هُوَ الحَقُّ، وَلَكِنْ لا يُعْبَدُونَ، وَنَحْنُ لا نُنْكِرُ إِلاَّ عِبَادَتَهُمْ مَعَ اللهِ، وَإِشْرَاكَهُمْ مَعَهُ، وَإِلاَّ فَالْوَاجِبُ عَلَيْكَ حُبُّهُمْ وَاتِّبَاعُهُمْ وَالإِقْرَارُ بِكَرَامَاتِهِمْ، وَلا يَجْحَدُ كَرَامَاتِ الأَوْلِياءِ إِلاَّ أَهْلُ البِدَعِ وَالضَّلالاتِ، وَدِينُ اللهِ وَسَطٌ بَيْنَ طَرَفَيْنِ، وَهُدىً بَيْنَ ضَلالَتَيْنِ، وَحَقٌّ بَيْنَ بَاطِلَيْنِ.
شرح الشبهة العاشرة للشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله [(وإن قال: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} فقل هذا هو الحق،...) ]

ذكر الإمام رحمه الله تعالى مسألة جديدة، يوردها المشركون، ويُلقَّنها من يُلقَّنها من عوام المشركين، ومن المتعلمين عندهم، وهذه المسألة: هي مسألة كرامات الأولياء، فإن عُبَّاد الأموات، وعباد غير الله -جل وعلا- في الأعصر المتأخرة يُروِّجون كرامات الأولياء ليدلّوا الناس بذلك على أن هذا الولي الذي صار له من الكرامات كذا وكذا، أنه يستحق أن يدعى، وأن يستشفع به، وأن يستنصر به، وأن يستعاذ به، وأن يتوكل عليه، إلى آخر أنواع العبادة.فجعلوا حصول الكرامات ورؤية من رأى هذه الكرامات، والإقرار بذلك، وأن أهل السنة يقرون بكرامات الأولياء، جعلوا ذلك سلماً لدعوة الناس لعبادة غير الله جل وعلا، وهذه حجة كثيراً ما يرددها الخرافيون؛ فينبغي لأهل التوحيد وللدعاة إليه أن يقفوا عند هذه الشبهة كثيراً، وهذا الوقوف بينه الشيخ -رحمه الله تعالى- أتم بيان، فقال: (وإن قال: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} فقل: هذا هو الحق، ولكن لا يُعبدون) يعني: أن قوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} رُتِّب آخره على أوله فجعل الأولياء لهم كرامة، وهذه الكرامة هي أنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.فالولي - ولي الله جل وعلا - الذي حقق الولاية بالإيمان والتقوى لا خوف عليه ولا يحزن، وهذا ظاهر الآية، ودل ذلك على أن هؤلاء لهم منزلة خاصة عند أهل الإيمان بل عند الله جل وعلا، وهذه المنزلة إنما هي لأجل إيمانهم ولأجل تقواهم، لهذا قال بعدها في وصف الأولياء: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}.ففي الآية التي ساقها الشيخ ذِكْر الأولياء، وذكْر أنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وهذه يحتج بها كل من يعبد غير الله جل وعلا، ويحتجون بها على أن الولي له ما ليس لغيره، فماذا يصنع الموحد لجواب هذه الشبهة؟
-فإذا قال لك: (هذا ولي من أولياء الله) فلو كان عندك ليس بولي بل نقل عنه العلماء ونُقل في التراجم أنه كان يترك الصلاة، وأنه كان يقول كلمات كفرية، أو لم يكن صالحاً، أو كان كافراً إلى آخره، فلا تذهب إلى هذا؛ لأن مصير هذا الرجل عند الله جل وعلا، ولكن اذهب إلى الحق المطلق وهو أن الولي يَعبد ولا يُعبد، وأن الكرامات التي أعطيها الولي له وليست لغيره، وهذا هو الذي بينه الإمام -رحمه الله- هنا.
فقال: (فقل هذا هو الحق) يعني: أن الأولياء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.(ولكن لا يعبدون) يعني: أن الأولياء في الآية لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأنهم الذين آمنوا وكانوا يتقون، وأن لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، لم يذكر أنهم يُعبدون، بل في آيات أخر بين أن من اتخذ ولياً من دون الله فقد ضل وخسر خسراناً مبيناً؛ كما قال جل وعلا: {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا} وكقوله جل وعلا: {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً} يعني: أن المردَّ ليس هو إلى كونه ولياً أو غير ولي، المردُّ أن العبادة لله -جل وعلا- وحده.
قال سبحانه: {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}فهذه الآية قد تنفع أهل التوحيد في الاحتجاج على أهل الشرك في أن الله -جل وعلا- ذكر أن الأولياء لا يُتخذون من دونه {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} يعني: فيكون {مِنْ دُونِهِ} يعني: من دونه في العبادة أولياء فجعلتم الأولياء معبودين، وهذا وإن كان ليس هو من تفسيرها الصحيح ولكنها حجة في رد الاحتجاج بلفظ الأولياء على العبادة، وإلا فمن المعلوم أن قوله تعالى: {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} لا يقصد به فلان الولي وإنما يقصد به الوَلاية يعني النصرة والمودة وأشباه ذلك، لكن هذه الآية وأشباهها في القرآن يحتج بها على إبطال التعلق بلفظ الأولياء.
والشيخ رحمه الله هنا قال: (فقل هذا هو الحق، ولكن لا يعبدون) يعني: أن الآية دلت على أن هؤلاء الأولياء لهم الكرامة، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولكن ليس في الآية أنهم يُعبدون ولا أنهم يستغاث بهم، ولا أنهم يدعون من دون الله جل وعلا.
قال بعد ذلك: (ونحن لم نذكر إلا عبادتهم مع الله وشركهم معه) جل وعلا.يعني: أننا لم نتكلم معك في أن هذا ليس بولي، وليس بصالح، وليس له كرامات، بل له كرامات وهو ولي وهو كذا وكذا، لكن ليس معبوداً مع الله جل وعلا.ونحن لم نناقشك في شأنه بل شأنه وكرامته إن حصلت له - والأمر غيـبي - فهو عند الله جل وعلا، ولا يُدرى بماذا خُتم له؟ لكن إن كان مات على الولاية فهو عند الله -جل وعلا- له مقام الأولياء، ونحن لم نتكلم معك في شأن وَلايته هل هو ولي أو ليس بولي؟ إنما الكلام في أنه هل يستحق أن يعبد، هل هو يشرك به مع الله بهذه الأفعال التي تفعلونها أم لا؟فهذا يجعل الموحد منصفاً ويجعله صاحب برهان جيد وواضح، ويجعله أيضاً حاذقاً بألاَّ يجره الخصم إلى ميدان معركة يصرفه فيها عن الحق.مثل مرة أتاني بعض الإخوة وقال: هناك رجل من بعض البلاد الأفريقية يريد أن يبحث بعض الأمور، وأنا ذكرت له أن يأتيك، فجاءني وذكرت له بعض المسائل في التوحيد وتعريف التوحيد، والعبادة وكلام أهل العلم في الشرك، إلى آخره بكلام مطول.فقال: الذي كرَّه الذين يدعون إلى التوحيد في بلادنا، هو أنهم ينشرون في الناس أن هؤلاء الذين يتعلقون بهم أنهم ليسوا بصالحين، وليسوا بأولياء بل هؤلاء الأموات منهم المشرك ومنهم الكافر ومنهم الذي كان يفعل كذا ويفعل الموبقات، فينشرون أشياء عنهم لا يمكن أن نقبل حمية لهم ولهؤلاء الأولياء لا نقبل أن يتكلم أحد فيهم، فأخذتنا الحمية لهم عن سماع ما عند هؤلاء من الكلام في التوحيد.


وهذه في الحقيقة أفادت كثيراً مع أنها واضحة في (كشف الشبهات) لكن أفادت من حيث التطبيق، فإن الذي ينبغي على طالب العلم أن يكون صبوراً في دعوته، وألا يستجره الخصوم إلى ميدان ليس هو ميدان الدعوة، بل يركز على الأصل الذي دعا الناس إليه.أما الكلام في فلان وهل هذا كان ولياً أو ليس بولي، صالح أوليس بصالح ليس الكلام في هذا، أولياء الله -جل وعلا- عندنا لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولهم الكرامات، ولكن الكلام أنه هل يجعل الولي معبوداً مع الله؟ هل يدعى الولي؟ هل يستغاث بالولي؟ هل يذبح للولي؟وإلا فلا شك أن الولي له المقام عند الله -جل وعلا- إذا ختم له بخير.وهذا يجعل الموحد يحتج بحجة واضحة ولا ينساق بعاطفته إلى إثبات شيء أو إبطاله لا صلة له بمحض الحق، أو ربما يكون هذا متأخراً من حيث الاحتجاج.
قال: (فقل هذا هو الحق ولكن لا يعبدون ونحن لم نذكر إلا عبادتهم مع الله وشركهم معه).وهنا لو قال: كيف أُشرك بهم؟ هل عُبدوا؟ لم يُعبدوا، ترجع إلى المسائل التي مرت في الدرس الماضي بتفصيلاتها.
قال: (وإلا فالواجب عليك حبهم واتباعهم والإقرار بكراماتهم) الواجب علينا جميعاً حب أولياء الله -جل وعلا- إجمالاً وتفصيلاً، فيمن علمنا أنه من أهل الإيمان والتقوى، واتباعهم على ما هم عليه من العمل، ولأنهم لم يكونوا أولياء إلا باتباع محمد عليه الصلاة والسلام، فلهذا نتبعهم فيما به صاروا أولياء، فنحب نبينا عليه الصلاة والسلام، ونتبع سنته، ونحكم ما جاء فيها على مرادات القلب وعلى الظاهر وعلى المقامات والأحوال التي تعرض.(والإقرار بكراماتهم) يعني: الواجب أن نقر بكرامات الأولياء؛ لأنه لا يجحد كرامات الأولياء إلا أهل البدع والضلال.
وذكرنا لك في الكلام على (الواسطية) معنى كرامات الأولياء، ومن هو الولي؟، وما شروط الولاية؟ ومذهب أهل السنة في كرامات الأولياء، والمذاهب في ذلك.فقول الشيخ رحمه الله: (ولا يجحد كرامات الأولياء إلا أهل البدع والضلال).يعني بهم الخوارج والمعتزلة، فإنهم الذين ينكرون كرامات الأولياء، كما سبق.
قال: (ودين الله وسط بين طرفين) هذا بعامة، دين الله وسط بين الغالي والجاف، الإسلام وسط ما بين غلو النصارى وما بين جفاء اليهود، وأهل السنة وسط ما بين الفرق، ما بين الخوارج والمرجئة، وما بين المجسمة والمعطلة، وما بين الطوائف المختلفة في هذا الباب، في الإيمان وفي أسماء الله -جل وعلا- وصفاته، وفي الأسماء والأحكام، وفي الصحابة، وفي أمهات المؤمنين وفي الفتن، إلى آخره، أهل السنة أيضاً وسط؛ لأن دين الله جل وعلا وسط.قال: (وهدى بين ضلالتين وحق بين باطلين) أشار بذلك إلى أن مسألة الأولياء منهم من غلا فيها فجعل الولي ينازع الله في الألوهية أو له نصيب من الألوهية، كقول غلاة الصوفية والباطنية وطوائف جعلوا الولي له شيء من خصائص الألوهية، بل جعلوا الولي يفوض إليه شيء من الربوبية والعياذ بالله، فهذا الجهة الغالية.والجهة الجافية كالخوارج والمعتزلة الذين أنكروا كرامات الأولياء، وذكرنا لكم أنهم أنكروا كرامات الأولياء حتى لا تشتبه حجج الأنبياء والآيات والبراهين والمعجزات التي أعطيها الأنبياء بكرامات الأولياء.



-أهل السنة يقرون بأن الأولياء لهم كرامات.



- وأنهم مُكرَّمون عند الله.
- وأن لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، كما أخبر الله -جل وعلا- بذلك عنهم، لكن لا نغلو في ذلك فنجعل لهم صفات ليست في البشر، ولا نجفوا عنهم وننكر كراماتهم، بل نحن وسط بين الجافين والغالين.فهم يَعبدون ولا يُعبدون، ويُرزقون ولا يرَزقون،ويدعونه جل وعلا رغباً ورهباً وكانوا له -جل وعلا- خاشعين، ويدعون الناس إلى محبته جل وعلا، وإلى توحيده، وإلى نصرته، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عن نفسه أن أصحابه وقعوا مرة في دمشق ومرة في خارجها في شدة فظهر لهم الشيطان في صورة شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: أتحتاجون شيئاً ؟ أأنصركم؟ فمنهم من طلب منه، فلما ذكروا ذلك لشيخ الإسلام ظن بعضهم أنه كان في دمشق وأنه جاءهم فقال: لا، أنا لم أبرح مكاني وهذا شيطان عرض لكم ليوقعكم في الشرك.وإذا تأملت إلى سيرة الأولياء الصالحين من الصحابة فمن بعدهم ومن آل البيت وجدتهم جميعاً ينكرون الشرك بالله جل وعلا، ويأمرون أتباعهم بالإخلاص - إخلاص الدين- لله، واتباع السنة، وعدم مخالفة الكتاب والسنة، والرغب فيما عند الله وحده، وأن لا يعظم البشر كتعظيم الله -جل وعلا- التعظيم الذي لا يجوز له.فمن جمع كلام الأولياء في التوحيد وجد أنهم أقاموا الحجة على من اقتدى بهم أو من اتبعهم.
ومعلوم أن الفرق الصوفية والطرق المختلفة بَنَت كل طريقة على أقوال شيخ لها اعتقدوه ولياً، فأخذوا كلامه، فيناسب الموحد في البلد الذي يكون فيها طائفة من هذه الطوائف الصوفية أو الطريقة أن يجمع كلمات هذا في مؤلف وينشرها بينهم؛ لتكون حجة على من أخذ بطريقة هذا الشيخ، فمثلاً: في البلاد التي فيها عبد القادر الجيلاني، عبد القادر له كتب طيبة، (الغُنية) وغيرها و(الفتوحات) كتب فيها التوحيد وفيها الأمر بعبادة الله وحده، فلو استخرجت لكان في ذلك حجة على أقوامهم.شيخ الإسلام ابن تيمية هو الذي لفت النظر إلى هذه الطريقة حيث كتب (الرسالة السُّنية) المعروفة المسماة (بالوصية الكبرى لأتباع عدي بن مسافر)وعدي بن مسافر يغلو أصحابه فيه، وطائفته يقال لهم: العدوية في الشام، كذلك نقل عن أحمد الرفاعي كلمات في الأمر بالسنة والنهي عن البدع والنهي عن الشرك.فيحسن أن تكون طريقة الداعية في البلد أن يجمع كلام هؤلاء الأولياء - إذا كانوا بحق أولياء - ويقول للناس: هذا كلام الأولياء في التوحيد، فهذا فيه حجة في هذه المسألة، ويعطي الحقيقةَ المخالف أننا نحب أولياء الله بعامة، وأننا نتولاهم ولا نرد كل ما يقولون، وإنما نرد ما خالفوا فيه الحق فقط.(منقول للفائدة)http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=278