المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نونية ابن القيم الشافية الكافية البديعة


زكريا عبدالله النعمي
04-29-2011, 09:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :

فقد قرات مشاركة للشاعر الكبير أبي رواحة الموري
وفيها انه يطلب تنزيل نونية ابن القيم الشافية الكافية البديعة
وايضا معه الأخ العزيز يونسي

وبإذن الله الواحد الأحد
سيتم انزالها على مقاطع حتى النهايه إن أحيانا الله
في البداية انزلتها في المرفقات بصيغة bdf

تنبيه بسيط : أرجو من كل من استفاد منها أن لا يحرمني من الدعاء الصالح


الموضوع من جهدي الشخصي
ولا أجعل في حل كل من نقل منها شيئا الى المنتديات الاخرى
دون الإحالة الى منتدانا المبارك
أخوكم زكريا عبدالله
وجزاكم الله خيرا

زكريا عبدالله النعمي
04-29-2011, 10:10 PM
خطبة القصيدة النونية للامام ابن القيّم

الحمد لله الذي شهدت له بربوبيته جميع مخلوقاته،
وأقرت له بالعبودية جميع مصنوعاته،
وأدت له الشهادة جميع الكائنات أنه الله الذي لا إله إلا هو بما أودعها من لطيف صنعه وبديع آياته، وسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، ولا اله الا الله الأحد الصمد الذي لا شريك له في ربوبيته ولا شبيه له في افعاله ولا في صفاته ولا في ذاته والله أكبر عدد ما أحاط به علمه وجرى به قلمه ونفذ فيه حكمه من جميع برياته، ولا حول ولا قوة الا بالله تفويض عبد لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، بل هو لله والى الله في مبادئ أمره ونهاياته، وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا صاحبة ولا ولد ولا والد له، ولا مفؤ له الذي هو كما أثني على نفسه وفوق ما يثني عليه أحد من جميع برياته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من بريته، وسفيره بينه وبين عباده وحجته على خلقه، ارسله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا الى الله بإذنه وسراجا منيرا، أرسله على حين فترة من الرسل وطموس من السبل، ودروس من الكتب، والكفر قد اظطرمت ناره وتطايرت في الآفاق شراره، وقد استوجب أهل الأرض أن يحل بهم العقاب، وقد نظر الجبار تبارك وتعالى اليهم فمقتهم، عربهم وعجمهم، الا بقايا من أهل الكتاب. وقد استند كل قوم الى ظلم آرائهم وحكموا على الله سبحانه وتعالى بمقالاتهم الباطلة وأهوائهم، وليل الكفر مدلهم ظلامه، شديد قتامه، وسبل الحق عافية آثارها مطموسة اعلامها، ففلق الله سبحانه بمحمد صلى الله عليه وسلم صبح الايمان، فأضاء حتى ملأ الآفاق نورا، وأطلع به شمس الرسالة في حنادس الظلم سراجا منير، فهدى الله به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وبصر به من العمى وارشد به من الغيّ، وكثر به بعد القلة، وأعز به بعد الذلة، وأغنى به بعد العيلة، واستنقذ به من الهلكة، وفتح به أعينا عميا وآذانا صمّا وقلوبا غلفا، فبلّغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمّة وجاهد في الله حق جهاده وعبد الله حتى أتاه اليقين من ربه وشرح الله له صدره، ورفع له ذكره ووضع عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، وأقسم بحياته في كتابه المبين، وقرن اسمه باسمه فإذا ذكر ذكر معه كما في الخطب والتشهد والتأذين، فلا يصح لأحد خطبة ولا تشهد ولا أذان ولا صلاة حتى يشهد أنه عبده ورسوله شهادة اليقين، وصلى الله وملائكته وأنبياؤه ورسله وجميع خلقه عليه، كما عرفناه بالله وهدانا اليه، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فإن الله جلّ ثناؤه وتقدست أسماؤه إذا أراد أن يكرم عبد بمعرفته ويجمع قلبه على محبته شرح صدره لقبول صفاته العلى وتلقيها من مشكاة الوحي، فإذا ورد عليه شيء منها قابله بالقبول وتلقاه بالرضا والتسليم وأذعن له بالانقياد فاستنار به قلبه واتسع له صدره وامتلأ به سرورا ومحبة، فعلم أنه تعريف من تعريفات الله تعالى تعرف به على لسان رسوله، فأنزل تلك الصفة من قلبه منزلة الغذاء، أعظم ما كان اليه فاقة ومنزلة الشفاء أشد ما كان اليه حاجة، وسكن اليها قلبه، فجال من المعرفة في ميادينها، وأسام عين بصيرته في رياضها وبساتينها لتيقنه بأن شرف العلم تابع لشرف معلومه، ولا معلوم أعظم وأجل ممن هذه صفته، وهو ذو الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأن شرفه أيضا بحسب الحاجة اليه، وليست حاجة الأرواح قط الى شيء أعظم منها الى معرفة باريها وفاطرها ومحبته وذكره والابتهاج به، وطلب الوسيلة اليه والزلفى عنده، ولا سبيل الى هذا الا بمعرفة أوصافه وأسمائه، فكلما كان العبد بها أعلم كان بالله أعرف وله أطلب واليه أقرب، وكلما كان لها أنكر كان بالله أجهل واليه أكره ومنه أبعد، والله تعالى ينزل العبد من نفسه حيث ينزله العبد من نفسه، فمن كان لذكر أسمائه وصفاته مبغضا، وعنها نافرا منفرا، فالله له أشد بغضا، وعنه أعظم اعراضا، وله أكبر مقتا، حتى تعود القلوب الى قلبين: قلب ذكر الأسماء والصفات قوته وحياته ونعيمه وقرة عينه، لو فارقه ذكرها ومحبتها لحظة لاستغاث، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فلسان حاله يقول:
يراد من القلب نسيانكم ××× وتأبى الطباع على الناقل
ويقول:
وإذا تقاضيت الفؤاد تناسيا ××× ألفيت أحشائي بذاك شحاحا
ويقول:
إذا مرضنا تداوينا بذكركم ××× فنترك الذكر أحيانا فننتكس
ومن المحال أن يذكر القلب من هو محارب لصفاته نافر عن سماعها معرض بكليّته عنها زاعم أن السلامة في ذلك. كلا والله ان هو الا الجهالة والخذلان، والاعراض عن العزيز الرحيم، فليس القلب الصحيح قط الى شيء أشوق منه الى معرفة ربه تعالى وصفاته وأفعاله وأسمائه، ولا افرح بشيء قط كفرحه بذلك وكفى بالعبد عمى وخذلانا أن يضرب على قلبه سرادق الاعراض عنها والنفرة والتنفير والاشتغال بما لو كان حقا لم ينفع الا بعد معرفة الله والايمان به وبصفاته وأسمائه.
والقلب الثاني قلب مضروب بسياط الجهالة، فهو عن معرفة ربه ومحبته مصدود، وطريق معرفة أسمائه وصفاته كما أنزلت عليه مسدود، قد قمش شبها من الكلام الباطل وارتوى من ماء آجن غير طائل تعج منه آيات الصفات وأحاديثها الى الله عجيجا، وتضج منه الى منزلها ضجيجا بما يسومها تحريفا وتعطيلا ويؤول معانيها تغييرا وتبديلا، وقد أعد لدفعها أنواعا من العدد وهيأ لردها ضروبا من القوانين وإذا دعي الى تحكيمها أبى واستكبر وقال: تلك أدلة لفظية لا تفيد شيئا من اليقين، قد أعد التأويل جنة يتترس بها من مواقع سهام السنة والقرآن وجعل اثبات صفات ذي الجلال تجسيما وتشبيها يصد به القلوب عن طريق العلم والايمان، مزجي البضاعة من العلم النافع الموروث عن خاتم الرسل والأنبياء ولكنه مليء بالشكوك والشبه، والجدال والمراء، خلع عليه كلام الباطل خلعه الجهل والتجهيل، فهو يتعثر باذيال التفكير لأهل الحديث، والتبديع لهم والتضليل، قد طاف على أبواب الآراء والمذاهب يتكفف أربابها، فانثنى بأخسر المواهب والمطالب، عدل عن الأبواب العالية الكفيلة بنهاية المراد وغاية الاحسان، فابتلى بالوقوف على الأبواب السافلة الملآنة بالخيبة والحرمان، وقد لبس جلة منسوجة من الجهل والتقليد والشبهة والعناد، فإذا بذلت له النصيحة ودعي الى الحق أخذته العزة بالاثم، فحسبه جهنم ولبئس المهاد.
فما أعظم المصيبة بهذا وأمثاله على الايمان، وما أشد الجناية به على السنة والقرآن، وما أحب جهاده بالقلب واليد واللسان الى الرحمن، وما أثقل أجر ذلك الجهاد في الميزان، والجهاد بالحجة واللسان مقدم على الجهاد بالسيف والسنان ولهذا أمر الله في السور المكية حيث لا جهاد باليد انذارا وتعذيرا، فقال تعالى:{ فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا} الفرقان 52. وأمر تعالى بجهاد المنافقين والغلظة عليهم كونهم بين أظهر المسلمين في المقام والمسير، فقال تعالى:{ يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير} التحريم 9. فالجهاد بالعلم والحجة جهاد أنبيائه ورسله وخاصته من عباده المخصومين بالهداية والتوفيق والاتفاق، ومن مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق، وكفى بالعبد عمى وخذلانا أن يرى عساكر الايمان وجنود السنة والقرآن وقد لبسوا للحرب لأمته، وأعدوا له عدته، وأخذوا مصافهم ووقفوا مواقفهم، وقد حمي الوطيس ودارت رحى الحرب واشتد القتال وتنادت الأقران النزال النزال، وهو في الملجأ والمغارات، والمدخل مع الخوالف كمين وإذا ساعد القدر وعزم على الخروج قعد فوق التل مع الناظرين، ينظر لمن الدائرة ليكون اليهم من المتحيزين، ثم يأتيهم وهو يقسم بالله جهد أيمانه اني معكم وكنت أتمنى أن تكونوا أنتم الغالبين، فحقيق بمن لنفسه عنده قدر وقيمة أن لا يبيعها بأبخس الأثمان، وأن لا يعرضها غدا بين يدي الله ورسوله لمواقف الخزي والهوان، وأن يثبت قدميه في صفوف اهل العلم والايمان، وأن لا يتحيز الى مقالة سوى ما جاء في السنة والقرآن، فكأن قد كشف الغطاء وانجلى الغبار وأبان عن وجوه أهل السنة مسفرة ضاحكة مستبشرة، وعن وجوه أهل البدعة عليها غبرة ترهقها قترة، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
قال ابن عباس تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه اهل البدعة والفرقة والضلالة، فوالله لمفارقة أهل الأهواء، والبدع في هذه الدار أسهل من موافقتهم إذا قيل:{ احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} الصافات 22.
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وبعده الامام أحمد: أزواجهم: أشباههم ونظراؤهم، وقد قال تعالى:{ وإذا النفوس زوّجت} التكوير 7، قالوا فيجعل صاحب الحق مع نظيره في درجته، وصاحب الباطل مع نظيره في درجته، هنالك والله يعض الظالم على يديه إذا حصلت له حقيقة ما كان في هذه الدار عليه، يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا.
فصل: وكان من قدر الله وقضائه أن جمع مجلس المذاكرة بين مثبت للصفات والعلو وبين معطل لذلك، فاستطعم المعطل المثبت الحديث استطعام غير جائع اليه، ولكن غرضه عرض بضاعته عليه، فقال له ما تقول في القرآن ومسألة الاستواء؟ فقال المثبت: نقول فيها ما قاله ربنا وتعالى وما قاله نبينا صلى الله عليه وسلم، نصف الله تعالى بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله كم غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تشبيه ولا تمثيل، بل نثبت له سبحانه ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات، وننفي عنه النقائص والعيوب ومشابهة المخلوقات، اثباتا بلا تمثيل، وتنزيها بلا تعطيل، فمن شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه، أو ما وصفه به رسوله تشبيها، فالمشبّه يعبد صنما، والمعطل يعبد عدما، والموحد يعبد الها واحد صمدا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
والكلام في الصفات كالكلام في الذات، فكما انا نثبت ذاتا لا تشبه الذوات، فكذلك نقول في صفاته أنها لا تشبه الصفات، فليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فلا نشبه صفات الله بصفات المخلوقين، ولا نزيل عنه سبحانه صفة من صفاته لأجل تشنيع المشنعين، وتلقيب المفترين، كما أنا لا نبغض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لتسمية الراوفض لنا نواصب، ولا نكذب بقدر الله ولا نجحد كمال مشيئته وقدرته لتسمية القدرية لنا مجبرة.
ولانجحد صفات ربنا تبارك وتعالى اتسمية الجهمية والمعتزلة لنا مجسمة مشبهة حشوية، ورحمة الله على القائل:
فإن كان تجسيما ثبوت صفاته ××× فاني بحمد الله لها مثبت
الى:
فإن كان تجسيما ثبوت صفاته ××× لديكم فاني اليوم عبد مجسم
ورضي الله عن الشافعي حيث يقول:
ان كان رفضا حب آل محمد ××× فليشهد الثقلان إني رافضي
وقدس الله روح القائل وهو شيخ الاسلام ابن تيمية اذ يقول:
ان كان نصبا حب صحب محمد ××× فليشهد الثقلان اني ناصبي
فصل: واما القرآن فإني أقول أنه كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود، تكلم الله به صدقا، وسمعه جبريل حقا، وبلغه محمدا صلى الله عليه وسلم وحيا، وإن {كهيعص} مريم 1، و { حم عسق} الشورى 1، و{الر} يوسف 1، و{ق} ق1، و{ن} القلم 1، عين كلام الله حقيقة، وان الله تعالى تكلم بالقرآن العربي الذي سمعه الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم وان جميعه كلام الله، وليس قول البشر، ومن قال أنه قول البشر فقد كفر. والله يصليه سقر، ومن قال ليس لله بيننا في الأرض كلام فقد جحد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن الله بعثه يبلغ عنه كلامه، والرسول انما يبلغ كلام مرسله، فاذا انتفي كلام المرسل انتفت رسالة الرسول، ونقول أن الله فوق سمواته مستو على عرشه بائن من خلقه ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، وأنه تعالى اليه يصعد الكلم الطيب وتعرج الملائكة والروح اليه وإنه يدبّر الأمر من السماء الى الأرض، ثم يعرج اليه، وان المسيح رفع بذاته الى الله وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرج به الى الله حقيقة، وان أرواح المؤمنين تصعد الى الله عند الوفاة فتعرض عليه وتقف بين يديه، وأنه تعالى هو القاهر فوق عباده وهو العلي الأعلى وانا المؤمنين والملائكة المقربين يخافون ربهم من فوقهم، وأن أيدي السائلين ترفع اليه وحوائجهم تعرض عليه فإنه سبحانه هو العلي الأعلى بكل اعتبار، فلما سمع المعطل منه ذلك أمسك، ثم أسرّها في نفسه وخلي بشياطينه وبني جنسه وأوحى بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا وأصناف المكر والاحتيال. وراموا أمرا يستحمدون به الى نظرائهم من أهل البدع والضلال وعقدوا مجلسا يبيتون في مساء يومه ما لا يرضاه الله من القول والله بما يعملون محيط وأتو على مجلسهم ذلك بما قدروا عليه من الهذيان واللغظ والتخليط، وراموا استدعاء المثبت الى مجلسهم الذي عقدوه ليجعلوا نزله عند قدومه عليهم ما لفقوه من المكر وتمموه فحبس الله سبحانه عنهم أيديهم وألسنتهم فلم يتجاسروا عليه، ورد الله كيدهم قي نحورهم فلم يصلوا بالسوء اليه، وخذلهم المطاع فمزقوا ما كتبوه من المحاضر، وقلب الله قلوب أوليائه وجنده عليهم من كل باد وحاضر، وأخرج الناس لهم من المخبآت كمائنها، ومن الجوائف والمنقلات دفائنها، وقوى الله جأش عقد المثبت وثبت قلبه ولسانه، وشيد بالسنة المحمدية بنيانه، فسعى الى عقد مجلس بينه وبين خصومه عند السلطان، وحكم على نفسه كتب شيوخ القوم السالفين وأئنتهم المتقدمين، وأنه لا يستنصر من أهل مذهبه بكتاب ولا انسان وأنه جعل بينه وبينكم أقوال من قلدتموه، ونصوص من على غيره من الأئمة قدمتوه، وصرخ المثبت بذلك بين ظهرانيهم حتى بلغه دانيهم لقاصيهم، فلم يذعنوا لذلك واستعفوا من عقدة مطالبهم المثبت بواحدة من خلال ثلاث مناظر في مجلي عالم على شريطة العلم والانصاف تحضر فيه النصوص النبوية والآثار السلفية وكتب أئمتكم المتقدمين من أهل العلم والدين، فقيل لهم لا مراكب لكم تسابقون بها في هذا الميدان ومالكم بمقاومة فرسانه يدان فدعاهم الى مكاتبة ما يدعون اليه، فان كان حقا قبله وشكركم عليه وان كان غير ذلك سمعتم جواب المثبت، وتبين لكم حقيقة ما لديه، فأبوا ذلك أشد الاباء، واستعفوا غاية الاستعفاء، فدعاهم الى القيام بين الركن والمقام قياما في مواقف الابتهال حاسري الرؤوس، نسأل الله أن ينزل بأسه بأهل البدع والضلال.
وظن المثبت والله أن القوم يجيبونه الىهذا، فوطن نفسه عليه غاية التوطين، وبات يحاسب نفسه، ويعرض ما يثبته وينفيه على كلام رب العالمين، وعلى سنة خاتم الأنبياء والمرسلين، وينجرد من كل هوى يخالف الوحي المبين، ويهوي بصاحبه الى أسفل السافلين فلم يجيبوا الى ذلك أيضا، وأتوا من الأعذار بما دله على أن القوم ليسوا من أولي الأيدي والأبصار، فحينئذ شمر المثبت عن ساق عزمه وعقد لله مجلسا بينه وبين خصمه يشهده القريب والبعيد، ويقف على مضمونه الذكي والبليد وجعله عقد مجلس التحكيم بين المعطل الجاحد والمثبت المرمي بالتجسيم.
وقد خاصم في هذا المجلس بالله وحاكم اليه بريء الى الله من كل هوى وبدعة وضلالة وتحيز الى فئة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان أصحابه عليه والله سبحانه هو المسؤول أن لا يكله الى نفسه ولا الى شيء مما لديه، وأن يوفقه في جميع حالاته لما يحبه ويرضاه، فإن أزكة الأمور بيديه وهو يرغب الى من يقف على هذه الحكومة أن يقوم لله قيام متجرد عن هواه قاصد لرضاء مولاه، ثم يقرؤها متفكرا ويعيدها ويبديها متدبرا، ثم يحكم فيها بما يرضي الله ورسوله وعباده المؤمنين، ولا يقابلها بالسب والشتم كفعل الجاهلين والمعاندين، فإن رأى حقا تبعه وشكر عليه، وإن رأى باطلا رده على قائله وأهدى الصواب اليه، فإن الحق لله ورسوله، والقصد أن تكون كلمة السنة هي العليا جهادا في الله وفي سبيله، والله عند لسان كل قائل وقلبه، وهو المطلع على نيته وكسبه، وما كان أهل التعطيل اولياءه، ان أولياؤه الا المتقون، المؤمنون المصدقون:{ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} التوبة 105.
فصل: وهذه أمثال حسان مضروبة للمعطل والمشبه والموحد، ذكرناها قبل الشروع في المقصود، فإن ضرب الأمثال مما يأنس به العقل لتقريبها المعقول من المشهود، وقد قال تعالى، وكلامه المشتمل على أعظم الحجج وقواطع البراهين:{ وتلك الأمثال نضربها للناس} الحشر 21.
{وما يعقلها الا العالمون} العنكبوت 43، وقد اشتمل منها على بضعة واربعين مثلا، وكان بعض السلف إذا قرأ مثلا لم يفهمه يشتد بكاؤه ويقول لست من العالمين، وسنفرد لها ان شاء الله كتابا مستقلا متضمنا لأسرارها ومعانيها وما تضمنته من كنوز العلم وحقائق الايمان، والله المستعان وعليه التكلان.

المثل الأول: ثياب المعطل ملطخة بعذرة التحريف، وشرابه متغير بنجاسة التعطيل. وثياب المشبه متضمخة بدم التشبيه وشرابه متغير بدم التمثيل، والموحد طاهر الثوب والقلب والبدن، يخرج شرابه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين.

المثل الثاني: شجرة المعطل مغروسة على شفا جرف هار. وشجرة المشبه قد اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار. وشجرة الموحد أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين باذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون.

المثل الثالث: شجرة المعطل شجرة الزقوم، فالحلوق السليمة لا تبلعها. وشجرة المشبه شجرة الحنظل، فالنفوس المستقيمة لا تتبعها. وشجرة الموحد طوبى يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها.

المثل الرابع: المعطل قد أعد قلبه لوقاية الحر والبرد كبيت العنكبوت، والمشبه قد خسف بعقله، فهو يتجلجل في أرض التشبيه الى البهموت، وقلب الموحد يطوف حول العرش ناظرا الى الحي الذي لا يموت.

المثل الخامس: مصباح المعطل قد عصفت عليه أهوية التعطيل فطفيء وما أنار، ومصباح الشبه قد غرقت فتيلته في عسكر التشبيه فلا تقتبس منه الأنوار، ومصباح الموحد يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار.

المثل السادس: قلب المعطل متعلق بالعدم فهو أحقر الحقير، وقلب المشبه عابد للصنم الذي نحت بالتصوير والتقدير، والموحد قلبه متعبد لمن ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

المثل السابع: نقود المعطل كلها زيوف فلا تروج علينا، وبضاعة المشبه كاسدة لا تنفق لدينا، وتجارة الموحد ينادي عليها يوم العرض على روؤس الأشهاد هذه بضاعتنا ردت الينا.
المثل الثامن: المعطل كنافخ الكير اما أن يحرق ثيابك واما أن ينجسك واما أن تجد منه ريحا خبيثة، والمشبه كبائع الخمر، اما أن يسكرك واما أن ينجسك، والموحد كبائع المسك انا أن يحذيك واما أن يبيعك واما أن تجد منه ريحا طيبة.

المثل التاسع: المعطل قد تخلف عن سفينة النجاة ولم يركبها فأركه الطوفان، والمشبه قد انكسرت به اللجة، فهو يشاهد الغرق بالعيان، والموحد قد ركب سفينة نوح، وقد صاح به به الربان: اركبوا فيها باسم الله مجريها ومرساها، ان ربي لغفور رحيم.

المثل العاشر: منهل المعطل كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا فرجع خاسئا حسيرا. ومشرب المسبه من ماء قد تغير طعمه ولونه وريحه بالنجاسة تغييرا، ومشرب الموحد من كأس كان مزاجها كافورا، عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا.

(وقد سميتها بالكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية)
وهذا حين الشروع في المحاكمة، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

أبو عبد الله بلال يونسي
04-30-2011, 10:46 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حياك الله أخي زكريا على مسابقتك إلى الخير ؛ ونعتذر معك إلى أخينا أكرم على أخذ ما كان منصرفا إليه ؛ وعلى كل فلأخينا أكرم أجر نيته إن شاء الله ؛ ...( ابتسامة ) ....

بارك الله فيكم أخوي الكريمين أكرم وزكريا وزادكما ربي حرصا وجميع إخواننا السلفيين ...

آمين

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله - :
وهذا حين الشروع في المحاكمة، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

فهيا أخي زكريا اشرع في المقصود يابطل ....

أكرم بن نجيب التونسي
05-01-2011, 12:36 AM
جزاك الله خيرا أخي الفاضل زكريا النعمي على هذه المبادرة الطيبة جعلها الله في ميزان حسناتك

وأهل السنة ولله الحمد يكمل بعضهم بعضا وجزى الله أخانا اليونسي خيرا على تعليقه وحسن ألفاظه

زكريا عبدالله النعمي
05-05-2011, 12:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حياك الله أخي زكريا على مسابقتك إلى الخير ؛ ونعتذر معك إلى أخينا أكرم على أخذ ما كان منصرفا إليه ؛ وعلى كل فلأخينا أكرم أجر نيته إن شاء الله ؛ ...( ابتسامة ) ....

بارك الله فيكم أخوي الكريمين أكرم وزكريا وزادكما ربي حرصا وجميع إخواننا السلفيين ...

آمين

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله - :
وهذا حين الشروع في المحاكمة، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

فهيا أخي زكريا اشرع في المقصود يابطل ....

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الله يحييك ويبقيك
هههه الله يوفق الجميع
وفيك بارك الرحمن
أبشر أخي الفاضل
جزاك الله خير

زكريا عبدالله النعمي
05-05-2011, 12:32 PM
جزاك الله خيرا أخي الفاضل زكريا النعمي على هذه المبادرة الطيبة جعلها الله في ميزان حسناتك

وأهل السنة ولله الحمد يكمل بعضهم بعضا وجزى الله أخانا اليونسي خيرا على تعليقه وحسن ألفاظه
وإياك أخي
اللهم آمين
شاكر لك مرورك الكريم

زكريا عبدالله النعمي
05-05-2011, 12:35 PM
بسم الله نبداء



حكـم المحبـة ثـابـت الأركان * * * مـا للصـدود بفسـخ ذاك يـدان
أني وقاضي الحسن نفذ حـكمهـا * * * فلـذا أقــر بـذلك الخصمـان
وأتت شهود الوصل تشهـد أنـه * * * حـق جـرى فـي مجلـس الاحسان
فتأكد الحكم الـعزيـز فلـم يجد * * * فسـخ الـوشاة اليـه مـن سلطان
وأتى الوشاة فصادفوا الحكم الذي * * * حكمـوا بـه متيقــن البطـلان
ماصادف الحكم المحل ولا هو استو * * * فـى الشـروط فصـار ذا بطـلان
فلذاك قاضي الحسن أثبت محضـرا * * * بفسـاد حكـم الهجـر والسلـوان
وحكى لك الحكم المحـال ونقضه * * * فـاسمـع اذا˝ يـا مـن لـه أذنـان
حكـم الـوشاة بغير ما بـرهان * * * أن المحبــة والصــدود لــدان
والله مـا هـذا بحكـم مقسـط * * * أيـن الغـرام وصـد ذي هجـران
شتـان بيـن الحالتيـن فان تـرد * * * جمعـا فمـا ا لضــدان يجتمعـان

يا والهـا هـانـت عليـه نفسـه * * * اذ بـاعهـا غبنـ ا بكـل هـوان
أتبيـع من يهـوا ه نفسـه طائعـا * * * بالصـد والتعـذيـب والهجـران
أجهلت أوصـاف المبيـع وقـدره * * * أم كنـت ذا جهـل بـذي الأثمـان
واهـا لقلـب لا يفارق طيره الأغـ * * * صـان قائمـة علـى الكثبـان
ويظـل يسجـع فـوقـها ولغيـره * * * منهـا الثمـار وكـل قطيـف دان
ويبيـت يبكي والمـواص ل ضاحك * * * ويظـل يشكـو وهـو ذو شكـران
هـذا ولـو أن الجمـال مـعلـق * * * بالنجـم هـمّ اليـه بـالطيـران

لله زائـره بليـل لــم تخــف * * * عـس الأميـر ومـرصـد السجان
قطعـت بـلاد الشـام ثـم تيممت * * * مـن أرض طيبـة مطلـع الايمـان
وأتـت على وادي العقيق فجاوزت * * * ميقـاتـه حـلا بـلا نكـران
وأتـت علـى وادي الأراك ولم يكن * * * قصـدا لهـا فـألا بـأن ستـرانـي
وأتـت علـى عـرفات ثـم محسر * * * ومنـى فكـم نحـرتـه مـن قربان
وأتـت علـى الجمرا ت ثم تيممت * * * ذات الستـور وربـة الأركـان
هـذا ومـا طافت ولا استلمت ولا * * * رمـت الجـمار ولا سعـت لقـران

ورقـت الى أعلى الصفا فتيممـت * * * دارا هنـالك للمحـث العـانـي
أتـرى الـدليـل أعارهـا أثوابه * * * والـريـج أعطتهـا مـن الخفقـان
والله لـو أن الـدليل مكـانهـا * * * مـا كـان ذلك منـه فـي امكـان
هـذا ولـو سـارت مسير الريح ما * * * وصلـت بـه ليـلا الـى نعمـان
سـارت وكـان دليلها فـي سيره * * * سعـد السعـود وليـس بـالـدـبران
وردت جفار الـدمع وهـي غزيرة * * * فلـذاك ما احتـاجـت ورود الضـان
وعلـت علـى مين الهوى وتزودت * * * ذكـر ا لحبيـب ووصلـة المتـدانـي

جهـم بـن صفوان وشيعته الألى * * * جحـدوا صفـات الخـالـق الـديـان
بـل عطلوا منـه السموات العلى * * * والعــرش أخلـوه مــن الـرحمـن
ونفـوا كلام الـرب جـل جلاله * * * وقضـوا لـه بـالخلـق والحـدثـان

قـالوا وليـس لـربنا سمـع ولا * * * بصـر ولا وجـه ، فكيـف يـدان
وكـذاك ليـس لـربنا من قدرة * * * وإرادة أورحمـــة وحـنــان
كـلا ولا وصـف يقـوم به سوى * * * ذات مجـــردة بغيــر معــان
وحـياتـه هـي نفسه وكلامه * * * هـو غيـره فاعجـب لهـذا البهتـان
وكـذاك قـالـوا ما له من خلقه * * * أحـد يكـون خليلـه النفسـانـي
وخليله المحتـاج عنـدهـم وفـي * * * ذا الـوصـف يـدخـل عابـد الأوثان
فالكـل مفتقـر الـيـه لـذاتـه * * * فـي أسـر قبضتـه ذليـل عـان
ولأجـل ذا ضـحى بجعد خالد الـ * * * ـقسـري يـوم ذبـائـح القـربـان
اذ قـال ابـراهيـم ليـس خليله * * * كـلا ولا موسـى الكليـم الدانـي
شكـر الضحيـة كل صاحب سنة * * * لله درك مــن أخــي قربـان

والعبـد عنـدهـم فليـس بفاعل * * * بــل فعلـه كتحـرك الـرجفـان
وهبـوب ريـح أو تحـرك نائـم * * * وتحــرك الأشجــار للميــلان
والله يصليـه علـى مـا ليـس من * * * أفعــالـه حــر الحميــم الآن
لكـن يعـاقبـه علـى أفعـالـه * * * فيـه تعـالـى الله ذو الاحـسان
والظلـم عنـدهـم المحـال لذاته * * * أنـى ينـزه عنـه ذو السلطـان
ويكـون مـدحا ذلك ا لتـنزيه ما * * * هـذا بمقبـول لــدى الأذهـان

وكـذلك قـالوا ماله من حكمة * * * هــي غـأيـة للأمــر والاتقـان
مـا ثـم غـير مشيئة قد رجحت * * * مثـلا علــى مثـل بـلا رجحـان
هـذا و مـا تـلك المشيئة وثفـه * * * بــل ذاتــه أو فعلـه قـولان
وكـلامه مـذ كان غيرا كـان مخـ * * * ـلـوقـا لـه مـن جملـة الأكـوان

قـالـوا واقـرار العبـاد بـأنـه * * * خـلاقهـم هــو منتهـى الايمـان
والناس فـي الايمان شـيء واحـد * * * كـالمشـط عنـد تمـاثـل الأسنان
فاسأل أبـا جهـل وسيعتـه ومـن * * * والاهـم مـن عـابـدي الأثـوان
وسـل اليهـود وكـل أقلف مشرك * * * عبــد المسيـح مقبـل الصلبـان
واسأل ثمود وعاد بـل سـل قبلهـم * * * أعـداء نــوح أمـة الطـوفـان
واسأل أبا الجـن اللعيـن أتعرف الـ * * * خـلاق أم أصبحـت ذا نكـران
واسأل شـرار الخلـق أغلـى أمـة * * * لـوطيـة هـم نـاكحـو الـذكـران
واسأل كـذاك أمـام كـل معطـل * * * فـرعـون مـع قـارون مـع هامان
هل كان فيهـم منكـر للخالـق الـ * * * ـرب العظيـم مكـوّن الأكــوان
فليبشـروا ما فيهـم مـن كـافر * * * هـم عنـد جهـم كـاملـوا الايمـان

وقضـى بـأن الله كـان معطـلا * * * والفعــل ممتنـع بــلا امكـان
ثـم استحـال وصـار مقـدورا لـه * * * مـن غيـر أمـر قـام بـالـديـان
بـل حـالـه سبحـانه فـي ذاتـه * * * قبـل الحـدوث وبعـدهـا سيـان

وقضـى بـأن النـار لم تخلـق ولا * * * جنـات عـدن بـل همـا عدمـان
فـإذا همـا خلقا ليـوم معـادنـا * * * فهنـا علـى الأوقـات فـانيتـان
وتلطـف العـلاف مـن أتبـاعـه * * * فأتـى بضحكـة جـاهـل مجـان
قال الفناء يكـون فـي الحـركات لا * * * فـي الـذات واعجبـا لـذا الهذيان

أيصيـر أهـل الخلـد فـي جناتهـم * * * وجحيمهــم كحجـارة البنيـان
ما حال من قد كـان يغشـى أهلـه * * * عنـد انقضـاء تحـرك الحيـوان
وكـذاك ما حـال الذي رفعـت يدا * * * ه أكلـة مـن صفحـة وخـوان
فتناهت الحـركات قبـل وصـولهـا * * * للفــم عنــد تفتــح الأسنـان
وكـذاك مـا حـال الذي امتدت يدا * * * منـه الـى قنـو مـن القنـوات
فتنـاهت الحـراكت قبـل الأخذ هل * * * يبقـى كـذلك سـائـر الأزمـان
تبـا لهـاتيـك العقـول فـانهـا * * * والله قـد مسخـت علـى الأبـدان
تبـا لمـن أضحـى يقـدمها على ال * * * آثــار والأخبــار والقــرآن

وقضـى بـأن الله يعـدم خلقـه * * * عــدمـا ويقلبـه وجـودا ثـان
العـرش والكـرسـي والأرواح وال * * * أمــلاك ا لأفــلاك والقمــران
والأرض والبحـر المحيـط وسائـر ال * * * أكـوان مـن عـرض ومـن جثمان
كـل سيفنيـه الفنـاء المحـض لا * * * محـض الـوجـود اعـادة بـزمـان

هـذا المعـاد وذلك المبـدا الـذي * * * جهــم وقـد نسبـوه للقــرآن
هـذا الـذي قـاد ابـن سينا والألى * * * قـالـوا مقـالتـه الـى الكفـران
لـم تقبـل الأذهـان ذا وتـوهمـوا * * * أن الـرسـول عنـاه بـالايمـان
هـذا كتـاب الله أنـى قـالـوا ذا * * * أو عبـده المبعـوث بـالبـرهـان
أو صحبـه مـن بعـده أو تـابع * * * لهـم علـى الايمــان والاحسـان

بـل صـرح الـوحي المبيـن بأنـه * * * حقـا مغيـر هــذه الأكـوان
فيبـدل الله السمــوات العلـى * * * والأرض أيضـا ذات تبـديـلان
وهمـا كتبـديـل الجلود لساكني النـ * * * ـيران عنـد النضـج مـن نيـران
وكــذاك يقبـض أ رضـه وسمـاءه * * * بيـديه مـا العـدمـان مقبـوضان
وتحـدث الأرض التـي كنـا بهـا * * * اخبارهـا فـي الحشـر للـرحمـن
وتظـل تشهـد وهـي عـدل بالذ * * * مـن فـوقهـا قـد أحـدث الثقلان
أفيشهد العدـم الـذي هـو كـاسمه * * * لا شيء، هـذا ليـس فـي الامكـان

لكـن تسـوى ثـم تبسـط ثـم تشـ * * * ـهد ثـم تبـدل وهي ذات كيان
وتمـد أيضـا مثـل مـد اديمنـا * * * مـن غيـر أودـية ولا كثبـان
وتقـيء يـوم العـرض مـن أكبـادها * * * كـالاسطـوان نفـائـس الأثمـان
كــل يــراه بعينـه وعيـانـه * * * مـا لامـرئ بـالأخـذ منه يـدان
وكـذا الجبـال تفـتّ فتـا˝ محكمـا * * * فتعـود مثـل الـرمـل ذي الكثبان
وتكـون كـالعهـن الـذي ألـوانـه * * * وصباغـه مـن سـائـ ر الألـوان
وتبـس بسـا مثـل ذاك فتنثنـي * * * مثـل الهبـاء لنـاظـر الانسـان

وكـذا البحـار فـانهـا مسجـورة * * * قـد فجـرت تفجيـر ذي سلطان
وكـذلك القمــران يـأذن ربنـا * * * لهمــا فيجتمعــان يلتقيـان
هـذي مكـوّرة وهـذا خـاسـف * * * وكـلاهما فـي النـار مطـروحان
وكـواكـب الأفـلاك تنثـر كلهـا * * * كـلآلئ نثـرت علـى ميـدان
وكـذا السمـاء تشـق ظـاهـرا * * * وتـمـور أيمـــا مــوران
وتصير بعـد الانـشقاق كمثـل هـا * * * ذا المهـل أو تـك وردة كـدهان

والعـرش والكــرسـي لا يفنيهمـا * * * أيضــا وأنهمــا لمخلـوقـان
والحـور لا تفنـي كـذلك جنـة الـ * * * مأوى ومـا فيهـا مـن الـولـدان
ولأجـل هـذا قـال جهـم انهـا * * * عـدم ولـم تخلـق الـى ذا الآن
والأنبيـاء فــانهـم تحـت الثـرى * * * أجسـامهـم حفظـت من الديدان
مـا للبلـى بلحـومهـم وجسـومهم * * * ابـدا وهـم تحـت التـراب يدان
وكـذلك الأرواح لا تبلــى كمـا * * * منـه تـركـب خلقـة الانسان
وكـذاك عجـب الظهـر لا يبلى بـل * * * تبلـى الجسـوم ولا بلـى اللحمان
ولأجـل ذلك لم يقـر الجهـم مـا ال * * * ارواح خـارجـة عـن الأبـدان
لكنهـا مـن بعـض أعـراض بهـا * * * قـامـت وذا فـي غـاية البطلان

فالشـأن للأرواح بعـد فـراقهـا * * * أبـدانهـا والله أعظـم شـأن
إمـا عــذاب او نعيــم دائـم * * * قـد نعمـت بـالـروح والريحان
وتصيـر طيـرا سـارحـا مـع شكلها * * * تجنـي الثمـار بجنـة الحيـوان
وتظــل واردة لانهــار بهــا * * * حتـى تعـود لـذلك الجثمـان
لكـن أ رواح الـذيـن استشهـدوا * * * فـي جـوف طيـر أخضـر ريـان
فلهـم بـذاك مـزيـة فـي عيشهـم * * * ونعيمهـم للــروح والأبــدان
بـذلوا الجسـوم أربهـم فأعاضهـم * * * أجسـام تـلك الطيـر بالاحسـان
ولهــا قنــاديـل اليهـا تنتهـي * * * مـأوى لهـا كمساكـن الانسـان

فالـروح بعـد المـوت أكمـل حـالة * * * منهـا بهـذي الـدار فـي جثمـان
وعـذاب أشقـاهـا أشـد مـن الـذي * * * قـد عـاينـت أبصـارنـا بعيان
والقـائلـون بـأنهـا عـرض أبـوا * * * ذا كلـه تبـا لــذي نكـران

وإذا أراد الله إخــراج الــورى * * * بعـد الممـات الـى المعـاد الثاني
ألقـى علـى الأرض التـي هـم تحتهـا * * * والله مقتــدر وذو سلطـان
مطــرا غليـظا أيضــا متتـابعـا * * * عشـرا وعشـرا بعـدهـا عشران
فتظـل تنبـت منـه أجسـام الـورى * * * ولحـومهـم كمنـابت الـريحـان
حـتى إذا مـا الأم حـا ن ولادها * * * وتمخضـت فنفـاسهـا متـدان
أوحـى لهـا رب السـماء فشققـت * * * فبـدا الجنيـن كـأكمـل الشبان
وتخلـت الأم الـولـود وأخـرجـت * * * أثقالهـا أنثـى ومـن ذكـران

والله ينشـئ خلقـه فــي نشـأة * * * اخـرى كمـا قـد قال في القرآن
هـذا الـذي جـاء الكتـاب وسنـة الـ * * * ـهادي بـه فأحـرص علـى الايمان
مـا قـال ان الله يعـدم خلقـه * * * طـرأ كقـول الجـاهـل الحيـران

وقضـى بــأن الله ليـس بفـاعـل * * * فعـلا يقـوم بـه بـلا بـرهـان
بـل فعلـه المفعـول خـارج ذاتـه * * * كالوصف غير الذات فـي الحسـبان
والجبـر مـذهبـه الـذي قـرت بـه * * * عيـن العصـاة وشيعـة الشيطـان
كـانـوا علـى وجـل مـن العصيان ذا * * * هـو فعلهـم والـذنـب للانسان
واللـوم لا يعـدوه اذ هـو فـاعـل * * * بـإرادة وبقــدرة الحيــوان
فـأراحهـم جهـم وشيعتـه مـن ألـ * * * لـوم العنيـف ومـا قضـوا بأمان
لكنهـم حملـوا ذنــوبهـم علـى * * * رب العبــاد بعــزة وأمــان
وتبــرأوا منهـا وقــالـوا انهــا * * * أفعـالـه مـا حيلـة الانسـان
مـا كلـف الجبـار نفسـا وسعهـا * * * انـى وقـد جبـرت علـى العصيان

وكـذا علـى الطاعات أيضـا قـد غدت * * * مجبــورة فلهـا اذا جبــران
والعبـد فـي التحقـيـق شبـه نعامـة * * * قـد كلفـت بـالحمـل والطيـران
اذ كـان صـورتهـا تـدل عليهمـا * * * هـذا وليـس لـها بـذاك يـدان
فلـذاك قال بـأن طـاعـات الـورى * * * وكـذاك مـا فعلـوه مـن عصيان
هـي عيـن فعـل الـرب لا أفعـالهـم * * * فيصـح عنهـم عنـد ذ ا نفيـان
نفــي لقـــدرتهـــم عليهـا أولا * * * وصـدورهـا منهـم بنفـي ثـان

فيقـال مـا صـامـوا ولا صلـوا ولا * * * زكـوا ولا ذبحـوا مـن القـربـان
وكـذاك ما شـربـوا ومـا قتلـوا ومـا * * * سـرقـوا ولا فيهـم غـوي زان
وكـذاك لـم يأتـوا اختيـار منهـم * * * بالكفـر والاســلام والايمـان
الا علـى وجــه المجــاز لأنهــا * * * قامـت بهـم كـالطعـم والألوان
جبـروا علـى مـا شـاءه خـلاقهـم * * * مـا ثـم ذو عـون وغيـر معـان
الكــل مجبــور وغيــر ميسـر * * * كالميـت أدرج داخـل الأكفـان
وكـذاك أفعـال المهيميـن لـم تقـم * * * أيضـا بـه خـوفـا مـن الحدثان
فــاذا جمعــت مقالتيـه أنتجــا * * * كـذبـا وزورا واضـح البهتـان
اذ ليست الأفعـال فعــل إلهنـا * * * والـرب ليـس بفـاعـل العصيان
فـإذا ا نتفـت صفـة الالـه وفعلـه * * * وكـلامـه وفعـائـل الانسـان
فهنـاك لا خلــق ولا أمــر ولا * * * وحـي ولا تكليـف عبـد فـان

وقضــى علـى أسمائـه بحـدوثهـا * * * وبخلقهـا مـن جملـة الأكـوان
فانظـر الـى تعـطيله الأوصـاف والـ * * * أفعـال والأسمــاء للـرحمـن
مـاذا الـذي فـي ضمـن ذا التعطيل من * * * نفـي ومـن جحـد ومـن كفـران
لكنــه أبــدى المقالـة هكــذا * * * فـي قـالـب التنـزيه للـرحمـن
وأتـى الـى الكفـر العظيـم فصـاغـه * * * عجــلا ليفتـن أمـة الثيـران
وكسـاه أنــواع الجـواهـر والحلـى * * * مـن لؤلؤ صـاف ومـن عقيـان
فـرآه ثيــران الـورى فـأصـابهـم * * * كمصـاب اخـوتهـم قـديم زمان
عجـلان قــد فتنـا العبـاد بصـوتـه * * * احـداهما وبحـرفـه ذا الثـانـي

والنـاس اكثـرهـم فـأهـل ظـواهـر * * * تبـدو لهـم ليسـوا بـأهـل معان
فهـم القشـور وبـالقشـور قـوامهـم * * * واللـب خــلاصـة الانسـان
ولــذا تقسمـت الطـوائـف قـولـه * * * وتـوارثـوه ارث ذي السهمـان
لـم ينـج مـن أقـوالـه طـرا˝ سـوى * * * أهل الحـديـث وشيعـة القـرآن
فتبــرأوا منهــا بــراءة حيــدر * * * وبـراءة المـولود مـن عثمـان
مــن كـل شيعـي خبيـث وصفـه * * * وصـف اليهـود محللـي الحيتـان


يتبع في وقت أخر بإذن الله