المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حادثة إمتحان الخوارج لعمر بن عبدالعزيز بآبائه !


عبدالله التميمي
10-19-2010, 06:25 PM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد :

فقد ورد في بعض الكتب قصة مفادها أن الخوارج طلبوا من عمر بن عبد العزيز لعن آبائه حتى يتبعوه ، ومع البون الشاسع بين محنة الخوارج لعمر بآبائه وامتحان أهل السنة للناس بالأشخاص ، قد يستغل هذه القصة أهل التهويش والمغالطة

لذا بحثت القصة فتبين لي عدم ثبوتها والله أعلم

قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1131 - أخبرنا أحمد بن محمد ، ثنا محمد بن عيسى ، ثنا بكر بن سهل ، ثنا نعيم بن حماد ، ثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ، قال : نا هشام بن يحيى الغساني ، عن أبيه ، قال : « خرجت علي الحرورية بالموصل فكتبت إلى عمر بن عبد العزيز بمخرجهم ، فكتب إلي يأمرني بالكف عنهم وأن أدعو رجالا منهم فأجعلهم على مراكب من البريد حتى يقدموا على عمر فيجادلهم فإن يكونوا على الحق اتبعهم وإن يكن عمر على الحق اتبعوه ، وأمرني أن أرتهن منهم رجالا وأن أعطيهم رهنا يكون في أيديهم حتى تنقضي الأمور ، وأجلهم في سيرهم ومقامهم ثلاثة أشهر ، فلما قدموا على عمر أمر بنزولهم ثم أدخلهم عليه فجادلهم حتى إذا لم يجد لهم حجة رجعت طائفة منهم ونزعوا عن رأيهم وأجابوا عمر وقالت طائفة منهم : لسنا نجيبك حتى تكفر أهل بيتك وتلعنهم وتبرأ منهم ، فقال عمر ، » إنه لا يسعكم فيما خرجتم له إلا الصدق ، أعلموني هل تبرأتم من فرعون ولعنتموه أو ذكرتموه في شيء من أموركم ؟ قالوا : لا ، قال : فكيف وسعكم تركه ، ولم يصف الله عز وجل عبدا بأخبث من صفته إياه ، ولا يسعني ترك أهل بيتي ومنهم المحسن والمسيء والمخطئ والمصيب "

وقال بعدها : 1132 - أخبرنا أحمد قال : نا محمد بن عيسى ، ثنا بكر بن سهل ، ثنا نعيم ، ثنا عبد الله بن المبارك ، قال : حدثنا جرير بن حازم ، عن محمد بن سليم أحد بني ربيعة بن حنظلة بن عدي قال : بعثني وعون بن عبد الله عمر بن عبد العزيز ، إلى خوارج خرجت بالجزيرة فذكر الخبر في مناظرة عمر الخوارج ، وفيه قالوا : خالفت أهل بيتك وسميتهم الظلمة ، فإما أن يكونوا على الحق أو يكونوا على الباطل ، فإن زعمت أنك على الحق وهم على الباطل فالعنهم وتبرأ منهم ، فإن فعلت فنحن منك وأنت منا ، وإن لم تفعل فلست منا ولسنا منك ، فقال عمر : « إني قد علمت أنكم لم تتركوا الأهل والعشائر وتعرضتم للقتل والقتال إلا وأنتم ترون أنكم مصيبون ، ولكنكم أخطأتم وضللتم وتركتم الحق ، أخبروني عن الدين أواحد أو اثنان ؟ قالوا : بل واحد ، قال : فيسعكم في دينكم شيء يعجز عني ؟ قالوا : لا ، قال : أخبروني عن أبي بكر وعمر ما حالهما عندكم ؟ قالوا : أفضل أسلافنا أبو بكر وعمر قال : ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما توفي ارتدت العرب فقاتلهم أبو بكر فقتل الرجال وسبى الذرية والنساء ؟ قالوا : بلى ، قال عمر بن عبد العزيز : فلما توفي أبو بكر وقام عمر رد النساء والذراري على عشائرهم ؟ قالوا : بلى ، قال عمر : فهل تبرأ عمر من أبي بكر ولعنه بخلافه إياه ؟ قالوا : لا ، قال : فتتولونهما على اختلاف سيرتهما ؟ قالوا : نعم ، قال عمر : » فما تقولون في بلال بن مرداس ؟ « قالوا : من خير أسلافنا بلال بن مرداس قال : » أفلستم قد علمتم أنه لم يزل كافا عن الدماء والأموال وقد لطخ أصحابه أيديهم في الدماء والأموال فهل تبرأت إحدى الطائفتين من الأخرى أو لعنت إحداهما الأخرى ؟ قالوا : لا قال : فتتولونهما جميعا على اختلاف سيرتهما ؟ « قالوا : نعم ، قال عمر : » فأخبروني عن عبد الله بن وهب الراسبي حين خرج من البصرة هو وأصحابه يريدون أصحابكم بالكوفة فمروا بعبد الله بن خباب فقتلوه وبقروا بطن جاريته ، ثم عدوا على قوم من بني قطيعة فقتلوا الرجال وأخذوا الأموال وغلوا الأطفال في المراجل وتأولوا قول الله عز وجل إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا (1) ثم قدموا على أصحابهم من أهل الكوفة وهم كافون عن الفروج والدماء والأموال فهل تبرأت إحدى الطائفتين من الأخرى أو لعنت إحداهما الأخرى ؟ « قالوا : لا ، قال عمر : » فتتولونهما على اختلاف سيرتهما ؟ « قالوا : نعم قال عمر : » فهؤلاء الذين اختلفوا بينهم في السيرة والأحكام ولم يتبرأ بعضهم من بعض على اختلاف سيرتهم ووسعهم ووسعكم ذلك ولا يسعني حين خالفت أهل بيتي في الأحكام والسيرة حتى ألعنهم وأتبرأ منهم ، أخبروني عن اللعن أفرض هو على العباد ؟ « قالوا : نعم ، قال عمر لأحدهما » متى عهدك بلعن فرعون ؟ « قال : ما لي بذلك عهد منذ زمان فقال عمر : » هذا رأس من رءوس الكفر ليس له عهد بلعنه منذ زمان ، وأنا لا يسعني أن لا ألعن من خالفتهم من أهل بيتي

أقول : مدار الروايتين على بكر بن سهل

قال الذهبي في الميزان (1/346) :" حمل الناس عنه ، وهو مقارب الحال . قال النسائي : ضعيف "

أقول : وضعفه مسلمة بن القاسم كما في لسان الميزان حيث قال :" تكلم الناس فيه وضعفوه "

وضعفه أيضاً الخليلي في الإرشاد (1/391) حيث قال :" فيه نظر "

واختار الإمام الألباني ضعفه كما في سلسلة الأحاديث الضعيفة (10/ 4569)

وقد وردت القصة من طريقٍ آخر واهٍ

قال أبو نعيم في الحلية (5/309) حدثنا محمد بن علي، حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثنا إبراهيم ابن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني، حدثني أبي، عن جدي، قال: بلغني أن ناسا من الحرورية تجمعوا بناحية من الموصل، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز أعلمه بذلك، فكتب إلى يأمرني أن أرسل رجالا من أهل الجدل وأعطهم رهنا، وخذ منهم رهنا، واحملهم على مراكب من البريد إلي، ففعلت ذلك، فقدموا عليه، فلم يدع لهم حجة إلا كسرها، فقالوا: لسنا نجيبك حتى تكفر أهل بيتك وتلعنهم وتبرأ منهم، فقال عمر: إن الله لم يجعلني لعانا ولكن إن أبقى أنا وأنتم فسوف أحملكم وإياهم على المحجة البيضاء، فأبوا أن يقبلوا ذلك منه، فقال لهم عمر: إنه لا يسعكم في دينكم إلا الصدق، مذ كم دنتم لله بهذا الدين؟ قالوا: مذ كذا وكذا سنة، قال: فهل لعنتم فرعون وتبرأتم منه؟ قالوا: لا، قال: فكيف وسعكم تركه ولا يسعني ترك أهل بيتي وقد كان فيهم المحسن والمسيء والمصيب والمخطىء؟ قالوا: قد بلغنا ما هاهنا، فكتب إلى عمر أن خذ من في أيديهم من رهنك وخل من في يديك من رهنهم، وإن كان رأى القوم أن يسيحوا في البلاد على غير فساد على أهل الذمة ولا تناول أحد من الأئمة فليذهبوا حيث شاءوا، وإن هم تناولوا أحدا من المسلمين وأهل الذمة فحاكمهم إلى الله، وكتب إليهم: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العصابة الذين خرجوا، أما بعد فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، فإن الله تعالى يقول: " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " إلى قوله " وهو أعلم بالمهتدين " وإني أذكركم الله أن تفعلوا كفعل كبرائكم: " الذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط، أفبذنبي تخرجون من دينكم، وتسفكون الدماء، وتنتهكون المحارم؟ فلو كانت ذنوب أبي بكر وعمر مخرجة رعيتهم من دينهم - إن كانت لهما ذنوب - فقد كانت آباؤكم في جماعتهم فلم ينزعوا، فما سرعتكم على المسلمين وأنتم بضعة وأربعون رجلا، وإني أقسم لكم بالله لو كنتم أبكاري من ولدي فوليتم عما أدعوكم إليه من الحق لدفقت دماءكم ألتمس بذلك وجه الله والدار الأىخرة، فهذا النصح فإن استغشيتموني فقديما ما استغش الناصحون، فأبوا إلا القتال وحلقوا رءوسهم وساروا إلى يحيى بن يحيى، فأتاهم كتاب عمر ويحيى موافقهم للقتال: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى يحيى بن يحيى، أما بعد، فإني ذكرت آية من كتاب الله: " ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " . وإن من العدوان قتل النساء والصبيان، فلا تقتلن امرأة ولا صبيا، ولا تقتلن أسيرا، ولا تطلبن هاربا، ولا تجهزن على جريح إن شاء الله والسلام .

أقول : وإبراهيم بن هشام بن يحيى كذاب له ترجمة حافلة في ميزان الإعتدال

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

[ منقول : لعبدالله الخليفي ]