المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأحكـــــــــــامُ الشرعيةُ في المخنثِ ..


أم جابر السلفية
08-07-2010, 08:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


(الأحكام الشرعية في المخنث )

في اللغة :

(خنث) الخاء والنون والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على تكسُّرٍ وتثَنٍّ. فالخَنِث: المسترخِي المتكسِّر. ويقال خَنَثْتُ السِّقاءَ، إذا كسَرْتَ فمه إلى خارج فشرِبْتَ منه. فإن كسَرْتها إلى داخل فقد قَبَعْتَه. وامرأةٌ خُنُثٌ: مُتَثَنِّيةٌ.مقاييس اللغة (2 / 180)لسان العرب (2 / 145)الصحاح في اللغة (1 / 189)
وقال في تاج العروس من جواهر القاموس (5 / 241):
وفي المِصْباح : واسمُ الفاعِل مُخَنِّث بالكسر ، واسمُ المَفْعُولِ مُخَنَّثٌ ، أَي على القياس .
وقال بعض الأَئمة : خَنَّثَ الرَّجُلُ كلامَه بالتَّثْقِيلِ إِذا شَبَّهَهُ بكلام النِّسَاءِ لِيناً ورَخَامَةً ، فالرَّجُلُ مُخَنِّثٌ بالكَسْرِ .

والخلاصة :
المخنث: بضم الميم وتشديد النون المفتوحة، الرجل المتشبه بالنساء في مشيته وكلامه وتعطفه وتلينه.معجم لغة الفقهاء (1 / 417)


من هو المخنث عند الفقهاء :
المذهب الحنفي :
الْمُخَنَّثِ عِنْدَنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ مُخَنَّثًا فِي الرَّدَى مِنْ الْأَفْعَالِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ بَلْ مِنْ الْفُسَّاقِ يُنَحَّى عَنْ النِّسَاءِ
المذهب المالكي :
وليس المخنث الذي تعرف فيه الفاحشة خاصة وتنسب إليه وإنما المخنث شدة التأنيث في الخلقة حتى يشبه المرأة في اللين والكلام والنظر والنغمة وفي العقل والفعل وسواء كانت فيه عاهة الفاحشة أم لم تكن وأصل التخنث التكسر واللين فإذا كان كما وصفنا لك ولم يكن له في النساء ارب وكان ضعيف العقل لا يفطن لأمور الناس أبله فحينئذ يكون من غير أولي الإربة الدين أبيح لهم الدخول على النساء .التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (22 / 273)

المذهب الشافعي :
المخنث ) من يتخلق بأخلاق النساء في حركة أو هيئة ، فإن كان ذلك خلقة فلا إثم .مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (4 / 430)

المذهب الحنبلي :
المخنث الذي لا شهوة له فحكمه حكم ذوي المحرم في النظر،فإن كان المخنث ذا شهوة ويعرف أمر النساء فحكمه حكم غيره.المغني (7 / 462)

فالخلاصة أن المخنث عند المذاهب الأربعة ينقسم إلى قسمين :
الأول : المخنّث بالخلقة ، وهو من يكون في كلامه لين وفي أعضائه تكسّر خلقةً ، ولم يشتهر بشيء من الأفعال الرّديئة لا يعتبر فاسقاً ، ولا يدخله الذّمّ واللّعنة الواردة في الأحاديث .
الثاني :المتخلّق بخلق النّساء حركةً وهيئةً ، والّذي يتشبّه بهنّ في تليين الكلام وتكسّر الأعضاء عمداً ، فإنّ ذلك عادة قبيحة ومعصية ويعتبر فاعلها آثماً وفاسقاً .

من القرآن الكريم :

قال الله تعالى :( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) .النور31
واختلف الناس في معنى قوله: " أو التابعين غير أولى الاربة " فقيل: هو الاحمق الذي لا حاجة به إلى النساء.
وقيل الابله.
وقيل: الرجل يتبع القوم فيأكل معهم ويرتفق بهم، وهو ضعيف لا يكترث للنساء ولا يشتهيهن.
وقيل العنين.
وقيل الخصى.
وقيل المخنث.
وقيل الشيخ الكبير، والصبى الذي لم يدرك.
وهذا الاختلاف كله متقارب المعنى، ويجتمع فيمن لا فهم له ولا همة ينتبه بها إلى أمر النساء.
وبهذه الصفة كان هيت المخنث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمع منه ما سمع من وصف محاسن المرأة: بادية بنة غيلان، أمر بالاحتجاب منه.
راجع : تفسير القرطبي (12 / 234)تفسير الطبري (19 / 163)تفسير ابن كثير (6 / 48)


من السنة المطهرة :
1- عن أم سلمة رضي الله عنها : دخل النبي صلى الله عليه و سلم وعندي مخنث فسمعه يقول لعبد الله بن أمية يا عبد الله أرأيت إن فتح الله عليكم الطائف غدا فعليك بابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان وقال النبي صلى الله عليه و سلم ( لا يدخلن هؤلاء عليكن ) .متفق عليه

2- عن ابن عباس قال : لعن النبي صلى الله عليه و سلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقال ( أخرجوهم من بيوتكم ) . قال فأخرج النبي صلى الله عليه و سلم فلانا وأخرج عمر فلانا .رواه البخاري

3- عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:إذا قال الرجل للرجل يا مخنث فاجلدوه عشرين . وإذا قال الرجل للرجل يلوطي فاجلدوه عشرين ) .رواه الترمذي وابن ماجة وهو ضعيف


حكم التخنث : يحرم على الرّجال التّخنّث والتّشبّه بالنّساء في اللّباس والزّينة الّتي تختصّ بالنّساء ، وكذلك في الكلام والمشي ، لما روي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه قال : « لعن النّبيّ صلى الله عليه وسلم المخنّثين من الرّجال والمترجِّلات من النّساء » وفي رواية أخرى :

« لعن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المتشبّهين من الرّجال بالنّساء ، والمتشبّهات من النّساء بالرّجال » .
قال ابن حجر في الفتح :
فمختص بمن تعمد ذلك وأما من كان ذلك من أصل خلقته فإنما يؤمر بتكلف تركه والإدمان على ذلك بالتدريج فإن لم يفعل وتمادى دخله الذم ولا سيما أن بدا منه ما يدل على الرضا به ... وإما إطلاق من أطلق كالنووي وأن المخنث الخلقي لا يتجه عليه اللوم فمحمول على ما إذا لم يقدر على ترك التثني والتكسر في المشي والكلام بعد تعاطيه المعالجة لترك ذلك وإلا متى كان ترك ذلك ممكنا ولو بالتدريج فتركه بغير عذر لحقه اللوم .فتح الباري (10 / 332)

نظر المخنّث إلى النّساء الأجنبيات :
الحالة الأولى :
المخنّث الّذي له أرب في النّساء ، لا خلاف في حرمة اطّلاعه على النّساء ونظره إليهنّ ، لأنّه فحل فاسق .
راجع : فتح القدير (22 / 222)،التمهيد (22 / 273)،مغني المحتاج (3 / 128)، المغني (7 / 462)

الحالة الثانية :
أمّا إذا كان مخنّثاً بالخلقة ، ولا إرب له في النّساء ، فعلى قولين ،
القول الأول : صرّح به المالكيّة والحنابلة وبعض الحنفيّة بأنّه يرخّص بترك مثله مع النّساء ، ولا بأس بنظره إليهنّ ، استدلالاً بقوله تعالى فيمن يحلّ لهم النّظر إلى النّساء ، ويحلّ للنّساء الظّهور أمامهم متزيّنات ، حيث عدّ منهم أمثال هؤلاء ، وهو { أو التَّابِعينَ غَيْرِ أُولي الإِرْبَةِ من الرِّجَالِ ...} .
راجع :التمهيد (22 / 273)المغني (7 / 462)

والقول الثاني :ذهبت الشّافعيّة وأكثر الحنفيّة إلى أنّ المخنّث - ولو كان لا إرب له في النّساء - لا يجوز نظره إلى النّساء ، وحكمه في هذا كالفحل : استدلالاً بحديث « لا يَدخلنَّ هؤلاءِ عليكنَّ » .
راجع :مغني المحتاج (3 / 128)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (6 / 187)،المبسوط (12 / 382)،العناية شرح الهداية (14 / 248)
والصواب القول الأول لظاهر القرآن .

زوجة المخنث :
قال شيخ الإسلام :المرأة المزوجة بمُخَنَّث ينكح كما تنكح هى متزوجة بزان،بل هو أسوأ الشخصين حالاً،فإنه مع الزنا صار مخنثًا ملعونًا على نفسه للتخنيث غير اللعنة التى تصيبه بعمل قوم لوط، / فإن النبى صلى الله عليه وسلم لعن من يعمل عمل قوم لوط،وثبت عنه فى الصحيح أنه لعن المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء، وقال : ( أخرجوهم من بيوتكم ) .
وكيف يجوز للمرأة أن تتزوج بمخنث قد انتقلت شهوته إلى دبره ؟ فهو يؤتى كما تؤتى المرأة، وتضعف داعيته من أمامه كما تضعف داعية الزانى بغير امرأته عنها، فإذا لم تكن له غيرة على نفسه ضعفت غيرته على امرأته وغيرها، ولهذا يوجد من كان مخنثًا ليس له كبير غيرة على ولده ومملوكه ومن يكفله، والمرأة إذا رضيت بالمخنث واللوطى كانت على دينه فتكون زانية وأبلغ، فإن تمكين المرأة من نفسها أسهل من تمكين الرجل من نفسه، فإذا رضيت ذلك من زوجها رضيته من نفسها .
ولفظ هذه الآية وهو قوله تعالى : { الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً } الآية [ النور : 3 ] ، يتناول هذا كله إما بطريق عموم اللفظ، أو بطريق التنبيه وفحوى الخطاب الذى هو أقوى من مدلول اللفظ، وأدنى ذلك أن يكون بطريق القياس، كما قد بيناه فى حد اللوطى ونحوه . والله أعلم .مجموع الفتاوى (15 / 321)

السلام على المخنث :
قَالَ أَبُو دَاوُد قُلْتُ لِأَحْمَدَ أَمُرُّ بِالْقَوْمِ يَتَقَاذَفُونَ أُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ قَالَ : هَؤُلَاءِ قَوْمٌ سُفَهَاءُ ، وَالسَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى قُلْتُ لِأَحْمَدَ أُسَلِّمُ عَلَى الْمُخَنَّثِ قَالَ : لَا أَدْرِي السَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فَقَدْ تَوَقَّفَ فِي السَّلَامِ عَلَى الْمُخَنَّثِ .الآداب الشرعية (4 / 52) ، المستدرك على فتاوى ابن تيمية (3 / 169)

من عظم شأن المخنثين :
قال شيخ الإسلام : فالذي يعظم المخنثين من الرجال ويجعل لهم من الرياسة والأمر على الأمر المحرم ما يجعل هو احق بلعنة الله وغضبه....الاستقامة - (1 / 321)

عقوبة المخنّث :

المخنّث بالاختيار من غير ارتكاب الفعل القبيح معصية لا حدّ فيها ولا كفّارةً ، فعقوبته عقوبة تعزيريّة تناسب حالة المجرم وشدّة الجرم . وقد ورد « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عزّر المخنّثين بالنّفي ، فأمر بإخراجهم من المدينة ، وقال : أخرجوهم من بيوتكم » وكذلك فعل الصّحابة من بعده .

نصيحة إلى مخنث :

وإننا لننصح المخنث :بالتوبة إلى الله تعالى،
وأن يتعلم العلم الشرعي الذي يرغبه في الطاعة، وينفره من المعصية،
وأن يلزم الصحبة الصالحة التي تحضه على الخير، وتعينه عليه،
وليعلم أن أعظم الناس خسارة الذي يخسر دنياه وأخراه،
وعليه بالإكثار من الدعاء فهو باب لتحقيق الأماني والوصول إلى ما عزم عليه من التوبة والإنابة،
والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد

هذا البحث منقو.وو.ل.. بتصرف يسير جدا ( للفائدة المرجوة )
كتب الله الأجر لصاحب هذا البحث وغفر له