المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصيدة : لا تعـذليه البديعة...لأبي الحسن علي بن زريق البغدادي ثم الأندلسي


الشاعر أبو رواحة الموري
06-28-2009, 02:04 PM
قصيدة : لا تعـذليه البديعة...
لابن زريق البغدادي الأندلسي:

قال السبكي في مقدمة طبقات الشافعية الكبرى:

وروى الحافظ أبو سعد في الذيل أن الإمام أبا محمد بن حزم قال :
من تختم بالعقيق وقرأ لأبي عمرو وتفقه للشافعي وحفظ قصيدة ابن زريق فقد استكمل ظرفه .

قلت : وقصيدة علي بن زريق الكاتب البغدادي غراء بديعة .
أخبرنا بها أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الخباز قراءة عليه وأنا أسمع أخبرنا أبو الحسن ابن البخاري وأبو العباس أحمد بن شيبان بن تغلب الشيباني وزينب بنت مكي ابن علي الحراني إجازة قالوا أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الغنوي أنشدنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي أنشدني أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي الواسطي المعروف بابن بشران بواسط أنشدني الأمير أبو الهيجا محمد بن عمران ابن شاهين أنشدني علي بن زريق أبو الحسن الكاتب البغدادي لنفسه:




لا تَعْـذليه فـإن العـذْلَ يـولعُه * * * قـد قلتِ حقاً ولكن ليـس يسمعُه
جـاوزتِ فـي لـومه حداً يضرُّ به * * * من حيـث قـدَّرتِ أنَّ اللوم ينفعُه
فاستعملي الـرِّفقَ فـي تأنيبه بدلاً * * * مـن عنفِه فهـو مُضْنى القلب موجَعُه
قـد كان مضطلعاً بالبيـن يحمله * * * فضلّعـتْ بخطـوب البين أضلُعُه
يكفيه مـن روعة التفنيـد أن له * * * مـن النـوى كلَّ يوم مـا يروِّعه

ما آبَ مـن سفـرٍ إلا وأزعجَه * * * رأيٌ إلـى سفَـرٍ بالعـزْم يجمعُـه
كـأنما هـو مـن حـلٍّ ومُرتَحلٍ * * * مـوكَّـلٌ بفضـاء الأرض يـذْرَعُه
إذا الـزِّماع أَراه فـي الرحيل غِنىً * * * ولـو إلـى السِّنْد أضحى وهو يزمعُه
تأبـى المطامِـع إلا أن تجشِّمَه * * * للـرزق كـدَّاً وكم ممـن يودِّعُه

ومـا مجـاهـدةُ الإنسان واصلةٌ * * * رزقـاَ ولا دَعةُ الإنسـان تقطَعُه
واللهُ قسَّـم بيـن الخلـق رزقَهم * * * لـم يخلُــقِ اللهُ مخلـوقـاً يضيِّعُه
لكنهـم ملئـوا حرصاً فلست ترى * * * مستـرزقـاً وسـوى الفاقات تقنِعُه
والحرصُ في الرزق والأرزاق قد قسِمتْ * * * بغـيٌ ألا إن بغـيَ المرء يصرَعُه
والدهـر يعطي الفتى ما ليس يطلبُه * * * يومـاً ويُطعمُه من حيـث يَمنعُـه

أستودعُ اللهَ في بغـدادَ لي قمـراً * * * بالكـرْخ مـن فلَك الأزرار مطْلعُه
ودَّعتُـه وبـودِّي أن يـودِّعنـي * * * صفـوُ الحيـاة وأَنِّـي لا أودِّعُه
وكـم تشفَّـع بـي أنْ لا أفارقَه * * * وللضـرورات حـالٌ لا تشفِّعُـه
وكـم تشبَّـثَ بي يوم الرحيل ضُحىً * * * وأدمُعـي مستهـلَّاتٌ وأدمُعُـه
لا أُكـذبُ اللهَ ثـوبُ العذر منخرقٌ * * * عـني بفـرقتـه لكـن أرقِّعُـه

إني أوسِّـعُ عـذري في جنايته * * * بالبـين عـني وقلبـي لا يوسِّعُه
أعطيـتُ ملْكـاً فلم أُحْسنْ سياسته * * * وكل مَـن لا يسوس الملكَ يخلَعُه
ومـن غـدا لابساً ثوبَ النعيم بلا * * * شكـرٍ عليــه فعنـه الله ينْزِعُه
اعتضْـت من وجه خلِّي بعد فُرقته * * * كأسـاً تجـرَّع منهـا مـا أُجَرَّعُه
كم قائل لـي ذقتَ البين قلتُ له * * * الـذنبُ والله ذنبـي لستُ أرقعُه

إنـي لأقطـعُ أيامي وأنفذُهـا * * * بحسْـرةٍ منـه فـي قلبـي تقطِّعُه
بمـن إذا هجـعَ النُّـوام بِتُّ له * * * بلوعة منه ليلـي لسـتُ أهجعُه
لا يطمئـنُّ بجنبي مضجـعٌ وكذا * * * لا يطمئـنُّ له مُـذْ بنتُ مضجعه
ما كنت أحسب ريب الدهـر يفجعُني * * * بـه ولا أنَّ بـي الأيـام تفجَعُـه
حتى جـرى البيـن فيما بيننا بيدٍ * * * عسـراءَ تمنعُـني حظِّـي وتمنعُـه

بالله يا منـزل القصْر الذي درستْ * * * آثارُه وعفـتْ مـذ بنـتُ أربعُـه
هل الـزمـان معيدٌ فيك لذَّتَنا * * * أم الليالـي التـي أمضـتْ ترجِّعُه
فـي ذمَّة الله من أصبحت منزله * * * وجـاد غيـث على مغنـاك يمرعُه
من عنده ليَ عهدٌ لا يضيِّعه * * * كمـا لـه عهـدُ صـدْقٍ لا أضيِّعُه
ومـن يصـدِّع قلبي ذكْرُه وإذا * * * جرى علـى قلبه ذكْـري يصدِّعُه

لأصـبرنَّ لدهـر لا يُمتِّعُـني * * * بـه كمـا أنـه بـي لا يُمتِّعُه
علْماً بأن اصطباري معقِبٌ فرَجاً * * * فأضْيـقُ الأمر إن فكَّـرتَ أوسَعُه
عسى الليالي التي أضنتْ بفُرْقتنـا * * * جِسمي تجمِّعُنـي يـومـاُ وتجْمَعُه
وإنْ ينـلْ أحـدٌ منـا منيَّتَه * * * فمـا ا لذي فـي قضـاء الله يصنَعُه


وذكر ابن السمعاني لهذه القصيدة قصة عجيبة : فروى بسنده أن رجلا من أهل بغداد قصد أبا عبد الرحمن الأندلسي وتقرب إليه بنسبه فأراد أبو عبد الرحمن أن يبلوه ويختبره فأعطاه شيئا نزرا فقال البغدادي : إنا لله وإنا إليه راجعون سلكتُ البراري والقفار , والمهامه والبحار إلى هذا الرجل فأعطاني هذا العطاء النزر فانكسرت إليه نفسه فاعتل ومات وشغل عنه الأندلسي إياما ثم سأل عنه فخرجوا يطلبونه فانتهوا إلى الخان الذي هو فيه وسألوا الخانية عنه فقالت : إنه كان في هذا البيت ومذ أمس لم أبصره فصعدوا فدفعوا الباب فإذا هو ميت وعند رأسه رقعة فيها مكتوب :
لا تعذليه فإن العذل يولعه * * * قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه
وذكر أبياتا من القصيدة غير تامة , قال فلما وقف أبو عبد الرحمن على هذه الأبيات بكى حتى خضب لحيته وقال وددت أن هذا الرجل حي وأشاطره نصف ملكي .

http://www.salafi-poetry.com/vb/showthread.php?t=218