المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المجموع الرصين من كلام العلامة العثيمين في المبتدعين ــ جمع: عبد القادر الجنيد


عبدالله التميمي
06-22-2010, 05:53 PM
المجموع الرصين من كلام العلامة العثيمين في المبتدعين
الحمد لله عالم الغيب والشهادة، الخبير بدقيق أمور عباده وجليلها، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد، وعلى أزواجه وذريته وأصحابه، وعلى كل من هو به مقتد، وبسنته عامل وذاب مدافع.
أما بعد، أيها الإخوة الفضلاء ـ سدد الله أقوالكم وأفعالكم إلى مراضيه ـ:
فهذا جزء قليل في الورقات، كبير في القدر، كثير النفع، جمعته من كلام إمام جهبذ، وفقيه نحرير، وداعية إلى السنة والحديث جليل مشهور، ألا وهو الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ.
وقد جعلته في وقفات عدة، وذلك تسهيلاً للفهم، وتقريباً للمعنى، وعنونت لكل وقفة بما يدل عليه الكلام، ويزيد في الوضوح، وأسأل لي ولكم به النفع الراسخ، وزيادة البصيرة، وقوة الحجة، والثبات على الحق، إنه على كل شيء قدير.
فدونكم هذه الوقفات:
الوقفة الأولى / وهي عن التحذير في المجالس وبين صفوف الطلبة من أهل البدع ومن عنده أفكار مخالفة لمنهج السلف الصالح وأنه واجب ومن النصيحة وليس من الغيبة.
حيث قال ـ رحمه الله ـ كما في "لقاء الباب المفتوح"(120/8):
الكلام في أهل البدع ومن عندهم أفكار غير سليمة أو منهج غير مستقيم، هذا من النصيحة، وليس من الغيبة, بل هو من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله وللمسلمين, فإذا رأينا أحداً مبتدعاً ينشر بدعته, فعلينا أن نبين أنه مبتدع، حتى يسلم الناس من شره, وإذا رأينا شخصاً عنده أفكار تخالف ما كان عليه السلف، فعلينا أن نبين ذلك حتى لا يغتر الناس به, وإذا رأينا إنساناً له منهج معين عواقبه سيئة، علينا أن نبين ذلك حتى يسلم الناس من شره, وهذا من باب النصيحة لله ولكتابه ورسوله ولأئمة والمسلمين وعامتهم، وسواء كان الكلام في أهل البدع فيما بين الطلبة أو في المجالس الأخرى فليس بغيبة, وما دمنا نخشى من انتشار هذه البدعة أو هذا الفكر أو هذا المنهج المخالف لمنهج السلف يجب علينا أن نبين حتى لا يغتر الناس بذلك.اهـ
وقال ـ رحمه الله ـ في "شرح رياض الصالحين"(2/390-391باب النصيحة):
ومن النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذب عن شريعته وحمايتها، فالذب عنها بأن لا ينتقصها أحد، والذب عنها بأن لا يزيد فيها أحد ما ليس منها، فتحارب أهل البدع القولية والفعلية والعقدية، لأن البدع كلها باب واحد، كلها حقل واحد، كلها ضلالة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (( كل بدعة ضلالة )) لا يستثنى من هذا بدعة قولية ولا فعلية ولا عقدية، كل ما خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وما جاء به في العقيدة أو القول أو في العمل فهو بدعة، فمن النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحارب أهل البدع بمثل ما يحاربون به السنة، إن حاربوا بالقول فبالقول، وإن حاربوا بالفعل فبالفعل، جزاءً وفاقاً، لأن هذا من النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.اهـ
الوقفة الثانية / وهي عن طرد أهل العلم المبتدع عن صفوف المتعلمين وأنه من هدي السلف، وأنه ينبغي أن يطردوا عن المجتمع كله ويضيق عليهم النطاق حتى لا تنتشر بدعهم.
حيث قال ـ رحمه الله ـ في "شرح العقيدة السفارينية"(ص227-228):
فإن مالكاً رحمه الله سئل وهو في مجلسه فقال له قائل: يا أبا عبد الله { الرحمن على العرش استوى } استوى كيف استوى؟ فأطرق رحمه الله برأسه حتى علاه العرق من شدة وقع السؤال على قلبه ثم رفع رأسه وقال: يا هذا الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به، واجب والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعاً، ثم أمر به فأخرج.
وهكذا ينبغي لأهل العلم إذا رأوا في صفوفهم مبتدعاً أن يطردوه عن صفوفهم، لأن المبتدع وجوده في أهل السنة شر، لأن البدعة مرض كالسرطان لا يرجى برؤه إلا أن يشاء الله.
قوله: "إلا مبتدعاً" يحتمل أنه أراد إلا مبتدعاً بهذا السؤال أو إلا مبتدعاً إلا أنك من أهل البدع، لأن أهل البدع هم الذين يكون دينهم عن المشتبهات من أجل التشويش على الناس، وأياً كان المعنى فهو يدل على أن من هدي السلف طرد المبتدعين عن صفوف المتعلمين، وهكذا ينبغي أن يطردوا عن المجتمع كله وأن يضيق النطاق عليهم حتى لا تنتشر بدعهم، ولا يقال: إن الإنسان حر، نعم هو حر لكن في حدود الشرع، أما إذا خالف الشرع فإنه يجب أن يضيق عليه، ويبين له الحق، فإن رجع إليه فذاك، وإلا عومل بما تقتضيه بدعته من تكفير أو تفسيق.اهـ
الوقفة الثالثة / وهي عن تبيين وعدم ستر ما يظهر من علامات سوء الخاتمة على الميت المبتدع عند تغسيله ليحذر الناس من دعوته وينفروا.
حيث قال ـ رحمه الله ـ في "الشرح الممتع على زاد المستقنع"(5/197-198):
قوله: [ وعلى الغاسل ستر ما رآه إن لم يكن حسناً ]
أي: على غاسل الميت ستر ما رآه من الميت إن لم يكن حسناً، فربما يرى منه ما ليس بحسن، إما من الناحية الجسدية، وإما من الناحية المعنوية، فقد يرى ـ والعياذ بالله ـ وجهه مظلماً متغيراً كثيراً عن حياته، فلا يجوز أن يتحدث إلى الناس، ويقول: إني رأيت وجهه مظلماً، لأنه إذا قال ذلك ظن الناس به سوءاً.
وقد يكون وجهه مسفراً حتى إن بعضهم يُرى بعد موته متبسماً فهذا لا يستره.
أما السيئ من الناحية الجسدية، فإن الميت قد يكون في جلده أشياء من التي تسوؤه إذا اطلع الناس عليها، كما قال الله تعالى في قصة موسى: { تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ } أي: قد يكون فيه برص يكره أن يطلع الناس عليه، فلا يجوز للإنسان أن يقول: رأيت فيه برصاً، وقد يتغير لون الجلد ببقع سوداء، والظاهر ـ والله أعلم ـ أنها دموية، فلا يذكرها للناس بل يجب أن يسترها.
قال العلماء: إلا إذا كان صاحب بدعة، وداعية إلى بدعته، ورآه على وجهٍ مكروه، فإنه ينبغي أن يبين ذلك حتى يحذر الناس من دعوته إلى البدعة، لأن الناس إذا علموا أن خاتمته على هذه الحال، فإنهم ينفرون من منهجه وطريقه، وهذا القول لا شك قول جيد وحسن، لما فيه من درء المفسدة التي تحصل باتباع هذا المبتدع الداعية، وكذا لو كان صاحب مبدأ هدّام كالبعثيين والحداثيين.اهـ
الوقفة الرابعة / وهي عن ذكر اسم ومحاسن المبتدع عند الرد عليه والتحذير منه ومن ضلاله.
حيث قال ـ رحمه الله ـ كما في " لقاء الباب المفتوح"(121/42):
وأما من أراد النصح والتحذير من بدعته وخطره فلا يذكر الحسنات، لأنه إذا ذكر الحسنات فهذا يرغِّب الناس بالاتصال به.
ثم قال:
فمثلاً إذا إنسان ابتدع بدعة وأردنا أن نتكلم نحذر من البدعة فإنا نذكره ولا بأس، وإن كان قد يكون من المصلحة ألا يُذكر باسمه.
وزاد فقال:
الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ ذكر أسماء معينة بأشخاصهم في مقام النصح، كما في حديث فاطمة بنت قيس أنه خطبها أبو جهم ومعاوية وأسامة بن زيد فذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي جهم وعن معاوية ما يقتضي ألا تتزوجهما وقال: (( انكحي أسامة )).
ولم يذكر محاسنهما، مع أن محاسنهما لا شك أنها كثيرة، لكنه سكت عن ذلك، لأن المقام يقتضي هذا.اهـ
الوقفة الخامسة / وهي عن طلب العلم الشرعي إذا اشرأبت أعناق البدع ولم يجد المبتدع من يردعه بالبرهان الصحيح وأنه قد يكون أوجب وأولى من الجهاد بالسلاح بل من أوجب الواجبات في مثل هذه الحالة، وعظم حاجة الناس للعلماء لرد كيد المبتدعين وسائر أعداء الله.
حيث قال ـ رحمه الله ـ كما في "مجموع فتاويه ورسائله" (18/534):
ومن الجهاد في سبيل الله طلب العلم الشرعي، بل قد يكون أوجب وأولى من الجهاد بالسلاح، لاسيما إذا اشرأبت أعناق البدع، وظهرت الغوغاء في الفتاوى، وارتكب كل إنسان رأيه، وإن كان قاصراً في علمه، لأن هذه بلية عظيمة أن يبدأ ظهور البدع في المجتمع، ولا يجد المبتدع من يردعه عن بدعته بالبرهان الصحيح، أو أن تكثر الفتاوى التي تصدر من قاصر، أو مقصر، إما من قاصر في علمه، أو مقصر في التحري وطلب الحق، ففي مثل هذه الحال يكون طلب العلم من أوجب الواجبات، ولابد أن يكون لدينا علم تام راسخ ندفع به الشبهات، ونحقق به المسائل والأحكام الشرعية، حتى لا يضيع الشرع، ويتفرق الناس.
إذن فطلب العلم الشرعي من الجهاد في سبيل الله، فلو جاءنا رجل ليس عنده مال وهو قادر على التكسب لكنه يريد أن يتفرغ لطلب العلم الشرعي فإنه يجوز أن نعطيه من الزكاة ليتوفر له الوقت فنعطيه ما يقوم بكفايته من الملابس والأكل والشرب والسكن والكتب اللازمة التي يحتاج إليها فقط.اهـ
وقال ـ رحمه الله ـ في "شرح رياض الصالحين"(2/55/56باب المجاهدة):
أما مجاهدة الغير فإنها تنقسم إلى قسمين: قسم بالعلم والبيان، وقسم بالسلاح.
أما من مجاهدته بالعلم والبيان فهو الذي يتسمى بالإسلام وليس من المسلمين، مثل المنافقين وأهل البدع المكفرة وما أشبه ذلك، فإن هؤلاء لا يمكن أن نجاهدهم بالسلاح، لأنهم يتظاهرون بالإسلام، وأنهم معنا، ولكننا نجاهدهم بالعلم والبيان، قال الله تعالى: { يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير}.
فجهاد الكفار يكون بالسلاح، وجهاد المنافقين يكون بالعلم والبيان.
ولهذا كان الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ يعلم بأن في أصحابه منافقين، ويعلمهم بأعيانهم، ولكنه لا يقتلهم، واستؤذن في قتلهم فقال: (( لا يتحدث الناس بأن محمداً يقتل أصحابه )).
فكذلك الذين ينضوون تحت لواء الإسلام من أهل البدع لا نقاتلهم بالسلاح، لكننا نقاتلهم بالعلم والبيان، ولهذا كان واجبا على شباب الأمة الإسلامية أن يتعلموا العلم على وجه راسخ ثابت لا على وجه سطحي كما يوجد في كثير من بيوت العلم، حيث يتعلمون علماً سطحياً لا يرسخ بالذهن، علماً يقصد به الإنسان أن يحصل على بطاقة أو شهادة فقط، ولكن العلم الحقيقي هو العلم الذي يرسخ في القلب، ويكون كالملكة للإنسان، حتى إن الإنسان الذي يوفق لهذا النوع من العلم تجده لا يكاد تأتيه مسألة من المسائل إلا عرف كيف يخرجها على الأدلة من الكتاب والسنة والقياس الصحيح، فلابد من علم راسخ، والناس اليوم في عصرنا محتاجون إلى هذا النوع من العلم، لأن البدع بدأ يفشوا ظلامها في بلدنا هذه، بعد أن كانت نزيهة منها، لكن نظراً لانفتاحنا على الناس، وانفتاح الناس علينا، وذهاب بعضنا إلى بلاد أخرى، ومجيء آخرين إلى بلادنا ليسوا على عقيدة سليمة، بدأت البدع تظهر، ويفشوا ظلامها، وهذه البدع تحتاج إلى نور من العلم يضيء الطريق حتى لا يصيب بلادنا ما أصاب غيرها من البدع المنكرة العظيمة التي قد تصل إلى الكفر والعياذ بالله.
فلابد من مجاهدة أهل البدع وأهل النفاق بالعلم والبيان، وبيان بطلان ما هم عليه، بالأدلة المقنعة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الهدى من بعدهم.اهـ
وقال ـ رحمه الله ـ كما في كتاب "العلم"(ص27و29-30):
طالب العلم لابد له من التأدب بآداب، نذكر منها:
الأمر الثالث: الدفاع عن الشريعة.
أن ينوي بطلب العلم الدفاع عن الشريعة، لأن الكتب لا يمكن أن تدافع عن الشريعة، ولا يدافع عن الشريعة إلا حامل الشريعة، فلوا أن رجلاً من أهل البدع جاء إلى مكتبة حافلة بالكتب الشرعية فيها ما لا يحصي من الكتب، وقام يتكلم ببدعة ويقررها فلا أظن أن كتاباً واحداً يرد عليه، لكن إذا تكلم عن عند شخص من أهل العلم ببدعته ويقررها فإن طالب العلم يرد عليه ويدحض كلامه بالقرآن والسنة.
فعلى طالب العلم أن ينوى بطلب العلم الدفاع عن الشريعة، لأن الدفاع عن الشريعة لا يكون إلا برجالها كالسلاح تماماً، لو كان عندنا أسلحة ملأت خزائنها فهل هذه الأسلحة تستطيع أن تقوم من أجل أن تلقي قذائفها على العدو؟ أو لا يكون ذلك إلا بالرجال؟.
فالجواب: لا يكون ذلك إلا بالرجال، وكذلك العلم.
ثم إن البدع تتجدد، فقد توجد بدع ما حدثت في الزمن الأول ولا توجد في الكتب، فلا يمكن أن يدافع عنها إلا طالب العلم، ولهذا أقول:
إن ما تجب مراعاته لطالب العلم الدفاع عن الشريعة، إذن فالناس في حاجة ماسة إلى العلماء، لأجل أن يردوا على كيد المبتدعين وسائر أعداء الله - عز وجل - ولا يكون ذلك إلا بالعلم الشرعي المتلقي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.اهـ
الوقفة السادسة / وهي عن أهل السنة وأنه لا يمكنهم ترك الميدان لأهل البدع يرتعون فيه ببدعهم كما يشاءون.
حيث قال ـ رحمه الله ـ في "شرح العقيدة السفارينية"(ص295-228)إجابة على هذا السؤال:
[ إذا وجدنا شخصاً يعني يخوض يتكلم في الجوهر والجسم والعرض فهل ننهاه أو نقول ماذا تريد بالجسم والعرض؟ ]:
نقول له أولاً:
يجب عليك الإعراض عن هذا وعدم الخوض فيه، فإن أصر إن يتكلم تكلمنا معه يعني ما نتركه، ولهذا بعض الناس يقول: لماذا يتكلم أهل السنة في هذه الأمور؟
فنقول: مكره أخاك لا بطل، إذا تكلم فيها أهل البدع ما يمكن أن نتركهم في الميدان يرتعون كما يشاءون، لا بد أن ننزل معهم في الميدان ونتكلم.اهـ
الوقفة السابعة / وهي عن إدخال طالب العلم الكتب الضارة التي تحمل فكراً ومنهجاً معيناً ككتب المبتدعة التي تضر في العقيدة والكتب الثورية التي تضر في المنهج إلى مكتبته.
حيث قال ـ رحمه الله ـ كما في كتاب "العلم"(ص91):
الكتب تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: كتب خير.
القسم الثاني: كتب شر.
القسم الثالث: كتب لا خير ولا شر.
فاحرص أن تكون مكتبتك خالية من الكتب التي ليس فيها خير أو التي فيها شر، وهناك كتب يقال إنها كتب أدب، لكنها تقطع الوقت وتقتله في غير فائدة، وهناك كتب ضارة ذات أفكار معينة وذات منهج معين، فهذه أيضاً لا تدخل المكتبة سواء كان ذلك في المنهج أو كان ذلك في العقيدة، مثل كتب المبتدعة التي تضر في العقيدة، والكتب الثورية التي تضر في المنهج.
وعموماً كل كتب تضر فلا تدخل مكتبتك، لأن الكتب غذاء للروح كالطعام والشراب للبدن، فإذا تغذيت بمثل هذه الكتب صار عليك ضرر عظيم، واتجهت اتجاهاً مخالفاً لمنهج طالب العلم الصحيح.اهـ
وقال ـ رحمه الله ـ في "شرح لمعة الاعتقاد"(ص159):
ومن هجر أهل البدع:
ترك النظر في كتبهم خوفاً من الفتنة بها، أو ترويجها بين الناس فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب.اهـ
الوقفة الثامنة / وهي عن القراءة في الكتب المحتوية على الضلال من كتب أهل الكفر وأهل البدع والأهواء لمن لم يكن عنده رصيد قوي من العلم يحصنه.
حيث قال ـ رحمه الله ـ كما في " لقاء الباب المفتوح"(47/13):
أرى أنه لا يجوز للإنسان أن يقرأ كتاباً مضلاً من كتب اليهود أو النصارى أو المشركين أو أهل البدع إلا إذا كان عنده رصيد قوي يمكن أن يتحصن به، وأما إذا كان مبتدئاً في القراءة فلا يجوز له أن يبدأ بقراءة هذه الكتب الباطلة، لأنه ربما تأثر بما فيها من الباطل. فهؤلاء ننصحهم بأن يتركوا هذه الكتب، حتى يحصنوا أنفسهم بالعلوم الشرعية الصحيحة قبل أن يدخلوا في هذه الكتب المضلة، فالإنسان إذا أراد أن يتحصن من السيل أخذ في بناء السدود والمصارف قبل مجيء السيل، لا يفعل ذلك بعد مجيئه، فنقول: أولاً حصنوا أنفسكم بمعرفة الشريعة، واغرسوها في قلوبكم حتى إذا تمكنتم فلا بأس أن تقرءوا لتردوا على شبهات القوم وأباطيلهم.اهـ
الوقفة التاسعة / وهي عن هجر أهل البدع والأهواء وحكمه وبعض صوره.
حيث قال ـ رحمه الله ـ في " شرح لمعة الاعتقاد"(ص159-160):
والمراد بهجران أهل البدع:
الابتعاد عنهم، وترك محبتهم، وموالاتهم، والسلام عليهم، وزيارتهم، وعيادتهم، ونحو ذلك.
وهجران أهل البدع واجب، لقوله تعالى: { لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله }.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم هجر كعب بن مالك وصاحبيه حين تخلفوا عن غزوة تبوك.
لكن إن كان في مجالستهم مصلحة لتبيين الحق لهم وتحذيرهم من البدعة فلا بأس بذلك، وربما يكون ذلك مطلوباً لقوله تعالى: { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن }.
وهذا قد يكون بالمجالسة والمشافهة، وقد يكون بالمراسلة والمكاتبة.
ومن هجر أهل البدع:
ترك النظر في كتبهم خوفاً من الفتنة بها، أو ترويجها بين الناس فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب.
لقوله صلى الله عليه وسلم ، في الدجال: (( من سمع به فلينأ عنه فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات )) رواه أبو داود، قال الألباني: وإسناده صحيح.
لكن إن كان الغرض من النظر في كتبهم معرفة بدعتهم للرد عليها فلا بأس بذلك لمن كان عنده من العقيدة الصحيحة ما يتحصن به، وكان قادراً على الرد عليهم، بل ربما كان واجباً، لأن رد البدعة واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.اهـ
الوقفة العاشرة / وهي عن حكم الوقف على طباعة كتب البدع والأهواء.
حيث قال ـ رحمه الله ـ في "الشرح الممتع على زاد المستقنع"(11/23-24):
قوله: [ وكتب زندقة ]
ككتب الشيوعية، أو كتب البدع المكفرة أو المفسقة، فلا يجوز الوقف عليها، فلو أوقف إنسان شيئاً على مؤلفات الزنادقة، فإنه لا يصح الوقف، لأنه إعانة على الإثم والعدوان...
فكتب الشيوعية كتب ضلال وإلحاد، وليست من عند الله، فيمنع من إثبات الأوقاف فيها، والعمل بها مطلقاً، وكذلك كتب البدع يمنع، فلا يوقف أي شيء في بلاد الإسلام على نسخ كتب البدع.اهـ
الوقفة الحادية عشرة / وهي عن الاجتماع مع أهل البدع والأهواء على ماذا يكون.
حيث قال ـ رحمه الله ـ كما في " لقاء الباب المفتوح"(194/12):
أما اجتماع الأمة لا شك أنه واجب، كما قال الله عز وجل: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا }.
لكن واجب على أي شيء؟ على هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ما هو على الأهواء، { اعتصموا بحبل الله } بدأ بالحبل قبل أن يقول: { جميعاً } وحبل الله هو دينه وشريعته، وأما أن نتفق بالمداهنة، فهذا غلط، ولهذا نجد العلماء رحمهم الله يردون على المبتدعة ويرون أن الواجب عليهم الرجوع إلى الحق.اهـ
وقال ـ رحمه الله ـ أيضاً كما في "لقاء الباب المفتوح"(156/26) مجيباً على سؤال نصه:
[ بعض إخواننا الدعاة إلى الله عز وجل في البلاد رأوا أن من المصلحة أنهم يتفقون مع الصوفية في عدم الكلام في المحاضرات أو في الخطب في الاستواء مثلاً أو الاستغاثة وغيرها من الأشياء، واستدلوا باتفاق النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود، فهل الاستدلال صحيح يا شيخ؟ ما توجيهكم؟ ]:
الجواب:
لا هذا الاستدلال غير صحيح، لأن هذا الذي تذكر هو قوله تعالى: { وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }.
المداهنة في الدين لا تجوز، والرسول عليه الصلاة والسلام إنما صالح اليهود على ألا يعتدي أحد على أحد، لا على أن نرضى بدينهم أبداً، ولا يمكن يرضى الرسول بدينهم أبداً، وهذا الذي تذكر يعني الرضا بما هم عليه من الباطل، فالمصالحة على هذا الوجه هي مداهنة في الواقع، والمداهنة محرمة، لا يجوز لأحد أن يداهن أحداً في دين الله، بل يجب بيان الحق مهما كان، لكن من الممكن إذا رأوا من المصلحة ألا يبدءوا بالإنكار قبل كل شيء، وأن يبدءوا أولاً بالشرح الصحيح، فمثلاً إذا تكلم عن الاستواء كما قلتم يشرح معنى الاستواء ويبين حقيقته دون أن يقول: ويوجد أناس يفسرونه بكذا إلا بعد أن يتوطن الناس ويعرفوا الحق ويسهل عليهم الانتقال من الباطل إلى الحق.اهـ
الوقفة الثانية عشرة / وهي عن حكم وأضرار التردد والمعاملة مع المجاهر بالبدعة وإن كان يستفاد منه مالياً وعلمياً.
حيث قال ـ رحمه الله ـ كما في "لقاء الباب المفتوح"(58/9):
إذا كان هذا الرجل مجاهراً بما عنده من البدعة، فإنه لا ينبغي للإنسان أن يتعامل معه، وأن يتردد عليه، لأنه وإن كان لا يتأثر به فقد يغتر به غيره، بمعنى:
أن الناس ينخدعون ويظنون أن هذا المبتدع على حق، فالذي ينبغي ألا يتردد الإنسان على أهل البدع، مهما استفاد منهم مالياً أو علمياً، لما في ذلك من التغرير بالآخرين.اهـ
الوقفة الثالثة عشرة / وهي عن الموقف جهة أهل البدع من الرافضة وغيرهم إذا دعوا إلى شيء يخالف مذهب السلف الصالح في أثناء التدريس.
حيث قال ـ رحمه الله ـ كما في " لقاء الباب المفتوح"(8/16):
وأما ما يتعلق بالتدريس، فيجب أن يقول الإنسان الحق سواءً كان له أو عليه، فإذا ظهر منهم الدعوة إلى خلاف مذهب السلف الصالح فإنه يجب أن يمنعوا من إظهار هذه البدعة، وأن يناظروا عليها، ومعلوم أنه إذا ناظرهم هم أو غيرهم من أهل البدع من عنده علم بالسنة وطريقة السلف، معلوم أنهم سوف يعجزون عن مقاومة الحق، لأن الله تعالى قال: { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ }.
أما إذا كان تدريسهم في أشياء لا تمت إلى العقيدة بصلة، إنما هم في أمور حسابية أو أمور أدبية أو لغوية، ولم يتعرضوا لما يتعلق بالعقيدة فلا بأس في ذلك، ولكن لا بد من أن يتأمل الإنسان خطر أهل البدع مطلقاً حتى لا تنتشر البدع بين شبابنا.اهـ
الوقفة الرابعة عشرة / وهي عن طرق حفظ السنة النبوية والتي أحدها الرد على شبهات أهل البدع حولها.
حيث قال ـ رحمه الله ـ كما في كتاب " العلم"(ص45):
السنة الصحيحة: فهي ثاني المصدرين للشريعة الإسلامية، وهي الموضحة للقرآن الكريم، فيجب على طالب العلم الجمع بينهما والحرص عليهما، وعلى طالب العلم حفظ السنة، إما بحفظ نصوص الأحاديث أو بدراسة أسانيدها ومتونها وتمييز الصحيح من الضعيف، وكذلك يكون حفظ السنة بالدفاع عنها والرد على شبهات أهل البدع في السنة.اهـ
الوقفة الخامسة عشرة / وهي عن تولية أهل البدع والأهواء القضاء.
حيث قال ـ رحمه الله ـ في " الشرح الممتع على زاد المستقنع"( 15/283):
مسائل: هل يجوز تولية أهل البدع القضاء؟
أهل البدع ينقسمون إلى قسمين: أهل بدع مكفرة، فهؤلاء انتفى عنهم شرط الإسلام، وأهل بدع مفسقة انتفى عنهم شرط العدالة، فإذا كانت البدعة مفسقة فلا يولى، ولو على أهل بدعته.اهـ
الوقفة السادسة عشرة / وهي عن سبب عدم الرجوع عن البدع والأهواء مع تبيين الحق لأهلها.
حيث قال ـ رحمه الله ـ في " القول المفيد على كتاب التوحيد"(1/385):
ولهذا كانت البدع غالبها شبهة، ولكن كثيراً منها سببه الشهوة، ولهذا يبين الحق لأهل الشهوة من أهل البدع، فيصرون عليها، وغالبهم يقصد بذلك بقاء جاهه ورئاسته بين الناس دون صلاح الخلق، ويظن في نفسه ويملي عليه الشيطان أنه لو رجع عن بدعته لنقصت منزلته بين الناس، وقالوا: هذا رجل متقلب وليس عنده علم.اهـ
الوقفة السابعة عشرة / وهي عن علوم أهل البدع الذين يخاصمون في بدعهم وأنها ناقصة البركة لا خير فيها ولا ينتهون فيها إلى حق.
حيث قال ـ رحمه الله ـ كما في "تفسير سورة البقرة"(4/356):
ولذلك تجد أهل البدع الذين يخاصمون في بدعهم علومهم ناقصة البركة لا خير فيها، وتجد أنهم يخاصمون، ويجادلون وينتهون إلى لا شيء، لا ينتهون إلى الحق، لأنهم لم يقصدوا إلا أن ينصروا ما هم عليه، فكل إنسان جادل من أجل أن ينتصر قوله فإن الغالب أنه لا يوفق، ولا يجد بركة العلم.اهـ
وجمعه:
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.

أكرم بن نجيب التونسي
06-22-2010, 07:19 PM
حقا موضوع قيم جزاك الله خيرا أخي الكريم عبد الله وبارك فيك

وجزى الله الشيخ عبد القادر الجنيد خيرا ووفقه لكل خير