المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضل الزهد في الدنيا والحث على التقلل منها وفضل الفقر


أكرم بن نجيب التونسي
05-22-2010, 12:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

فضل الزهد في الدنيا والحث على التقلل منها وفضل الفقر

ـ عن عمرو بن عوف الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى البحرين يأتي بجزيتها فقدم بمال من البحرين ، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة ، فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف ، فتعرّضوا له ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم ، ثم قال : " أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين . فقالوا : أجل يا رسول الله ، فقال : " أبشروا وأمّلوا ما يسركم ، فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم " . متفق عليه .
ـ وعن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه قال : جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، وجلسنا حوله . فقال : " إن ممّا أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها " . متفق عليه .
ـ وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله تعالى مستخلفكم فيها ، فينظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء " . رواه مسلم .

الشرح

قال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ :

هذه الأحاديث ذكرها المؤلف ـ رحمه الله ـ في باب الزهد في الدنيا والترغيب فيه ، وقد ذكر قبل ذلك آيات متعددة كلها تدل على أن هذه الدنيا ليست بشيء بالنسبة للآخرة ، وأنها ممر ومزرعة للآخرة ، فإن قال قائل : يقال ورع ، ويقال زهد ، فأيهما أعلى ؟ وما الفرق بينهما ؟
فالجواب : أن الزهد أعلى من الورع ، والفرق بينهما أن الورع ترك ما يضر ، والزهد ترك مالا ينفع ، فالأشياء ثلاثة أقسام : منها ما يضر في الآخرة ، ومنها ما ينفع ، ومنها ما لا يضر ولا ينفع .
فالورع : أن يدع الإنسان ما يضره في الآخرة ، يعني أن يترك الحرام .
والزهد : أن يدع ما لا ينفعه في الآخرة ، فالذي لا ينفعه لا يأخذ به ، والذي ينفعه يأخذ به ، والذي يضره لا يأخذ به من باب أولى ، فكان الزهد أعلى حالا من الورع ، فكل زاهد ورع ، وليس كل ورع زاهدا .
ولكن حذر النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ من أن تفتح علينا الدنيا كما فتحت على من كان قبلنا فنهلك كما هلكوا .
لما قدم أبو عبيدة بمال من البحرين ، وسمع الأنصار بذلك ، جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوافوه في صلاة الفجر ، فلما انصرف من الصلاة تعرضوا له ، فتبسم ـ عليه الصلاة والسلام ـ يعني : ضحك بدون صوت ، تبسم لأنهم جاءوا متشوقين للمال .
فقال لهم :" أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين ؟ " قالوا : أجل يا رسول الله ، يعني : سمعنا بذلك وجئنا لننال نصيبنا .
فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : " أبشروا وأملوا ما يسركم ، فوالله ما الفقر أخشى عليكم " فالفقر لا يخشاه علينا النبي صلى الله عليه وسلم .
والفقر قد يكون خيرا للإنسان ، كما جاء في الحديث القدسي الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قال : ( إن من عبادي من لو أغنيته لأفسده الغنى ) يعني : أطغاه وأضله وصده عن الآخرة ـ والعياذ بالله ـ ففسد ( وإن من عبادي لو أفقرته لأفسده الفقر ) .
فقال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ : " ما الفقر أخشى عليكم " يعني : لا أخشى عليكم من الفقر لأن الفقير في الغالب أقرب إلى الحق من الغني .
وانظروا إلى الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ من الذي يكذبهم ؟ يكذبهم الملأ الأشرار الأغنياء وأكثر من يتبعهم الفقراء ، حتى النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أكثر من اتبعه الفقراء .
فالفقر لا يخشى منه ، بل الذي يخشى منه أن تبسط الدنيا علينا ، كما قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها ، فتهلككم كما أهلكتهم " .
وهذا هو الواقع ، وانظر إلى حالنا نحن ، لما كان الناس إلى الفقر أقرب ، كانوا لله أتقى ، وأخشع وأخشى ، ولما كثر المال ، كثر الإعراض عن سبيل الله ، وحصل الطغيان ، وصار الإنسان الآن يتشوف لزهرة الدنيا وزينتها : سيارة ، بيت ، فرش ، لباس ، يباهي الناس بهذا كله ، ويعرض عما ينفعه في الآخرة . وصارت الجرائد والصحف وما أشبهها لا تتكلم إلا عن الرفاهية وما يتعلق بالدنيا ، وأعرضوا عن الآخرة ، وفسد الناس إلا من شاء الله .
فالحاصل : أن الدنيا إذا فتحت ـ نسأل الله أن يقينا وإياكم شرها ـ أنها تجلب الشر وتطغي الناس (( كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى )) [ العلق : 6 ـ 7 ] .
وقد قال فرعون لقومه : (( يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي )) [ الزخرف : 51 ] . افتخر بالدنيا ، لذلك فالدنيا خطيرة جدا .
وفي هذه الأحاديث أيضا قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" إن الدنيا حلوة خضرة " حلوة المذاق ، خضرة المنظر ، تجذب وتفتن ، فالشيء إذا كان حلوا ومنظره طيبا فإنه يفتن الإنسان ، فالدنيا هكذا حلوة خضرة .
ولكن :" إن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون " يعني جعلكم خلائف فيها ؛ يخلف بعضكم بعضا ، ويرث بعضكم بعضا ، " فينظر كيف تعملون " هل تقدمون الدنيا أو الآخرة ؟ ولهذا قال : " فاتقوا الدنيا واتقوا النساء " . ولكن إذا أغنى الله الإنسان ، وصار غناه عونا له على طاعة الله ، ينفق ماله في الحق ، وفي سبيل الله ، صارت الدنيا خيرا .
ولهذا كان رجل الدنيا الذي ينفق ماله في سبيل الله ، وفي مرضاة الله عز وجل ، في منزلة العالم الذي أتاه الله الحكمة والعلم وصار يعلم الناس .
فهناك فرق بين الذي ينهمك في الدنيا ويعرض عن الآخرة ، وبين الذي يغنيه الله ، ويكون غناه سببا لسعادته والإنفاق في سبيل الله (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )) [ البقرة : 201 ] .

ـ وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة " . متفق عليه .
ـ وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" يتبع الميت ثلاثة : أهله ، وماله وعمله ، فيرجع اثنان ويبقى واحد ، يرجع أهله وماله ، ويبقى عمله " . متفق عليه .
ـ وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة ، فيصبغ في النار صبغة ثم يقال : يابن آدم هل رأيت خيرا قط ؟ هل مرّ بك نعيم قط ؟ فيقول : لا والله يارب ، ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة ، فيقال له : يابن آدم هل رأيت بؤسا قط ؟ هل مرّ بك شدة قط ؟ فيقول : لا . والله ، ما مرّ بي بؤس قط ، ولا رأيت شدة قط " . رواه مسلم .
ـ وعن المستورد بن شداد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم ، فلينظر بم يرجع ؟ " . رواه مسلم .
ـ وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بالسوق والناس كنفتيه ، فمر بجدي أسك ميت ، فتناوله ، فأخذ بأذنه ، ثم قال :" أيكم يحب أن يكون هذا له بدرهم ؟ فقالوا : ما نحب أنه لنا بشيء ومانصنع به ؟ ثم قال : أتحبون أنه لكم ؟ قالوا : والله لو كان حيا كان عيبا ، إنه أسك . فكيف وهو ميت ، فقال : " والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم " . رواه مسلم .
قوله كنفتيه أي : جانبيه . والأسك : الصغير الأذن .

الشرح

قال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ:
ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ أحاديث في بيان الزهد في الدنيا ، وأن النعيم هو نعيم الآخرة ، منها : عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة " يعني : العيشة الهنية الراضية الباقية هو عيش الآخرة ، أما الدنيا فإنه مهما طاب عيشها فمآلها للفناء ، وإذا لم يصحبها عمل صالح فإنها خسارة ، ولهذا ذكر في ضمن هذه الأحاديث " أنه يؤتى بأنعم أهل الدنيا في الدنيا " يعني : أشدهم نعيما ، في بدنه ، وثيابه ، وأهله ، ومسكنه ، ومركوبه ، وغير ذلك ، " فيصبغ في النار صبغة " يعني : يغمس في النار غمسة واحدة ، ويقال له : " يا بن آدم هل رأيت خيرا قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول : لا والله يا رب " . لأنه ينسى كل هذا النعيم ، هذا وهو شيء يسير ، فكيف بمن يكون مخلدا فيها ـ والعياذ بالله ـ أبد الآبدين .
وذكر أيضا في حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر في السوق بجدي أسّك . والجدي : من صغار الماعز ، وهو أسك : مقطوع الأذنين ، فأخذه النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ورفعه وقال :" أيكم يحب أن يكون هذا له بدرهم ؟ " قالوا : يا رسول الله ، ما نحب أنه لنا بشيء ، وما نصنع به ؟
ثم قال صلى الله عليه وسلم :" أتحبون أنه لكم ؟ " فقالوا : والله لو كان حيا كان عيبا إنه أسك ، فكيف وهو ميت ؟ فقال : " فوالله إن الدنيا أهون على الله تعالى من هذا عليكم " .
فهذا جدي ميت لا يساوي شيئا ومع ذلك فالدنيا أهون وأحقر عند الله تعالى من هذا الجدي الأسك الميت ، فهي ليست بشء . ومع ذلك فإن من عمل فيها عملا صالحا صارت مزرعة له في الآخرة ، ونال السعادتين ؛ سعادة الدنيا وسعادة الآخرة .
أما من غفل وتغافل وتهاون ومضت الأيام عليه وهو لم يعمل ، فإنه يخسر الدنيا والآخرة . قال تعالى : (( قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين )) [ الزمر : 15 ] .
وقال تعال : (( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) [ العصر : 1 ـ 3 ] .
وكل بني آدم خاسر إلا هؤلاء الذين جمعوا هذه الأوصاف الأربعة : آمنوا ، وعملوا الصالحات ، وتواصوا بالحق ، وتواصوا بالصبر ، جعلنا الله والمسلمين منهم .

ـ وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : " كنت أمشي مع النبي في حّرة بالمدينة ، فاستقبلنا أحد فقال : يا أبا ذر . قلت : لبيك يا رسول الله . فقال : ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبا تمضي علي ثلاثة أيام وعندي منه دينار ، إلا شيء أرصده لدين ، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن خلفه ، ثم سار فقال : إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا عن يمينه ، وعن شماله ، ومن خلفه وقليل ما هم . ثم قال لي : مكانك لا تبرح حتى آتيك . ثم انطلق في سواد الليل حتى توارى ، فسمعت صوتا قد ارتفع فتخوفت أن يكون أحد عرض للنبي صلى الله عليه وسلم فأردت أن آتيه فذكرت قوله : لا تبرح حتى آتيك فلم أبرح حتى آتاني ، فقلت : لقد سمعت صوتا تخوفت منه ، فذكرت له . فقال : وهل سمعته ؟ قلت : نعم ، قال : ذاك جبريل أتاني . فقال : من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : وإن زنى وإن سرق " . متفق عليه , وهذا لفظ البخاري .
ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو كان لي مثل أحد ذهبا ، لسرّني أن لا تمر علي ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيء أرصده لدين " . متفق عليه .
ـ وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم " . متفق عليه ، وهذا لفظ مسلم .
وفي رواية البخاري " إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه " .
ـ وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : :" لقد رأيت سبعين من أهل الصفة ، ما منهم رجل عليه رداء ، إما إزار ، وإما كساء ، قد ربطوا في أعناقهم ، فمنها ما يبلغ نصف الساقين ، ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته : . رواه البخاري .
ـ وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر " . رواه مسلم .

الشرح

قال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ
هذه الأحاديث التي ساقها المؤلف ـ رحمه الله ـ كلها تدل على الزهد في الدنيا .
فمنها حديث أبي ذر وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبا تمضي علي ثلاثة أيام وعندي منه دينار ، إلا شيء أرصده لدين إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا " عن يمينه وعن شماله ومن خلفه .
وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أزهد الناس في الدنيا ، لأنه لا يريد أن يجمع المال إلا شيئا يرصده لدين ، وقد توفي ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير أخذه لأهله .
ولو كانت الدنيا محبوبة إلى الله عز وجل ما حرم منها نبيه صلى الله عليه وسلم :" فالدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما ولاه وعالما ومتعلما " وما يكون في طاعة الله عز وجل .
ثم ذكر في حديث أبي ذر : " أن المكثرين هم المقلون يوم القيامة " يعني : المكثرين من الدنيا هم المقلون من الأعمال الصالحة يوم القيامة ، وذلك لأن الغالب على من كثر ماله في الدنيا أن يستغني ويتكبر ويعرض عن طاعة الله ، لأن الدنيا تلهيه ، فيكون مكثرا في الدنيا مقلا في الآخرة ، وقوله :" إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا " يعني : في المال وصرفه في سبيل الله عز وجل .
وفي حديث أبي ذر أن من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق ، وهذا لا يعني أن الزنى والسرقة من الأمور السهلة ، بل هي صعبة ، ولهذا استعظمها أبو ذر وقال : وإن زنى وإن سرق ! قال :" وإن زنى وإن سرق " .
وذلك لأن من مات على الإيمان وعليه معاص من كبائر الذنوب ، فإن الله يقول : (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) [ النساء : 48 ]
قد يعفو الله عنه ولا يعاقبه ، وقد يعاقبه ، لكن إن عاقبه فمآله إلأى الجنة لأن كل من كان لا يشرك بالله ولم يأت شيئا مكفرا ، فإن مآله إلى الجنة .
أما من أتى مكفرا كالذي لا يصلي ـ والعياذ بالله ـ فهذا مخلد في النار ؛ لأنه كافر مرتد حتى ولو قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، وآمنت بالله وباليوم الآخر وهو لا يصلي ، فإنه مرتد ، لأن المنافقين كانوا يقولون للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ :(( نشهد إنك لرسول الله )) [ المنافقون : 1 ] . وكانوا يذكرون الله ولكن لا يذكرون الله إلا قليلا ويصلون ولكن (( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى )) [ النساء : 142 ] . ومع ذلك فهم في الدرك الأسفل من النار .
وكذلك الأحاديث التي تلت ما رواه أبو ذر رضي الله عنه ، كلها تدل على الزهد في الدنيا ، وأن الإنسان لا ينبغي أن تتعلق نفسه بها ، وأن تكون الدنيا بيده لا بقلبه ، حتى يقبل بقلبه على الله عز وجل ، فإن هذا هو كمال الزهد ، وليس المعنى أنك لا تأخذ شيئا من الدنيا ، بل خذ من الدنيا ما يحل لك ، ولا تنس نصيبك منها ، ولكن اجعلها في يديك ولا تجعلها في قلبك ، وهذا هو المهم ، نسأل الله لنا وللمسلمين العافية والسلامة .

المصدر :
رياض الصالحين للإمام النووي رحمه الله
الشرح لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله [ ج 2 ص 173 ] .


منقول من شبكة سحاب

أبو عبد الرحمن عبدالله العماد
05-22-2010, 02:37 PM
بارك الله فيك
ورحم الله العلامة ابن العثيمين

أكرم بن نجيب التونسي
05-25-2010, 02:02 AM
وفيكم بارك الله