المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شبهة .قد تأدّي إلى تعطيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -يجيب عنها الشيخ الألباني -رحمه الله -


أبو عبد الرحمن لخضر ابن أحمد السبداوي
04-14-2010, 08:12 PM
السائل: سائل يقول في قوله تبارك وتعالى:{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }،فيقول أَنه يخشى أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فتكون حجة عليه لأنه لا يمتثل فيقرأ قوله - صلى الله عليه وسلم - : « يؤتى بالرجل يوم القيامة فيدور في النار كحمار الرحى ..» الحديث، فيقول كيف نخرج من إثم عدم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من هذه الآية وهذا الحديث .

فأجاب الشيخ الألباني -رحمه الله-
أذكر جيداً أنني كنت قرأت في تفسير الإمام القرطبي (الجامع لتفسير القرآن) هذه الشبهة التي وجهت إلى الإمام مالك -رحمه الله- فأجاب: ودالشيطان أن يسمع منكم مثل هذه الشبهة من منا بإستطاعته أن يأتمر بكل ما يأمر، وأن ينتهي عن كل ما ينتهي، ولكن على المسلم أن يحرص على أن يعمل بما يأمر، وأن ينتهي عما نهى عنه. ولكن إذا كان يشعر أنه أحياناً قد يأمر بالشيء ولا يأتمر به؛ وينهى عن شيء آخرولا ينتهي عنه، فهنا يجب أن نستحضر حقيقتين اثنتين؛
الأولى: أشرت إليها آنفا وهي أن يحرص على أن يعمل بمايأمر وأن ينتهي عن ما ينهى عنه،
الحقيقة الثانية: أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عليه واجبان، أحدهما الأمروالنهي، والآخر عدم المخالفة لما يأمر ولما ينهى، فإذا أخلَّ بأحد الأمرين فلاينبغي أن يخل بالأمر الآخر، يعمل بالمعروف لكنه لا يأمر به، وينتهي عن المنكر ولكنه لا ينهى الناس عنه، فهذا قام بواجب وترك واجباً، على العكس من ذلك ما نحن الآن في صدده، هو يأمر بالمعروف ولكنه لا يأتمر، وينهى عن المنكر ولكنه لا ينتهي، فقيامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قيام بواجب، وتركه العمل بالمعروف والإنتهاء عن المنكر ترك لواجب،فهذا يساوي ذاك،كل منهما أخل بواجب،والحق أن يجمع بين الأمرين إذا أمر يأتمر وإذا نهى ينتهي، ولكن لا يمكن أن يوجد إنسان غير معصوم يمكن أن يجمع بين الأمرين في كل ما كان أمراً بالمعروف فيفعله، أو نهياً عن منكرفيتركه، إنما يفوته بعض الأشياء، وبخاصة أن بعض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قدلا يكون واجبا قد يكون من باب المستحبات أو السنن المؤكدات، فهو مثلاً يحض الناس ويأمرهم بقيام الليل مثلاً وهو لا يقوم الليل، ويحض الناس على صلاة الضحى ويأمرهم بها ويذكر لهم من فضلها ما شاء الله وهو لا يصلي صلاة الضحى فهنا لا نكران عليه لأنه لم يخل بواجب لأن ما ذكرنا ليست من الواجبات. خلاصة القول: أن هذه الشبهة تعطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا يجوز للمسلم أن يتأثر بها، ولكن عليه أن يحرص كل الحرص أن لا يدخل في وعيد الحديث الذي أشارإليه السائل،وهو ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: « يؤتى بالعالم يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه، ويدورفي النار كما يدور الحمار بالرحى فيطيف به أهل النار فيقولون له يا فلان ألست كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر فيقول بلى كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه»،أقول الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر يجب أن يكون حريصا كل الحرص أن لا يكون في منزلة هذا العالم الذي يلقى في النار إلى آخره .
ثم أني ألاحظ في هذا الحديث أن هذا العالم من طابعه ومن ديدنه أنه يأمر بالمعروف ولا يأتمر، وينهى عن المنكر ولاينتهي،أي إنه ليس كمن لو أمرأحياناً بمعروف ثم لا يأتمر، ونهى أحياناً عن المنكر ثم هو لاينتهي، لأن الأمر كماقلت آنفا، لا يمكن لبشر أن ينجو من الإخلال بشيء من الواجبات، ومن ذلك أن يأمر بشيء ولا يأتمر به وينهى عن شيء ولا ينتهي عنه، الحديث محمول على من كان طابعه أن يأمر بالمعروف وأن ينهى عن المنكر ثم هو يخالف الناس إلى خلاف ما يأمرهم به ويناههم عنه.هذا جوابي إنشاء الله يكون صوابا.
- سلسلة الهدى والنور رقم - 387-

أبو أحمد علي بن أحمد السيد
04-14-2010, 08:21 PM
جزاك الله خيرا أخي السبداوي على نقل هذه الفائدة الطيبة

من

مجدد العصر - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته -

أبو عبد الرحمن لخضر ابن أحمد السبداوي
04-14-2010, 08:34 PM
جزاك الله بمثله أخي أبو أحمد وبارك الله فيك