المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير قوله تعالى(يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ ولاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّه إِذَا يُبَيِتُونَ مَالاَيَرْضَى مِنَ القَوْلِ وَكَانَ اللَّه بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً )


أم جابر السلفية
04-07-2010, 04:14 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تفسيرقوله تعالى: {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله} الاَية, هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس لئلا ينكروا عليهم, ويجاهرون الله بها, لأنه مطلع على سرائرهم وعالم بما في ضمائرهم, ولهذا قال: {وهو معهم إذ يبيتون مالا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطاً} تهديد لهم ووعيد. ثم قال تعالى:{ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا} الاَية, أي هب أن هؤلاء انتصروا في الدنيا بما أبدوه أو أبدي لهم عند الحكام الذين يحكمون بالظاهر وهم متعبدون بذلك, فماذا يكون صنيعهم يوم القيامة بين يدي الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى ؟ ومن ذا الذي يتوكل لهم يومئذ يوم القيامة في ترويج دعواهم ؟ أي لا أحد يومئذ يكون لهم وكيلاً, ولهذا قال: {أم من يكون عليهم وكيلاً}
.
ثم تفسير قوله تعالى ...

** وَمَن يَعْمَلْ سُوَءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رّحِيماً * وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىَ نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً * وَمَن يَكْسِبْ خَطِيَئَةً أَوْ إِثْماً ثُمّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مّبِيناً * وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمّتْ طّآئِفَةٌ مّنْهُمْ أَن يُضِلّوكَ وَمَا يُضِلّونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً


يخبر تعالى عن كرمه وجوده أن كل من تاب إليه, تاب عليه من أي ذنب كان. فقال تعالى: {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس أنه قال في هذه الاَية: أخبر الله عباده بعفوه وحلمه وكرمه, وسعة رحمته, ومغفرته فمن أذنب ذنباً صغيراً كان أو كبيراً {ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً} ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال, رواه ابن جرير, وقال ابن جرير أيضاً: حدثنا محمد بن مثنى, حدثنا محمد بن أبي عدي, حدثنا شعبة عن عاصم عن أبي وائل, قال: قال عبد الله: كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنباً أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه, وإذا أصاب البول منه شيئاً قرضه بالمقراض فقال رجل: لقد آتى الله بني إسرائيل خيراً, ما آتاكم الله خير مما آتاهم, جعل الماء لكم طهوراً, وقال تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم}, وقال: {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً}, وقال أيضاً: حدثني يعقوب, حدثنا هشيم عن ابن عون, عن حبيب بن أبي ثابت, قال: جاءت امرأة إلى عبد الله بن مغفل فسألته عن امرأة فجرت فحبلت, فلما ولدت قتلت ولدها, قال عبد الله بن مغفل: لها النار, فانصرفت وهي تبكي فدعاها ثم قال: ما أرى أمرك إلا أحد أمرين {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً} قال: فمسحت عينها ثم مضت.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا شعبة عن عثمان بن المغيرة, قال: سمعت علي بن ربيعة من بني أسد يحدث عن أسماء أو ابن أسماء من بني فزارة, قال: قال علي رضي الله عنه: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه. وحدثني أبو بكر ـ وصدق أبو بكر ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يذنب ذنباً, ثم يتوضأ ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله لذلك الذنب, إلا غفر له» وقرأ هاتين الاَيتين {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه} الاَية, {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم}, الاَية. وقد تكلمنا على هذا الحديث وعزيناه إلى من رواه من أصحاب السنن, وذكرنا ما في سنده من مقال في مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه, وقد تقدم بعض ذلك في سورة آل عمران أيضاً.

من تفسير ابن كثيير بتصرف يسير