المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية للشيخ حافظ الحكمي


الشاعر أبو رواحة الموري
06-12-2009, 07:07 PM
المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية
للشيخ حافظ الحكمي

الحَمْـدُ للهِ ربِّ العالمـينَ عَلى * * * آلائه وهْـوَ أهـلُ الحَمْـدِ والنِّعَـمِ
ذي الملكِ والملكوتِ الواحِدِ الصمَدِالـ * * * بَـرِّ المهيْمِنِ مُبـدِي الخلْـقِ مِنعَدَمِ
مَنْ عَلَّمَ الناسَ ما لا يعْلمونَ وبِالْـ * * * بَيـانِ أنْطَقَهُـمْ والخَـطِّ بالقَلَـمِ
ثمَّ الصلاةُ على المُخْتارِ أكرَمِ مَبْـ * * * عُـوثٍ بِخيْرِ هُدًى فـي أفضَلِ الأُمَمِ

والآلِ والصَّحْبِ والأتْباع قاطِبَةً * * * والتـابِعـينَ بإحْسـانٍ لِنَهْجِهِـمِ
ما لاحَ نَجْمٌ وما شمسُ الضُّحى طَلَعَتْ * * * وعـَدُّ أنْفاسِ ما فـي الكوْنِ مِن نَسَمِ
وبَعْدُ مَنْ يُرِدِ اللهُ العظيمُ بِهِ * * * خيـْرًا يُفَقِّهـهُ فِـي دِينهِ القِيَمِ
وحَثَّ ربِّي وحَضَّ المؤمنينَ عَلى * * * تَفَقُّهِ الـدِّينِ مـعْ إنْـذارِ قَوْمِهِمِ

وامْتَنَّ رَبِّي عَلى كلِّ العِبادِ وكُلـ * * * ـل الرُّسْـلِ بالعِلْمِ فاذْكُـرْ أكْبَرَ النِّعَمِ
يَكفِيكَ في ذاكَ أُولَى سُورَةٍ نَزَلَتْ * * * عَلـى نَبِيِّـكَ أعْني سورَة القَلَمِ
كذاكَ فِي عِدَّةِ الآلاءِ قدَّمَهُ * * * ذِكْـرًا وقَـدَّمَهُ في سُورَةِ النَّعَمِ
ومَيَّزَ اللهُ حَتى في الجوارِحِ مَا * * * مِنْهـا يُعلـمُ عنْ باغٍ ومُغْتَشِمِ

وذمَّ ربِّي تعالَى الجاهِلِينَ بِهِ * * * أشَـدَّ ذمٍّ فَهُـم أدْنى مِنَ البُهمِ
وليْسَ غِبْطَةٌ اْلا في اثْنَتَيْنِ هُما الْـ * * * إحْسانُ فـي المالِ أو في العِلْمِ والحكمِ
ومِنْ صِفاتِ أُولِي الإيمانِ نَهْمَتُهُمْ * * * فِـي العِلْمِ حتى اللَّقَى غِبْط بِذِي النَّهَمِ
العِلْمُ أغْلَى وأحْلى ما لَهُ اسْتَمَعَتْ * * * أذْنٌ وأعْـرَبَ عنهُ ناطِقٌ بِفَمِ

العِلْمُ غايَتُهُ القُصْوَى ورُتْبَتُهُ الْـ * * * عَلْياءُ فاسْعَـوا إليهِ يَا أُولِي الهِمَمِ
العِلْمُ أشْرَفُ مَطْلوبٍ وَطالِبُهُ * * * للهِ أكْـرَمُ مَن يَمْشِي عَلى قَدَمِ
العِلْمُ نورٌ مُبِينٌ يَسْتَضِيءُ بِهِ * * * أهْـلُ السَّعادَةِ والجُهَّالُ فِي الظُّلَمِ
الْعِلْمُ أعْلَى حَياةٍ للعِبادِ كَما * * * أهْـلُ الجَهالَةِ أمْـواتٌ بِجَهْلِهِمِ

لا سَمْع لا عَقْل بل لا يُبْصِرونَ وفِي السْـ * * * سَعِيرِ مُعْتَـرِفٌ كُلٌّ بِـذَنْبِهِمِ
فالجَهْلُ أَصْـلُ ضَلَالِ الخَلْقِ قاطِبَةً * * * وأصْلُ شَقْوَتِهِمْ طُرًّا وظُلْمِهِمِ
والعِلْمُ أصْـلُ هُداهُمْ مَعْ سَعادَتِهِمْ * * * فلا يَضِلُّ ولا يَشْقى ذَوُو الْحِكَمِ
والخَوفُ بالجهْلِ والحُـزْنُ الطويلُ بِهِ * * * وعَن أُولِي العِلْمِ مَنْفِيَّانِ فَاعْتَصِمِ

العِلْمُ واللهِ مِيراثُ النُّبُوَّةِ لا * * * ميراثَ يُشْبِهُه ُ طـوبَى لِمُقْتَسِمِ
لأنَّهُ إرْثُ حَـقٍّ دائِـم أبَدًا * * * وما سِـواهُ إلـى الإِفْنَاءِ والعَدَمِ
ومنْه إرْثُ سُليْمانَ النُّبُوَّة والْـ * * * فَضْـل المُبِـين فمَا أوْلاهُ بِالنِّعَمِ
كذَا دَعا زكريا ربَّهُ بِوَلِي * * * الآلِخَـوفَ المـوالِي مِن وَرائِهِمِ

العِلْمُ مِيـزانُ شَرْعِ اللهِ حيثُ بِهِ * * * قِـوامُهُ وبِـدُونِ العِلْـمِ لَمْ يَقُمِ
وكُلَّما ذُكِرَ السُّلطانُ في حُجَجٍ * * * فالعِلْمُ لا سُلْطَةُ الأيْـدِي لَمُحْتَكِمِ
فسُلطَة اليَـدِ بالأبْدانِ قاصِرَةٌ * * * تَكونُ بالعَـدْل ِ أوْ بالظُّلْمِ والغَشَمِ
وسُلْطَةُ العِلْـمِ تَنْقادُ القُلوبُ لَها * * * إلَى الهُـدَى وإلَى مَرْضاةِ رَبِّهِمِ

ويَـذْهَبُ الدِّينُ والدُّنْيا إذَا ذَهَبَ الْـ * * * عِلْـمُ الّـذِي فيهِ مَنْجاةٌ لِمُعْتَصِمِ
العِلْمُ يـا صَاحِ يَسْتَغْفِرْ لِصاحِبِهِ * * * أهـلُ السّماوَاتِ والأرْضِينَ مِنْ لَمَمِ
كَذَاكَ تَسْتَغِفِرُ الحْيتانُ فـي لُجَجٍ * * * مِـن البِحارِ لَه فِي الضَّوْءِ والظُّلَمِ
وخارِجٍ فِـي طِلابِ العِلمِ مُحْتَسِبًا * * * مُجاهِـدٌ فـي سَبيلِ الله أيُّ كَمِي

وإنَّ أجْنِحَةَ الأمْـلاكِ تَبْسِطُها * * * لِطالِبِيهِ رضًا مِنْهُـمْ بصُنْعِهِمِ
والسَّالِكونَ طريقَ العِلْمِ يَسْلُكُهُمْ * * * إلَـى الجِنانِ طريقًا بارئُ النَّسَمِ
والسَّامِعُ العِلْمَ والـوَاعِي ِيَحْفَظَهُ * * * مُـؤَدِّيًا ناشِرًا إيَّاهُ في الأمَمِ
فيَا نَضَارَتَهُ إذْ كـاَنَ مُتَّصِفًا * * * بِـذا بِدَعْوَةِ خَيـْرِ الخَلْقِ كُلِّهِمِ

كَفاكَ فِي فَضْلِ أهْلِ العِلْمِ أنْ رُفِعُوا * * * مِـنْ أجْلِهِ دَرَجاتٍ فوْقَ غَيْرِهِمِ
وكانَ فضْلُ أبِينَا فِي القَدِيمِ عَلىالْـ * * * أمْـلاكِ بالعِلْمِ مِن تَعْلِيمِ رَبِّهِمِ
كذاكَ يوسُفُ لَمْ تَظْهَرْ فَضِيلَتُهُ * * * لِلعالَمينَ بِغَيْـرِ العِلْمِ والْحِكَمِ
وما اتِّباعُ كَليمِ اللهِ لِلْخَضِرِ الْـ * * * مَعْـروفِ إلا لعِلْمٍ عَنْهُ مُنْبَهِمِ

مَعْ فَضْلِهِ بِرِسالاتِ الإلَهِ لَهُ * * * وَمَـوْعِـدٍ وسَماعٍ مِنْهُ لِلْكَلِمِ
وقَدَّمَ المصْطفى بالعِلْمِ حامِلَهُ * * * أعْظِمْ بِذلِكَ تَقْدِيمًا لِذِي قِـدَمِ
كفَاهُمُو أنْ غَدَوْا لِلْوَحْيِ أوْعِيَةً * * * وأضْحَتِ الآيُ مِنْهُ فِـي صُدورِهِمِ
وخصَّهُمْ ربُّنـا بَصَرًا بِخَشْيَتِهِ * * * وعَقْلُ أمْثالِهِ فِـي أصْدَقِ الكَلِمِ

ومَعْ شَهادَتِهِ جاءَتْ شَهادَتُهُمْ * * * حَيْثُ اسْتَجابُوا وأهْلُ الجَهْلِ في صَمَمِ
ويَشْهدُونَ عَلى أهْلِ الجَهالَةِ بالْـ * * * مَوْلَى إذا اجتَمَعُوا فِي يَوْمِ حَشْرِهِمِ
والعَالِمُونَ عَلى العُبَّادِ فَضْلُهُمُو * * * كالبَدْرِ فَضْلا عَلى الدُّرِّيِّ فَاغْتَنِمِ
وعَالِمٌ مِنْ أُولِي التّقْوَى أشدُّ عَلى الـ * * * شيْطانِ مِنْ ألْف عُبَّادٍ بِجَمْعِهِمِ

ومَوْتُ قَوْمٍ كَثِيرُو الْعَدِّ أيْسَرُ مِنْ * * * حَبْـرٍ يَموتُ مُصَابٌ واسِعُ الألَمِ
كَمَا مَنافِعُهُ فِي العالَمِ اتَّسَعَتْ * * * وَلِلشّيَاطِينِ أفْـراحٌ بِمَوْتِهِمِ
تَاللهِ لَوْ عَلِمُـوا شَيْئًا لَمَا فَرِحُوا * * * لأنَّ ذَلِكَ مِـن أعْـلامِ حَتْفِهِـمِ
همُ الرُّجُومُ بِحَقٍّ كُلَّ مُسْتَرِقٍ * * * سَمْعًا كَشُهْبِ السَّمَا أعْظِمْ بِشُهْبِهِمِ

لأنَّهَا لِكِـلا الجِنْسَيْنِ صائِبَةٌ * * * شيطانِ إنْسٍ وجِـنٍّ دونَ بَعْضِهِمِ
هُمُ الهُداةُ إلى أهْدَى السَّبيلِ وأهْـ * * * لُ الجَهْلِ عنْ هَدْيِهِمْ ضَلُّوا لِجَهْلِهِمِ
وفَضْلُهُمْ جاءَ في نصِّ الكِتابِ وفِي الْـ * * * حَديثِ أشْهَـرُ مِنْ نار ٍ عَلى عَلَمِ

نبذة في وصية طالب العلم

يا طالِبَ العِلمِ لا تَبْغِي به بَـدَلاً * * * فقَـدْ ظَفـرْتَ ورَبِّ اللَّوْحِ والْقَلَمِ
وقَدِّسِ العِلمَ واعْـرِفْ قَدْرَ حُرْمَتِهِ * * * فِـي القَـوْلِ والفِعْلِ والآدابَ فَالْتَزِمِ
واجْهَـدْ بِعَزْمٍ قَـوِيٍّ لا انْثِنَاءَ لَهُ * * * لَـوْ يَعْلَـمُ الْمَـرْءُ قَدْرَ العِلْمِ لَمْ يَنَمِ
والنُّصْحُ فابْـذُلْهُ لِلطُّلابِ مُحْتَسِبًا * * * فـي السّـِرِّ والْجَهْرِ والأُسْتاذَ فَاحْتَرِمِ

ومَرْحَبًا قُلْ لِمَـنْ يَأتِيكَ يَطْلُبُهُ * * * وفِيهِمِ احْفَـظْ وَصايَا الْمُصْطَفَى هِمِ
والنِّيَّةَ اجْعَلْ لِـوَجْهِ اللهِ خالصَةً * * * إنَّ البِناءَ بـدونِ الأصْلِ لَمْ يَقُمِ
ومَن يَكُنْ لِيَقُـولَ الناسُ يَطْلُبُهُ * * * أخْسِـرْ بِصَفْقَتِهِ فِي مَوْقِفِ النَّدَمِ
ومَنْ به يَبْتَغِي الدُّنْيا فَلَيْسَ بِهِ * * * يَـومَ القِيامَةِ مِـن حَظٍّ ولا قَسَمِ

كَفَى بِهِ فِي شورَى وهُودٍ وفِي الْـ * * * إسْـراءِ مَوْعِظَـةً لِلحَـاذِقِ الفَهِمِ
إيَّاكَ واحْذَرْ مُمارَاةَ السَّفِيهِ بِهِ * * * كَـذا مُباهاةَ أهْـلِ العِلْمِ لا تَرُمِ
فإنَّ أبْغَضَ كلِّ الخَلْـقِ أجْمَعِهِمْ * * * إلـى الإلَهِ ألَـدُّ الناسِ فِي الخِصَمِ
والعُجْبَ فاحْذَرْهُ إنَّ العُجْبَ مُجْتَرِفٌ * * * أعْمـالَ صاحِبِهِ فـي سَيْلِهِ العَـرِمِ
وبِالْمُهِمِّ الْمُهِمِّ ابْـدَأْ لِتُدْرِكَهُ * * * وَقَـدِّمِ النَّـصَّ والآرَاءَ فَاتَّهِـمِ

قَدِّمْ وُجوبًا عُلـومَ الدِّينِ إنَّ بِـها * * * يَبِينُ نَهجُ الهُـدَى مـِن مُوجِبِ النِّقَمِ
وكلُّ كَسْـرِ الفَتَى فالدِّينُ جابِرُهُ * * * وَالكَسْـرُ فِي الدِّينِ صَعْبٌ غَيْرُ مُلْتَئِمِ
دَعْ عَنْكَ ما قالَهُ العَصْرِيُّ مُنْتَحِلاً * * * وبالعَتِيـقِ تَمَسَّـكْ قـطُّ واعْتَصِمِ
ما العِلْـمُ إلا كِتابُ اللهِ أو أثَرٌ * * * يَجْلـو بِنُـورِ هُـداهُ كلّ ُ مُنْبَهِمِ
مَا ثَمَّ عِلْمٌ سِوى الوَحْيِ المُبينِ ومَا * * * مِنْهُ اسْتُمِـدَّ ألا طُـوبَى لِمُغْتَنِـمِ

والكَتْمُ لِلعِلْمِ فاحْـذَرْ إنَّ كاتِمَهُ * * * فِـي لَعْنَـةِ الله ِ والأقْـوامِ كلِّهِـمِ
ومِن عُقوبَتِهِ أنْ فِـي الْمَعادِ لَهُ * * * مِـنَ الجَحيمِ لِجَامًا لَيْـسَ كَاللُّجُمِ
وصائِنُ العِلْـمِ عمَّنْ لَيْسَ يَحْمِلُهُ * * * مـا ذا بِكِتْمانِ بـلْ صَـوْنٌ فَلا تَلُمِ
وإنَّمَا الكَتْمُ مَنْـعُ العِلْمِ طالِبَهُ * * * مِـن مُسْتَحِقٍّ لَهُ فَافْهَمْ ولا تَهِمِ

وأتْبِعِ العِلـمَ بالأعْمالِ وادْعُ إلَى * * * سَبيـلِ ربِّكَ بالتِّبْيانِ والْحِكَمِ
واصْبِـرْ عَلى لاحِقٍ مِنْ فِتْنَةٍ وأذَىً * * * فِيهِ وفِي الرُّسْلِ ذكرى فاقْتَدِهْ بِهِمِ
لَواحِدٌ بِكَ يَهْـدِيهِ الإلَهُ كذَا * * * خَيْـرٌ غَـدًا لكَ مِنْ حُمْرٍ مِن النَّعَمِ
واسْلُكْ سَواءَ الصِّراطِ المسْتَقِيمِ ولا * * * تَعْـدِلْ وقُـلْ ربِّيَ الرحمْنُ واسْتَقِمِ

الوصية بكتاب الله عز وجل

وَبَالتَّدَبُّرِ والتّـرتِيلِ فَاتْلُ كِتا * * * بَ اللهِ لاسِيَّما فـي حُِنْدُسِ الظُّلَمِ
حَكِّمْ بَراهِينَهُ واعْمَـلْ بِمُحْكَمِهِ * * * حِلًّا وحَظْـرًا ومَا قدْ حَدَّهُ أقِمِ
واطْلُبْ مَعانِيهِ بالنَّقْلِ الصّريحِ ولا * * * تَخُضْ بِرَأيِكَ واحْـذَرْ بَطْشَ مُنْتَقِمِ
فمَا عَلِمْتَ بِمَحْضِ النَّقْلِ مِنْهُ فَقُلْ * * * وَكِـلْ إلَى اللهِ مَعْنى كلِّ مُنْبَهِمِ

ثُمّ الْمِرَا فيه كُفْـرٌ فاحْذَرَنْهُ ولا * * * يَسْتَهْـوِيَنَّكَ أقـوامٌ ِزَيْغِهِمِ
وعنْ مَناهِيهِ كُنْ يا صاحِ مُنْزَجِرًا * * * والأمْـرُ منهُ بلا تِردادِ فالْتَزِمِ
وما تَشابَهَ فَـوِّضْ لِلإلهَ وَلا * * * تَخُضْ فَخَوْضُكَ فيه مُوجِبُ النِّقَمِ
ولا تُطِعْ قولَ ذي زيْغٍ يُزَخْرِفُهُ * * * مِنْ كُلِّ مُبْتَـدِعٍ في الدين مُتَّهَمِ

حَيْرانَ ضلَّ عنِ الحقِّ الْمُبينِ فلا * * * يَنْفَكُّ مُنْحَـرِفًا مُعْوَجَّ لَمْ يَقُمِ
هُوَ الكِتابُ الذي مَن قامَ يَقْرَؤُهُ * * * كَأنَّما خاطَبَ الـرَّحْمَنَ بالكَلِمِ
هُوَ الصِّراطُ هُو الْحَبْلُ الْمَتِينُ هُوَ الْـ * * * ميزانُ والعُرْوَةُ الوُثْقَى لَمُعْتَصِمِ
هُو البَيانُ هُو الذِّكْرُ الْحَكِيمُ هُوَ التْـ * * * َتَفْصِيلُ فاقْنَعْ بِهِ فِي كُلِّ مُنْبَهِمِ

هُو البَصائِرُ والذكرَى لِمُدَّكِرٍ * * * هو الْمواعِظُ والبُشْرى لِغَيرِ عَمِي
هُو الْمُنَزَّلُ نُورًا بَيِّنًا وهُدًى * * * وهو الشِّفاءُ لِما فِي القَلْبِ مِن سَقَمِ
لَكَنَّهُ لِأُولِي الإيمانِ إذْ عَمِلُوا * * * بِما أتَى فِيه مِـنْ عِلْمٍ ومِنْ حِكَمِ
أمَّا عَلى مَن تَوَلّى عنه فهو عَمًى * * * لِكَوْنِهِ عَنْ هُـداهُ الْمُسْتَنيرِ عُمِي

فمَنْ يُقِمْهُ يَكُنْ يَومَ الْمَعادِ لَهُ * * * خَيرَ الإِمامِ إلَى الفِرْدَوسِ والنِّعَمِ
كمَا يَسُوقُ أولِي الإِعْراضِ عنهُ إلَى * * * دارِ الْمَقامِعِ والأَنْكالِ والألَمِ
وقَدْ أتَى النصُّ في الطُّولَيْنِ أنَّهُما * * * ظِلٌّ لِتالِيهِما فِي مَوْقِفِ الغَمَمِ
وأنَّه فِـي غَدٍ يَأتِي لِصاحِبِهِ * * * مُبَشِّرًا وحَجِيجًا عَنْهُ إنْ يَقُمِ

والْمُلْكَ والْخُلْدَ يُعْطِيهِ ويُلْبِسُهُ * * * تاجَ الوَقارِ الإِلهُ الْحَقُّ ذو الكَرَمِ
يُقالُ إِقْرَأْ ورَتِّلْ وارْقَ فِي غُرَفِ الْـ * * * جَناتِ كيْ تَنْتَهِي لِلْمَنْزِلِ النَّعِمِ
وحُلَّتانِ مِن الفِرْدَوسِ قَدْ كُسِيَتْ * * * لِوالِدَيْهِ لَها الأكْوانُ لَمْ تَقُمِ
قالَا بِمـاذا كُسِيناهَا فقيلَ بِما * * * أقْرَأْتُمَا ابْنَكُما فاشْكُرْ لِذِي النِّعَمِ

كَفَى وحَسْبُكَ بالقُرْآنِ مُعْجِزَةً * * * دامَتْ لَدَيْنَا دوامًا غيْرَ مُنْصَرِمِ
لَمْ يَعْتَرِهْ قطُّ تَبْدِيلٌ ولا غِيَرٌ * * * وَجَلَّ فِي كَثْرَةِ التَّرْدادِ عنْ سَأَمِ
مُهَيْمِنًا عَرَبِيًّا غَيرَ ذِي عِوَجٍ * * * مُصَدِّقًا جاءَ فِي التَّنْزِيلِ فِي القِدَمِ
فيهِ التفاصِيلُ للأحْكامِ مَعْ نَبَأٍ * * * عمَّا سَيأتِي وعنْ ماضٍ مِن الأمَمِ
فانْظُرْ قَوارِعَ آياتِ الْمَعادِ بِهِ * * * وانْظُرْ لِما قَصَّ عَنْ عادٍ وعنْ إرَمِ

وانْظُرْ بهِ شَرْحَ أحْكامِ الشَّريعَةِ هلْ * * * تَرى بِها مِن عَويصٍ غَيرِ مُنْفَصِمِ
أمْ مِن صَلاحٍ ولَمْ يَهْدِ الأنامَ لَهُ * * * أمْ بابُ هُلْكٍ ولَمْ يَزْجُرْ ولَمْ يَلُمِ
أمْ كانَ يُغْنِي نَقِيرًا عن هِدايَتِهِ * * * جَميعُ ما عندَ أهلِ الأرضِ مِنْ نُظُمِ
أخبارُهُ عِظَةٌ أمثالُهُ عِبَرٌ * * * وكُلُّهُ عَجَبٌ سُحْقًا لِذِي صَمَمِ

لَمْ تَلْبَثِ الْجِنُّ إذْ أصْغَتْ لتَسْمَعَهُ * * * إذ بادَرُوا نُذُرًا مِنْهم لِقَوْمِهِمِ
اللهُ أكْبَرُ ما قدْ حازَ مِن عِبَرٍ * * * ومِـن بَيانٍ وإعْجازٍ ومِن حِكَمِ
واللهُ أكْبَرُ إذْ أعْيَتْ بلاغَتُهُ * * * وحُسْنُ تَرْكِيبِهِ للعُرْبِ والعَجَمِ
كمْ مُلْحِدٍ رامَ أن يُبْدِي مُعارَضَةً * * * فعَادَ بالذُّلِّ والْخُسْرانِ والرَّغَمِ
هيْهاتَ بُعْدًا لِما رامُوا وما قَصَدُوا * * * وما تَمَنَّوْا لَقَـدْ بَاؤُوا بِذُلِّهِمِ

خابَتْ أمانِيهِمْ شاهَتْ وُجُوهُهُمُ * * * زَاغَتْ قُلوبُهُمُ عنْ هَدْيِهِ القِيَمِ
كَمْ قَدْ تَحدَّى قريشًا في القديمِ وهُمْ * * * أهلُ البـلاغةِ بينَ الخَلْقِ كُلِّهِمِ
بِمِثْلِهِ وبِعَشْرٍ ثمَّ واحدةٍ * * * فلَمْ يَرُومُوهُ إذْ ذا الأمرُ لَمْ يُرَمِ
الجنُّ والإنسُ لم يأتوا لَوِ اجْتمعوا * * * بِمِثْلِهِ ولَـوِ انْضَمُّوا لِمِثْلِهِمِ

أنَّى وكيْفَ وربُّ العَرْشِ قائِلُهُ * * * سبْحانَهُ جلَّ عنْ شِبْهٍ له وسَمِي
مَا كان خَلْقًا ولا فَيْضًا تَصَوَّرَهُ * * * نَبِيُّنا لا ولا تَعبيرَ ذِي نَسَمِ
بلْ قالَهُ ربُّنا قوْلا وأنْزَلَهُ * * * وَحْيًا عَلى قلْبِهِ الْمُسْتَيْقِظِ الفَهِمِ
واللهُ يَشْهَدُ والأملاكُ شاهِدَةٌ * * * والرُّسْلُ معْ مُؤْمِنِي العُرْبَانِ والعَجَمِ
الوصية بالسنة

ارْوِ الْحَدِيثَ ولازِم أهْلَهُ فهُمُ الْنَّـ * * * ـاجُونَ نَصًّا صريحًا للرّسولِ نُمِي
سامِتْ مَنابِرَهُمْ واحْمِلْ محابِرَهُمْ * * * والْزَمْ أكابِرَهُم في كلِّ مُزْدَحَمِ
اسْلُكْ مَنارَهُمُو والْزَمْ شِعارَهُمُ * * * واحْطُطُ رَحْالَكَ إنْ تَنْزِلْ بِسُوحِهِمِ
همُ العُدولُ لِحَمْلِ العِلمِ كَيْفَ وَهُمْ * * * أُولُو المكارِمِ والأخْلاقِ والشِّيَمِ

همُ الأفاضِلُ حازُوا خَيْرَ مَنْقَبَةٍ * * * همُ الأُولَى بِهمُ الدِّينُ الْحَنيفُ حُمِي
همُ الْجهابِذَةُ الأعْلامُ تعرِفُهُمْ * * * بينَ الأنامِ بِسيمَاهُمْ وَوَسْمِهِمِ
همْ ناصِرُو الدِّينِ والْحامُونَ حَوْزَتَهُ * * * مِنَ العَدُوِّ بِجيشٍ غيرِ مُنْهَزِمِ
همُ البُدورُ ولكنْ لا أُفُولَ لَهُمْ * * * بلِ الشُّموسُ وقد فاقُوا بِنُورِهِمِ

لَهُمْ مَقامٌ رَفيعٌ ليْسَ يُدْرِكُهُ * * * مِنَ العِبادِ سِوَى السَّاعِي كَسَعْيِهِمِ
أبْلِغْ بِحُجَّتِهِمْ أرْجِحْ بِكِفَّتِهِمْ * * * في الفَضْلِ إنْ قِسْتَهُمْ وَزْنًا بِغَيْرِهِمِ
كفاهُمُو شَرَفًا أنْ أصبحُوا خَلَفًا * * * لسَيِّدِ الحُنَفَا في دينِهِ القِيَمِ
يُحْيُونَ سُنَّتَهُ مِنْ بَعْدِهِ فَلَهُمْ * * * أوْلَى بهِ مِنْ جَميعِ الخَلْقِ كُلِّهِمِ

يَرْوُونَ عنهُ أحادِيثَ الشريعةِ لا * * * يَأْلُونَ حِفْظًا لَها بالصَّدْرِ والقَلَمِ
يَنْفُونَ عنها انْتِحَالَ الْمُبْطِلينَ وتَحْـ * * * ـريفَ الغُلاةِ وتَأْويلَ الغَوِيْ اللَّئِمِ
أدَّوا مَقالَتَهُ نُصْحًا لأمَّتِهِ * * * صانَوْا رِوايَتَها عنْ كُلِّ مُتَّهَمِ
لَمْ يُلْهِهِمْ قطُّ مِن مالٍ ولا خَوَلٍ * * * ولا ابْتِياعٍ ولا حَرْثٍ ولا نَعَمِ

هَذا هُو الْمَجدُ لا مُلْكٌ ولا نَسَبٌ * * * كَلَّا ولا الْجمعُ لِلأموالِ والْخَدَمِ
فكُلُّ مَجْدٍ وَضِيعٍ عِند مَجْدِهِمُ * * * وكلُّ مُلْكٍ فَخُدَّامٌ لِمُلْكِهِمِ
والأمْنُ والنُّورُ والفَوْزُ العظيمُ لَهُمْ * * * يَوْمَ القِيامَةِ والبُشرَى لِحِزْبِهِمِ
فإنْ أرَدْتَ رُقِيًّا نَحوَ رُتْبَتِهِمِ * * * ورُمْتَ مَجْدًا رفِيعًا مِثْلَ مَجْدِهِمِ

فاعْمَدْ إلَى سُلَّمِ التقوَى الذِي نَصَبُوا * * * واصْعَدْ بِعَزْمٍٍ وَجُدَّ مِثْلَ جِدِّهِمِ
واعْكُفْ عَلى السُّنَّةِ الْمُثْلى كَما عَكَفُوا * * * حِفْظًا معَ الكَشْفِ عن تَفْسِيرِها وَدُمِ
واقْرَأْ كِتابًا يُفِيدُ الاصْطِلاحُ بِهِ * * * تَدْرِي الصَّحيحَ مِن الموْصوفِ بالسَّقَمِ
فهْيَ الْمَحَجَّةُ فاسْلُكْ غيرَ مُنْحَرِفٍ * * * وهيَ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحاءُ فاعْتَصِمِ

وَحْيٌ مِنَ اللهِ كالقُرْآنِ شاهِدُهُ * * * في سورةِ النَّجْمِ فاحْفَظْه ولا تَهِمِ
خيرُ الكلامِ ومِنْ خيرِ الأنامِ بَدَا * * * مِن خيرِ قَلْبٍ بهِ قدْ فاهَ خيرُ فمِ
وهيَ البيانُ لأسْرارِ الكتابِ فبِالْـ * * * إعْراضِ عنْ حُكْمِها كُنْ غَيرَ مُتَّسِمِ
حَكِّمْ نَبِيَّكَ وانْقَدْ وارْضَ سُنَّتَهُ * * * مَعَ اليَقينِ وحَوْلَ الشَّكِّ لا تَحُمِ

واعْضُضْ عَلَيها وجانِبْ كلَّ مُحْدَثَةٍ * * * وقُلْ لِذِي بِدْعَةٍ يَدْعُوكَ لا نَعَمِ
فمَا لِذِي ريبَةٍ في نفسِهِ حَرَجٌ * * * مِمَّا قَضَى قطُّ في الأَيْمانِ مِنْ قَسَمِ
(فَلا وَرَبِّكَ ) أقْوَى زاجِرًا لأُوْلِي الْـ * * * ألْبابِ والْمُلْحِدُ الزِّنْدِيقُ في صَمَمِ
في الفرائض والآلة والتحذير من العلوم المبتدعة



وبالفرائضِ نصف العِلْمِ فَاعْنَ كَما * * * أوْصَى الإلهُ وخيرُ الرسْلِ كُلِّهِمِ
مِن فضْلِها أن تَوَلَّى اللهُ قِسْمَتَها * * * ولَمْ يَكِلْها إلى عُرْبٍ ولا عَجَمِ
(يُوصيكُمُ اللهُ) مِنْ بَعْدِها اتَّصَلَتْ * * * وفي الكَلالَةِ أُخْرَى فَادْنُ واغْتَنِمِ
وخُذْ إذا شِئتَ ما قدْ تَستَعِينُ بِهِ * * * مـِنْ آلةٍ تَلْفَها حَلًّا لمُنْبَهِمِ

كالنَّحْوِ والصَّرْفِ والتّجْويدِ معْ لُغَةٍ * * * يُدْرَى بِها حَلَّ ما يَخْفى مِنَ الكَلِمِ
واحْذَرْ قوانينَ أرْبابِ الكَلامِ فمَا * * * بِها مِنَ العِلْمِ غيرُ الشَّكِّ والتُّهَمِ
قامُوسُ فَلْسَفَةٍ مِفْتاحُ زنْدَقَةٍ * * * كمْ منْ مُلِمٍّ بهِ قدْ باءَ بالنَّدَمِ
رامُوا بِها عَزْلَ حُكْمِ اللهِ واقْتَرَحُوا * * * لِلْحَقِّ رَدًّا وإنْقاذًا لِحُكْمِهِمِ

يَرَوْكَ إنْ تَزِنِ الوَحْيَيْنِ مُجْتَرِئًا * * * عَليهما بِعُقُولِ الْمُغْفلِ العَجَمِ
وأنْ تُحَكِّمَها فِي كُلِّ مُشْتَجَرٍ * * * إذْ لَيْسَ فِي الوَحْيِ مِن حُكْمٍ لِمُحْتَكِمِ
أمّا الكِتابُ فحَرِّفْ عَنْ مَواضِعِهِ * * * إذْ ليْسَ يُعْجِزُكَ التَّحْريف لِلْكَلِمِ
كذا الأحادِيثُ آحادٌ وليْس بِها * * * بُرْهانُ حقٍّ ولا فصْلٌ لِمُخْتَصِمِ

وقَدْ أبَى اللهُ إلا نَصْرَ ما خَذَلُوا * * * وكَسْرَ ما نَصَرُوا مِنْهُمْ عَلى رَغَمِ
كَذا الكَهانَةُ والتَّنْجِيمُ إنَّهُمَا * * * كُفْرانِ قَدْ عَبَثَا بالناسِ مِنْ قِدَمِ
إسنادُهَا حِزْبُ إبْليسَ اللَّعينِ كَمَا * * * مُتُونُها أكْذَبُ الْمَنْقولِ مِنْ كَلِمِ
مَا لِلتُّرابِ وما لِلْغَيْبِ يُدْرِكُهُ * * * مَا لِلتَّصَرُّفِ والمخْلوقُ مِنْ عَدَمِ

لوْ كانتِ الْجِنُّ تَدْرِي الغَيْبَ ما لَبِثَتْ * * * دَهْرًا تُعالِجُ أصنافًا مِنَ الأَلَمِ
أمَّا النُّجُومُ فَزَيْنٌ لِلسَّمَا ورُجُو * * * مًا للشَّياطِينِ طَرْدًا لاسْتِمَاعِهِمِ
كما بِها يَهْتَدِي السَّارِي لِوِجْهَتِهِ * * * في البَرِّ والبَحْرِ حيثُ السيْرُ فِي الظُّلَمِ
والنَّيِّرَيْنِ بِحُسْبَانٍ وذلكَ تَقْ * * * دِيرُ العَزيزِ العَلِيمِ الْمُسْبِغِ النِّعَمِ

فمَنْ تَأَوَّلَ فيها غيْرَ ذاكَ قَفَا * * * ما ليْسَ يَعْلَمُهُ فَهو الكَذُوبُ سَمِ
كَالْمُقْتَفِينَ لِعُبَّادِ الْهَياكِلِ فِي * * * عَزْوِ التَّصَرُّفِ والتأثِيرِ للنُّجُمِ
والكاتِبِينَ نِظامًا في عِبادَتِها * * * عَقْـدًا وكَيْفًا وتَوْقِيتًا لِنُسْكِهِمِ
فَذَا سُعُـودٌ وذَا نَحْسٌ وطَلْسَمُهُ * * * كَذَا وناسِبُـهُ ذاكمْ بِخَرْصِهِمِ

واحْذَرْ مَجَلّاتِ سُوءٍ في الْمَلَا نُشِرَتْ * * * تَدعُو جِهارًا إلى نَشْرِ البَلَا بِهِمِ
تَدْعُو لِنَبْذِ الْهُدَى والدِّينِ أجْمَعِهِ * * * والعِلْمِ بلْ كلِّ عَقْلٍ كامِلٍ سَلَمِ
ولِلرُّكُونِ إلى الدنْيا وزُخْرُفِها * * * والرَّتْعِ كالحيَوانِ السّائِمِ البُهُمِ
ولِلتَّهَتُّكِ جَهْرًا والخَلاعَةِ معْ * * * نَبْذِ الْمُروءَةِ والأخْلاقِ مِنْ عَدَمِ

والاعْتِمادِ عَلى الأسْبابِ مُطْلَقِها * * * دُونَ الْمُسَبِّبِ والإخلاقِ مِنْ عَدَمِ
والكُفْرِ باللهِ والأمْلاكِ معْ رُسُلٍ * * * والوَحْيِ معْ قَدَرٍ والبَعْثِ لِلرِّمَمِ
وَلِاعْتِناقِ الطَّبيعيَّاتِ ليْسَ لَها * * * مُدَبِّرٌ فاعِلٌ ما شاءَ لَمْ يَضِمِ
قامَتْ لَدَيْهِمْ بِلا قَيُّومٍ اْبدَعَها * * * مُسَخَّراتِ لِغاياتٍ مِنَ الْحِكَمِ

سَمَّوْهُ مَدْحًا لهُ العِلْمَ الْجدِيدَ بَلِ الْـ * * * كُفْر القَدِيم ومِنْهُ القَوْلُ بالقِدَمِ
تَقَسَّمُوهُ الْمَلاحِيدُ الطُّغاةُ عَلى * * * سَهْمٍ وأكثَرَ لا أهْلًا بِِذِي القِسَمِ
وكُلَّما مَرَّ قَرْنٌ أوْ قُرُونٌ اْتَوْا * * * بِهِ عَلى صُورَةٍ أُخْرَى لِخُبْثِهِمِ

بَعْضُ الْخَبيثُ عَلى بَعْضٍ سَيَرْكُمُهُ * * * رَبِّي وَيَجْعَلُهُ في النارِ للضَّرَمِ
واعْجَبْ لِعُدْوانِ قَوْمٍ حاوَلُوا سَفَهًا * * * أنْ يَجْمَعُوهُ إلى الإسْلامِ فِي كَمَمِ
كالنّارِ في الماءِ أو طُهْرٍ عَلى حَدَثٍ * * * في وقتِهِ أوْ إِخاءِ الذِّئْبِ والغَنَمِ
خاتمة في ثمرات العلم النافعة
واجتناء قطوفه الدانية اليانعة
وَحَاصِلُ العِلْم ما أُمْلِي الصِّفَاتِ لَهُ * * * فَأَصْغِ سَمْعَكَ واسْنَتْصِتْ إلَى كَلِمِي
وَذَاكَ لَا حِفْظَكَ الفُتْيَا بِأحْرُفِهَا * * * وَلَا بِتَسْوِيدِكَ الْأَوْرَاقَ ِالْحُمَمِ
وَلَا تَصَدُّر صَدْرَ الْجَمْع مُحْتَبِيًا * * * تُمْلِيهِ لَمْ تَفْقَهِ الْمَعْنِيَّ بالكَلِمِ
ولا العِمَامَة إذْ تُرخَى ذُؤابَتُها * * * تَصَنُّعًا وخِضاب الشيْبِ بـالْكَتَمِ
ولا بِقَوْلكَِ يعني دائبًا ونَعَمْ * * * كَلا ولا حَمْلكَ الأسْفارَ كالْبُهُمِ

ولا بِحَمْلِ شهاداتٍ مُبَهْرَجَةٍ * * * بِزُخْرُفِ القَوْلِ مِن نَثْرٍ ومُنْتَظِمِ
بلْ خَشْيَة اللهِ في سِرٍّ وفِي عَلَنٍ * * * فاعْلَمْ هيَ العِلْمُ كلَّ العِلْمِ فالْتَزِمِ
فَلْتعْرِف اللهَ ولْتَذْكُرْ تَصَرُّفَهُ * * * ومَا عَلى عِلْمِهِ قد خَطَّ بالقَلَمِ
وحَقَّهُ اعْرِفْ وقُمْ حَقًّا بِمُوجبِهِ * * * ومَنْهَجَ الْحَقِّ فَاسْلُكْ عَنْهُ غَيْرَ عَمِي
أشْقَى وأسْعَدَ مُخْتَارًا أضَلَّ هَدَى * * * أدْنى وأبْعَدَ عَدْلا مِنْهُ فِي القسَمِ

أوْحَى وأرْسل وصَّى آمِرا ونَهَى * * * أَحَلَّ حَرَّمَ شَرْعًا كَامِلَ الْحِكَمِ
يُحِبُّ الإحسان والعِصْيانَ يَكْرَهُهُ * * * والْبِرَّ يَرْضاهُ معْ سُخْطٍ لِحُرْمِهِمِ
بِمُقْتَضَى دِينِ فِي الدّارَيْنِ مُطَّرِدٍ * * * لا ظُلْمَ يَخْشَى ولا خَيْرٌ بِمُنْهَضِمِ
فاعْمَلْ عَلى وَجَلٍ وادْأَبْ إلَى أجَلٍ * * * واعْزِلْ عن اللهِ سُوءَ الظنِّ والتُّهَمِ

للشَّرْعِ فانْقَدْ وسَلِّمْ لِلقَضَاءِ ولَا * * * تُخَاصِمَنَّ بِه كالْمُلْحِدِ الْخَصِمِ
وبالْمَقادِيرِ كُنْ عَبْدًا لـِمَالِكِهِ * * * وعابِدًا مُخْلِصًا فِي شَرْعِهِ القِيَمِ
إيَّاهُ فاعْبُدْ وإيَّاهُ اسْتَعِنْ فَبِذَا * * * تَصِلْ إليْهِ وإلا حُرْتَ فِي الظُّلَمِ
وخُذْ بالَاسْبابِ واسْتَوْهِبْ مُسَبِّبَها * * * وثِقْ بِهِ دُونَها تُفْلِحْ ولَمْ تُضَمِ

بالشَّرْعِ زِنْ كُلَّ أمْرٍ ما هَمَمْتَ بـهِ * * * فإنْ بَدَا صالِحًا أقْدِمْ ولا تَجِمِ
أخْلِصْهُ واصْدُقْ أصِبْ واهْضِمْ فَذِي شُرِطَتْ * * * فِي صالِحِ السَّعْيِ أوْ فِي طَيِّبِ الكَلِمِ
أخْلِصْهُ للهِ واصْدُقْ عازِمًا وأصِبْ * * * صِرَاطَهُ واهْضِمَنَّ النّفْسَ تَنْهَضِمِ
لا تُعْجَبَنَّ بِهِ يُحبَط ولا تَـرَهُ * * * في جانبِ الذنْبِ والتقْصِيرِ والنِّعَمِ

وحيثُ كانَ مِن النّهْيِ اجْتَنِبْهُ وإنْ * * * زَلَلْتَ تُبْ منهُ واسْتَغْفِرْ معَ النَّدَمِ
وَأَوْقِفِ النفْسَ عندَ الأمرِ هلْ فَعَلَتْ * * * والنّهْيِ هلْ نَزَعَتْ عن موجِبِ النّقَمِ
فإنْ زَكَتْ فاحْمَدِ الْمَوْلَى مُطَهِّرَها * * * ونِعْمَةَ اللهِ بالشُّكْرانِ فاسْتَدِمِ
وإنْ عَصَتْ فاعْصِها واعْلَمْ عَدَاوَتَها * * * وحَذِّرَنْها وُرُودَ الْمَوْرِد الوَخِمِ
وانْظُرْ مَخازِي الْمُسِيئينَ التي أُخِذُوا * * * بِها وحَاذِرْ ذُنوبًا مِن عِقابِهِمِ

والْزَمْ صِفاتِ أولِي التّقوَى الذينَ بِها * * * عَلَيْهم اللهُ أثْنَى واقْتَدِهْ بِهِمِ
واقْنُتْ وبينَ الرَّجَا والْخَوْفِ قُمْ أبَدًا * * * تَخْشَى الذنُوبَ وتَرْجُو عَفْوَ ذَي الكَرَمِ
فالخوفُ ما أوْرَثَ التقوَى وحَثَّ عَلى * * * مَرْضاةِ رَبِّي وهَجْرِ الإِثْمِ والأَثَمِ
كَذا الرَّجَا ما عَلى هذا يحِثُّ ِلتَصْـ * * * ـدِيقٍ بِمَوْعودِ رَبِّي بالْجَزَا العَظِمِ
والْخَوْفُ إنْ زادَ أفْضَى لِلْقُنُوطِ كَمَا * * * يُفْضِي الرَّجاءُ لأَمْنِ الْمَكْرِ والنِّقَمِ

فَلا تُفَرِّطْ ولا تُفْرِطْ وكُنْ وَسَطًا * * * وَمِثْلَ مَا أمـَرَ الرَّحْمَنُ فاسْتَقِمِ
سَدِّدْ وقارِبْ وأَبْشِرْ واسْتَعِنْ بِغُدوْ * * * وٍ والرّواحِ وأَدْلِجْ قاصِدًا ودُمِ
فمِثْل ما خَانَتِ الكسْلانَ هِمَّتُهُ * * * فَطَالَمَا حُرِمَ الْمُنْبَتُّ بالسَّأَمِ
ودُمْ عَلى البَاقِياتِ الصَّالِحاتِ وحَوْ * * * قِلَنْ واسْأَلِ اللهَ رِزْقًا حُسْنَ مُخْتَتَمِ
واضْرَعْ إلى اللهِ في التَّوْفِيقِ مُبْتَهِلًا * * * فَهو الْمُجِيبُ وأهْلُ الْمَنِّ والْكَرَمِ

يا رَبِّ يا حيُّ يا قيومُ مَغْفِرَةً * * * لِمَا جَنَيْتُ مِنَ العِصْيانِ واللَّمَمِ
وامْنُنْ عَلَيَّ بِمَا يُرْضيكَ واقْضِهِ لِي * * * مِنِ اعْتِقادٍ ومِنْ فِعْلٍ ومِنْ كَلِمِ
وأَعْلِ دينَكَ وانْصُرْ ناصِريهِ كَمَا * * * وَعَدْتَهُمْ ربَّنا فِي أصْدَقِ الكَلِمِ
واقصِمْ بِبَأْسِكَ رَبِّي حِزْبَ خاذِلِهِ * * * ورُدَّ كَيْدَ الأعادِي فِي نُحُورِهِمِ

واشْدُدْ عَليْهِمْ بِزِلْزَالٍ ودَمْدَمَةٍ * * * كمَا فَعَلْتَ بأهْلِ الْحِجْرِ فِي القِدَمِ
واجْعَلْـهُمُ رَبَّنا لِلْخَلْقِ مَوْعِظَةً * * * وعِبْرَةً يا شَديدَ البَطْشِ والنِّقَمِ
ثم الصَّلاةُ عَلى الْمَعْصومِ مِنْ خَطَأٍ * * * مُحَمَّدٍ خَيْرِ رُسْلِِ اللهِ كُلِّهِمِ
والآلِ والصَّحْبِ ثمَّ التابعينَ لَهُمْ * * * وتَمَّ نَظْمِي بِحَمْدِ اللهِ ذِي النِّعَمِ

زكريا عبدالله النعمي
12-26-2009, 11:22 PM
قصيدة جميلة بارك الله فيك