المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك و لا تخن من خانك


بنت العمدة - أم الشيماء
03-19-2010, 03:37 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن وآلاه
أمآ بعد :-
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
- سئل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
عن الرجل يكون له على الرجل دين فيجحده , او يغصبه شيئا .
ثم يصيب له مالا من جنس ماله . فهل له ان ياخذ منه مقدار حقه ؟
- فأجاب : واما اذا كان لرجل عند غيره حق من عين او دين .فهل ياخذه او نظيره ,بغير اذنه ؟ فهذا نوعان :
أحدهما : ان يكون سبب الاستحقاق ظاهرا لا يحتاج الى اثبات ,مثل استحقاق المراة النفقة على زوجها , واستحقاق الولد ان ينفق عليه والده , واستحقاق الضيف الضيافة على من نزل به , فهنا له ان ياخذ بدون اذن من عليه الحق بلا ريب ؛ كما ثبت فى الصحيحين ان هند بنت عتبة بن ربيعة قالت : يا رسول الله ؛ : ان ابا سفيان رجل شحيح , وانه لا يعطينى من النفقة ما يكفينى ,و بنى. فقال : ( خذى ما يكفيك ,وولدك بالمعروف ) فاذن لها ان تاخذ نفقتها بالمعروف بدون اذن وليه . و هكذا من علم انه غصب منه ماله غصبا ظاهرا يعرفه الناس , فاخذ المغصوب , او نظيره من مال الغاصب . و كذلك لو كان له دين عند الحاكم و هو يمطله , فاخذ من ماله بقدره , ونحو ذلك .
والثاني : ان لا يكون سبب الاستحقاق ظاهرا . مثل ان يكون قد جحد دينه , او جحد الغصب , ولا بينه للمدعى . فهذا فيه قولان :
احدهما : ليس له ان ياخذ و هومذهب مالك , و احمد .
و الثانى : له ان ياخذ , وهو مذهب الشافعى . واما ابو حنيفة رحمه الله تعالى فيسوغ الاخذ من جنس الحق ؛ لانه استيفاء , ولا يسوغ الاخذ من غير الجنس ؛ لانه معاوضة فلا يجوز الا برضى الغريم .
والمجوزون يقولون : اذا امتنع من اداء الواجب عليه ثبتت المعاوضة بدون اذنه للحاجة ؛ لكن من منع الاخذ مع عدم ظهور الحق استدل بما فى السنن عن ابى
هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال:"اد الامانة الى من ائتمنك ولا تخن من خانك " وفى
المسند عن بشير بن الخصا صية انه قال: يارسول الله ان لنا جيرانا لا يدعون لنا شاذة , ولا فاذة ,
الا اخذوها , فاذا قدرنا لهم على شيىء اناخذه ؟ قال :" لا,اد الامانة الى من ائتمنك , ولا تخن من خانك " . وفى السنن عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قيل له : "ان اهل الصئدقة يعتدون علينا ,
افنكتم من اموالنا بقدر ما يعتدون علينا ؟ قال : لا . " رواه ابو داود وغيره .
فهذه الاحاديث تبين ان { حق } المظلوم فى نفس الامر اذا كان { سببه ليس } ظاهرا , اخذه خيانة ,
لم يكن له ذلك , وان كان هو يقصد اخذ نظير حقه , لكنه خان الذى ائتمنه , فانه لما سلم اليه ماله
فاخذ بعضه بغير اذنه ,والاستحقاق { ليس } ظاهرا كان خائنا . واذا قال : انا مستحق لما اخذ ته فى
نفس الامر لم يكن ما ادعاه ظاهرا معلوما . وصار كما لو تزوج امراة فانكرت نكاحه , ولا بينة له ,
فاذا قهرها على الوطء من غير حجة ظاهرة فانه ليس له ذلك . ولو قدر ان الحاكم حكم على رجل بطلاق امراته ببينة اعتقد صدقها , وكانت كاذبة فى الباطن , لم يكن له ان يطأها لما هو الامر عليه فى الباطن .
فان قيل لا ريب ان هذا يمنع منه ظاهرا, وليس له ان يظهر ذلك قدام الناس , لا نهم مأمورون بانكار
ذلك ,لانه حرام فى الظاهر ,لكن الشأن اذا كان يعلم سرا فيما بينه وبين الله ؟ قيل : فعل ذلك سرا يقتضى مفاسد كثيرة منهى عنها , فان فعل ذلك فى مظنة الظهور والشهرة
وفيه ان لا يتشبه به من ليس حاله كحاله فى الباطن , فقد يظن الانسان خفاء ذلك , فيظهر مفاسد
كثيرة , ويفتح ايضا باب التأويل . وصار هذا كالمظلوم الذى لا يمكنه الا نتصار الا بالظلم , كالمقتص الذى لا يمكنه الا قتصاص الا بعدوان ,فانه لايجوز له الا قتصاص . وذلك ان نفس الخيانة محرمة الجنس .فلا يجوز استيفاء الحق بها ,كما لو جرعه خمرا , او تلوط به , او شهد عليه بالزور : لم يكن له ان يفعل ذلك , فان هذا محرم الجنس, والخيانة من جنس الكذب .
فان قيل :هذا ليس بخيانة , بل هو استيفاء حق . والنبى صلى الله عليه وسلم نهى عن خيانة من
خان ,وهو ان ياخذ من ماله مالا يستحق نظيره .قيل هذا ضعيف لوجوه :
احدهما : ان الحديث فيه ان قوما لا يدعون لنا شاذة ولا فاذة الا اخذوها أفناخذ من أموالهم
بقدر ما ياخذون ؟ فقال : " لا , اد الامانة الى من ائتمنك . ولا تخن من خانك ". وكذلك قوله فى حديث الزكاة : افنكتم من اموالنا بقدر ما ياخذون منا ؟ فقال : " لا ".
الثانى : انه قال :" ولا تخن من خانك ". ولو اراد بالخيانة الاخذ على طريق المقابلة لم يكن فرق بين من خانه ومن لم يخنه , وتحريم مثل هذا ظاهرا , لا يحتاج الى بيان وسؤال . وقد قال :" ولا تخن من خانك " فعلم انه اراد انك لا تقابله على خيانته , فتفعل به مثل ما فعل بك .فاذا أودع الرجل مالا فخانه فى بعضه , ثم أودع الاول نظيره ففعل به مثل ما فعل , فهذا المراد بقوله "ولا تخن من خانك " .
الثالث : ان كون هذا خيانة لا ريب فيه , وانما الشأن فى جوازه على وجه القصاص , فان الامور منها ما يباح فيه القصاص كالقتل ,وقطع الطريق ,وأخذ المال . ومنها مالا يباح فيه القصاص : كالفواحش ,والكذب , ونحو ذلك . قال تعالى فى الاول :" وجزاء سيئة سيئة مثلها ." وقال :"وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ." وقال :" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ." فأباح العقوبة والاعتداء بالمثل . فلما قال ههنا :" ولا تخن من خانك " علم ان هذا مما لا يباح فيه العقوبة بالمثل .

المصدر : مجموع فتاوى شيخ الاسلام احمد بن تيمية . ج30 ص371 .

أم جابر السلفية
03-19-2010, 11:54 PM
ماشاء الله
رحم الله شيخ الإسلام بحق ابن تيمية
وسلمت يمناك أخيتي أم الشيماء على هذه الفائدة النافعة الطيبة , لاعدمناك
وجزاكِ ربي بالحسنى وزيادة

أم عائشة السلفية
04-08-2010, 05:08 PM
موضوع قيم بارك الله فبك

http://www.islamroses.com/ibw/uploads/post-2-1143412486

أم محمد الليبية
04-16-2010, 08:01 PM
بارك الله فيك

بنت العمدة - أم الشيماء
04-17-2010, 01:25 AM
أخواتي الكريمات بارك الله فيكن على مروركن العاطر


وأهلاً وسهلاً
بالأخت الطيبة الغالية أم محمد الليبية

أسعدني إنضمامك معنا مع أسرة المنتدى وفقنا الله جميعا لطلب العلم النافع
ونشره سائلين الله تعالى الإخلاص في كل ما نقوم به


نسأل الله لك طيب المقام بيننا مفيدة ومستفيدة
فحياك الله أختي الفاضلة بين أخواتك