المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما منعك إذ رأيت المنكر أن لا تغيره ؟؟؟!!!


أم جابر السلفية
02-07-2010, 10:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

(ما منعك إذ رأيت المنكر أن لا تغيره)

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم ميزات هذا الدين القويم، دين رب العالمين، قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ)[آل عمران:110.

ولعظم شأن هذه الشعيرة الجليلة قال ابن القيم في (المدارج 3/123): إنما بعث الله رسله وأنزل كتبه بالإنكار على الخلق بما هم عليه من أحكام البشرية وغيرها، فلهذا أرسلت الرسل وأنزلت الكتب وانقسمت الدار إلى دار سعادة للمنكرين، ودار شقاوة للمنكر عليهم.

وقال الغزالي في (الإحياء (2/333):إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين، ولو طوى بساطه وأهل عمله لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة، وعمت الفترة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة واستشرى الفساد، واتسع الخرق وخربت البلاد، وهلك العباد ولم يشعروا بالهلاك إلى يوم التناد، وقد كان الذي خفنا أن يكون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.أهـ
وقال تعالى مرغبًا فيه وحاثًا عليه: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[آل عمران:104].
فمن أعظم وسائل الفلاح في الدنيا للداعين بنشر خيرهم ودعوتهم هو صدعهم بالمعروف ودعوتهم إليه، ونهيهم عن المنكر وتحذير الناس منه.كما أنه سبب للفلاح الآخروي السرمدي، فهل من مدكر.

وقال تعالى: (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِين)[آل عمران:114].
فقرن الله عز وجل بين الإيمان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما بينهما من التلازم، وليعلم أنه لا كمال لإيمان العبد إلا بتحقيق هذه الشعيرة العظيمة.وقال تعالى مبينًا أن الولاية للمؤمنين لا تكمل ولا تتم إلا بملازمة هذه الوسيلة العظيمة لنصرة الحق والسنة: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة:71].

والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر باع نفسه من الله، ووعد بالحسنى، فهنيئًا له قال تعالى: (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)[التوبة: 111-112].

ولنا في قصة أهل القرية العبرة العظيمة، كيف نجى الله عز وجل أهل الخير واستمرت دعوتهم، وأهلك غيرهم ممن عصى وتمرد، قال تعالى: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ *وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ )[الأعراف:163-165].

ومن فرط في هذه الوسيلة تعمدًا وتهاونًا بالدين استحق اللعن، فقد قال الله تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ *كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)[المائدة: 78-79].
وذم الله عز وجل الأحبار بعدم النهي عن المنكر، فقال: (لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)[المائدة:63].

ولا خير فيك أيها الداعي أنت وغيرك من المسلمين إلا بتحقيق هذه الشعيرة، قال الله تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)[النساء:114].
وبين أن العاقبة لأصحاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ )[الحج:41].

ولو نظرنا في عاقبة المفرطين في هذه الشعيرة الجليلة والطريقة القويمة تجد أن دعواتهم قد انتهت والشر بينهم قد عم، ووصفوا بأقبح الأوصاف.فقد شبههم الله بالحمير كما في قوله: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)[الجمعة:5].
وشبههم بالكلاب كما في قوله: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ *وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾)[الأعراف: 175-176].
ولعنوا كما تقدم وهم في الآخرة مبشرون بالعذاب الأليم والخزي العظيم.
أخرج أبو داود في «سننه« من حديث أبي سعيد: «إن الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول: يا فلان، ما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره، فإذا لقن الله العبد حجته قال: يا رب رجوتك وفرقت من الناس«.الحديث في: «الصحيح المسند«.وأخرج الترمذي (2191) من حديث أبي سعيد مرفوعًا: «ألا لا يمنعن رجلًا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه«.

...الى أن قال:

الحامل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر



قال ابن رجب رحمه الله في شرح الحديث الرابع والثلاثين في «جامع العلوم والحكم«: واعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تارة يحمل عليه رجاء ثوابه، وتارة خوف العقاب في تركه، وتارة الغضب لله على انتهاك محارمه، وتارة النصيحة للمؤمنين والرحمة لهم ورجاء انقاذهم مما أوقعوا أنفسهم فيه من التعرض لغضب الله وعقوبته في الدنيا والآخرة، وتارة يحمل عليه إجلال الله وإعظامه ومحبته، وأنه أهل أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، وأنه يفتدى من انتهاك محارمه بالنفوس والأموال، ومن حفظ هذا المقام هان علية كل ما يلقى من الأذى في الله عز وجل، وربما دعا لمن آذاه كما قال ذلك النبي لما ضربه قومه، فجعل يمسح الدم عن وجهه، ويقول: «رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون«.ا.هـ
من كتاب:
(الوسائل الجلية لنصرة الدعوة السلفية)
للشيخ الفاضل المفضال أبي محمد عبد الحميد بن يحيى بن زيد الحجوري الزعكري
قدّم له فضيلة الشيخ العلامة المحدث أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري
حفظهما الله

بنت العمدة - أم الشيماء
02-08-2010, 05:23 PM
لله درك أم جابر على هذا الموضوع القيم

فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل من أصول أهل السنة العظيمة الذي تميزوا به عن سائر الطوائف
وشكر الله للشيخ عبد الحميد جهوده المباركة ورسائله النافعة

ولكن لا بد للأمر بالمعروف أن لا يفضي إلى غير المعروف , وأن لا يفضي النهي عن المنكر إلى ما هو أنكر , قال الشاعر :
ومن يزيل منكرا بأنكرا * * * كغاسل الحيض ببول أغبرا

وقد لا حظنا كثيرا من العاملين في الساحة الدعوية اليوم يدفعهم الحرص في تحقيق هذا الأصل إلى الوقوع فيما هو أعظم , فلم يحصل بذلك المقصود الذي شرعه الله من تقرير هذا الأصل العظيم

فالحذر الحذر من هذا الصنف الذي يسئ من حيث لا يشعر وإن كان ليس بخاف عن ذوي الفهم والبصيرة
جعلني الله وإياك من المتبصرين بدينه

أم جابر السلفية
02-09-2010, 02:46 PM
نعم أختي أم الشيماء فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حياة هذه الأمة (أمة محمد صلى الله عليه وسلم ) وليس مقيداً بأهل السنة فقط فالأمر عام لهذه الأمة بإقامة هذه الشعيرة الجليلة إلا أن هذا الأصل الأصيل في حق أهل السنة أوجب ..
ولكن لا بد للأمر بالمعروف أن لا يفضي إلى غير المعروف , وأن لا يفضي النهي عن المنكر إلى ما هو أنكر ..

بارك الله فيك \ فلا بد لكل من يقوم بهذا الأصل أن يراعي المصالح والمفاسد المترتبة على هذا الأمر
وما يترجح عنده

وقد لا حظنا كثيرا من العاملين في الساحة الدعوية اليوم يدفعهم الحرص في تحقيق هذا الأصل إلى الوقوع فيما هو أعظم , فلم يحصل بذلك المقصود الذي شرعه الله من تقرير هذا الأصل العظيم

التوفيق من عند الله سبحانه وتعالى


فالحذر الحذر من هذا الصنف الذي يسئ من حيث لا يشعر وإن كان ليس بخاف عن ذوي الفهم والبصيرة

نعم أختي شكراعلى التنبيه


جعلني الله وإياك من المتبصرين بدينه



اللهم آمين


أختي أم الشيماء وفقها الله لكل خير وفضل
شكر الله لكِ المرور والتعقيب والتعليق