المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قَطَّعْـتُ مِنْـكِ حبَـائِـلَ الآمـالِ : لأبي العتاهية


الشاعر أبو رواحة الموري
06-05-2009, 10:39 PM
قال أبو العتاهية


قَطَّعْـتُ مِنْـكِ حبَـائِـلَ الآمـالِ * * * وحططتُ عـن ظهـرِ المطيِّ رحالِي
وَيَئِسْـتُ أنْ أبقَـى لشـيءٍ نِلتُ ممـ * * * ـا فيـكِ يا دنيـاوأن يبقَـى لِـي
فَـوَجَـدْتُ بَـرْدَ اليَأسِ بَينَ جَوانحي * * * وأرحْتُ مـن حَلِّي ومن تـرحالِي
ولئـنْ يئسـتُ لَـرُبَّ بـرْقة ِ خُلَّبٍ * * * بَـرَقَتْ لذي طَمَعٍ ، وَبَـرْقة ِ آلِ

فـالآنَ، يـا دُنْيـا، عَرَفْتُكِ فاذهَبي، * * * يـا دارَ كُـلّ تَشَتّـتٍ وَزَوَالِ
والآنَ صـارَ لـي َ الـزمانُ مـؤدِّباً * * * فَغَـدَا عَلـيّ ورَاحَ بـالأمْثَـالِ
والآن أبصرتُ السبيلَ إلـى الهـدَى * * * وَتَفَـرّغَتْ هِمَمـي عَـنِ الأشْغالِ
وَلَقَـدْ أقامَ لـيَ المَشيـبُ نُعـاتـَهُ، * * * تُفضـي إلـيَّ بمفـرق ٍوقـذالِ

وَلَقَـدْ رَأيْـتُ المَـوْتَ يَبْرقُ سَيْفُـهُ * * * بيَـدِ المَنيّة ِ، حَيـثُ كنتُ، حِيالي
وَلَقَـدْ رَأيْتُ عُـرَى الحَياة ِتخَرَّمَتْ، * * * وَلَقَـدْ تَصَـدّى الـوَارِثُونَ لمَالـي
وَلَقَـدْ رَأيْـتُ على الفَنَاء ِ أدِلّـة ً، * * * فيما تَنَكّـرَ مِـنْ تَصَـرُّفِ حالـي
وَإذا اعتَبـرْتُ رَأيتُ خَطْبَ حوادِثٍ * * * يَجـريـن بـالأرْزاقِ، وَالآجـالِ
وإذا تَنَاسَبَتِ الـرّجالُ ، فمـا أرَى * * * نَسَبـاً يُقـاسُ بصـالِحِ الأعْمـالِ

وَإذا بحَثْـتُ عَـنِ التّقِـيِّ وَجَـدْتُهُ * * * رَجُـلاً، يُصَـدِّقُ قَـوْلَهُ بفِعَـالِ
وَإذا اتَقَـى اللهَ امـْرُؤٌ ، وَأطاعَـهُ، * * * فَيَـداهُ بَيـنَ مَكـارِمٍ وَمَعَـالِ
وعلى التَّقِيِّ إذا تـرسَّخَ فـي التُّقى * * * تـاجـان تاج سكينـة ٍ وجـلال
وَاللّيْـلُ يَذْهَـبُ وَالنّهارُ ،تَعـاوُراً * * * بالخلـقِ فـي الإدبـارِ والإقبـالِ

وَبحَسْـبِ مَـنْ تُنْعَـى إلَيْـهِ نَفْسُهُ * * * منـهُ بـأيـامٍ خلَـتْ ولَيـالِ
إضرِبْ بطَرْفِكَ حيثُ شئتَ، فأنتَ في * * * عِبَـرٍ لهـنَّ تـداركٌ وتــوالِ
يبكي الجـديدُ وأنـتَ فـي تجديدهِ * * * وَجَميـعُ ما جَـدّدْتَ منهُ، فبَـالِ
يا أيّها البَطِـرُ الذي هـوَ فـي غَدٍ، * * * فـي قَـبرِهِ، مُتَفـَرِّقُ الأوْصـالِ

وَلَقَـلَّ مـا تَلْقَـى أغَـرّ لنَفسِـهِ * * * مِـنْ لاعِـبٍ مَـرِحٍ بهـا، مُختالِ
يا تاجِـرَ الغَـيّ المُضِـرّ بِـرُشْدِهِ، * * * حتـى متَـى بالْغِـيِّ أنت تُغالِـي
الحَمْــدُ للّهِ الحَميــدِ بِمَنّــهِ * * * خسـرتْ ولمْ تـربحْ يـدُ البطَّالِ
للّهِ يَـوْمٌ تَقْشَعِـرُّ جُلُـودُهُـمْ، * * * وَتَشيـبُ مِنْهُ ذَوَائِـبُ الأطْفـالِ

يـَوْمُ النّـوازِلِ والزّلازِلِ ،وَالحـَوا * * * مـلِ فيهِ إذْ يقـذفنَ بالأحمـالِ
يـومُ التَّغـابُـنِ والتبـايُنِ والتنـا * * * زُلِ والأمـورِعظيمـة ِ الأهـوالِ
يـومٌ ينـادَى فيـه كُـلُّ مُضـللٍ * * * بمقطَّعـاتِ النـار ِوالأغــلال
للمتقيـنَ هنـاكَ نُـزْلُ كـرامـة * * * عَلَـتِ الـوُجُـوهَ بنَضرَة ٍ، وَجَمالِ

زُمـرٌ أضاءتْ للحسـابِ وجـوهُهَا * * * فَلَهَا بَـرِيقٌ عِنـدَهـا وَتَـلالـي
وسـوابقٌ غُـرٌّ محجَّلـة ٌ جـرَتْ * * * خُمْصَ البطـون ِ خفيفة َ الأثقـالِ
مِـنْ كُلّ أشعَثَ كانَ أغـبرَ ناحِـلاً * * * خلِقَ الـرداء مـرقَّعَ السِّـربالِ
حِيَـلُ ابنِ آدَمَ فـي الأُمـورِكَثيرَة ٌ * * * والـوقتُ يقْطـعُ حيلةَ المحتـالِ

نـزلُـوا بـأكـرمِ سيـدٍ فأظلَّهُـمْ * * * فـي دارِ مُلْكِ جَـلالَة ٍ، وَظِـلالِ
وَمِـنَ النعـاة ِ إلـى ابنِ آدَمَ نَفْسُـهُ * * * حَـرَكُ الخُطى ، وَطلوعُ كلّ هِلالِ
مـا لـي أرَاكَ لحُـرّ وَجْهِـكَ مُخْلِقاً * * * أخْلَقْـتِ، يا دُنْيا، وُجُـوهَ رِجالِ
كُـنْ بالسّـؤالِ أشَـدّ عَقْدِ ضَنَانَةٍ * * * ممـنْ يضـنُّ عليـكَ بـالأمـوالِ

وَصُـنِ المَحامِـدَ ما استَطَعـتَ فإنّها * * * فـي الـوَزْنِ تَرْجُحُ بذلَ كلّ نَوَالِ
وَلَقـَدْ عَجِبْـتُ مِـنَ المُثَمِّـرِ مالَه * * * نسـيَ المثمِّـرُ زينـة َ الإقـلالِ
وإذا امرؤٌ لبـسَ الشُّكـوكَ بعـزمِهِ * * * سَلَكَ الطّريقَ علـى عُقودِ ضَـلالِ
وَإذا ادّعَتْ خُدَعُ الحَوادِثِ قَسـوَة ً * * * شَهِـدَتْ لَهُـنّ مَصارِعُ الأبْطـالِ