المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفوارق الواضحة بين أهل السنة و أهل الأهواء


أبو عوف عبدالرحمن بن محمد العوضي
01-03-2010, 08:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله,,,
إنه لمن المشاهد بالعين المجردة المتجردة للحق: كثرة أهل الأهواء و البدع و قلة أهل السنة و الجماعة, و لا عجب في ذلك و لا غرابة إذ أن النبي صلى الله عليه و سلم أخبر في حديث الافتراق المشهور أن الأمة ستفترق على ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة, فانظر إلى كثرة فرق أهل الضلال و تفرد أهل السنة و الجماعة بينهم.
فلما كان الحال ما رأيت أصبح من المهم التمييز بين أهل السنة و غيرهم, فهذه علامات مستلة من كتاب أبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي رحمه الله (الموافقات) تعين- بإذن الله- على ذلك المقصد, قال رحمه الله:
فصل: و لهؤلاء الفرق خواص و علامات في الجملة و علامات أيضا في التفصيل, فأما علامات الجملة فثلاث:
إحداها: الفرقة
التي نبه عليها قوله تعالى (إن الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا لست منهم في شي) و قوله (و لا تكونوا كالذين تفرقوا و اختلفوا) و هذه الخصيصة ظاهرة لجميع عقلاء المسلمين و ذلك تبعا لوضوح معرفة التواصل و التقاطع بين الناس.
و في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية فصل عن التفرق في الجزء التاسع عشر من الصفحة 114 إلى 116
قال بعض المفسرين: صاروا فرقا لاتباع أهوائهم و بمفارقة الدين تشتت أهواؤهم فافترقوا.
فكل مسألة حدثت في الإسلام فاختلف الناس فيها, و لم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة و لا بغضاء و لا فرقة علمنا أنها من مسائل الإسلام, مثل مسألة الوضوء من لحم البعير فالإمام أحمد و إن كان يخالف الشافعي رحمهما الله فيها إلا أنه لم يعاده و لم يبغضه فدل على أنها من مسائل الإسلام.
و كل مسألة طرأت فأوجبت العداوة و التنافر و التعاير و القطيعة علمنا أنها ليست من أمر الدين في شيء مثل مسألة القدر فقد أوجبت من ابن عمر رضي الله عنهما أن يتبرأ ممن قال بها, فأشباه هذه المسائل و القائلون بها هم المقصودون في قوله تعالى(إن الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا لست منهم في شيء), و هذه الخاصية
– أي التفرق و الاختلاف- موجودة في كل فرقة من فرق الضلال

الخاصية الثانية: إتباع المتشابه من القرآن و السنة
و قد نبه الله تعالى على هذه الخاصية في قوله (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه) فجعل أهل الزيغ و الضلال ممن شأنهم اتباع المتشابهات,و هذه الخصيصة يعرفها أهل العلم تبعا لمعرفتهم بمحكم النصوص و متشابهها. قال صلى الله عليه و سلم كما في البخاري و غيره (فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) و يلحق بهم من يعمد إلى النصوص المجملة و يترك المفسرة و المبينة لأجلها و كذا من يعمد إلى النصوص المخصوصة فيعممها أو المقيدة فيطلقها فهذا من طرق أهل الأهواء الخبيثة في تقوية باطلهم.
فإن كان اتباع المتشابه منهم صادرا في كلام الله تعالى فلا شك أن كلام العلماء مجال أكثر خصوبة لمن أراد اتباع المتشابه.
قال شيخ الإسلام:
وَهَؤُلَاءِ قَدْ يَجِدُونَ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ - كَلِمَاتٌ مُشْتَبِهَةٌ مُجْمَلَةٌ - فَيَحْمِلُونَهَا عَلَى الْمَعَانِي الْفَاسِدَةِ كَمَا فَعَلَتْ النَّصَارَى فِيمَا نُقِلَ لَهُمْ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ فَيَدَعُونَ الْمُحْكَمَ وَيَتَّبِعُونَ الْمُتَشَابِهَةَ .
و قال الشوكاني في أدب الطلب- و هي كلمة من أعجب ما قرأت-:
وقد جرت قاعدة أهل البدع في سابق الدهر ولاحقه بأنهم يفرحون بصدور الكلمة الواحدة عن عالم من العلماء ويبالغون في إشهارها وإذاعتها فيما بينهم ويجعلونها حجة لبدعتهم ويضربون بها وجه من أنكر عليهم.

الخاصية الثالثة:
اتباع الهوى
و قد نبه الله تعالى عليها بقوله( و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله)
و قوله (أفرءيت من اتخذ إلهه هواه و أضله الله على علم)
و قال الشاعر:
إنّ الهوى وَالرّأيَ ما اِجتَمعا الرّأي يُبصِرُ وَالهَوى يُعمي
و هذه الخصيصة لا يعرفها غير صاحبها لأنها أمر باطن إلا أن يكون عليها دليل ظاهر.

و أما العلامات التفصيلية فعسير حصرها لكن منها :
عدم التحاكم إلى الشرع عند النزاع , قال تعالى:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا)
و يدخل فيه من يترك محكمات النصوص لقول عالم من العلماء.

اتباع الظن, قال تعالى:
(إن يتبعون إلا الظن و إن هم إلا يخرصون)
مخالفة الإجماع تعمدا:
قال تعالى(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)
التحكم في الشرع بالرأي , قال تعالى:
(إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا)
التعصب للآراء و الرجال, قال تعالى:
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ)
الجدل و السؤال عما لا فائدة ترجى منه:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)
الطعن في أهل الأثر:قال الإمام أبو حاتم الرّازي رحمه الله:علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر.
و غير هذه العلامات التفصيلية كثير, و كما قيل: يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق و الله أعلم.

عبدالله حمود الرشيدي
01-04-2010, 11:33 AM
بارك الله فيك ونفع الله بك الأسلام والمسلمين..