المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القول بعدم تخطئة المخالف للعلامة الفوزان حفظه الله


الشاعر أبو رواحة الموري
12-08-2009, 05:28 PM
القول بعدم تخطئة المخالف

العدد 11672 الأحد 27 رجب 1425
12سبتمبر 2004.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمّد وآله وصحبه..وبعد:
فقد كثر على ألسنة بعض الكتاب أنه لا تجوز تخطئة المخالف ، وأنه يجب احترام الرأي الآخر ، وأنه لا يجوز الجزم بأن الصواب مع أحد المختلفين دون الآخر.
وهذا القول ليس على إطلاقه ؛ لأنه يلزم عليه أن جميع المخالفين لأهل السنة والجماعة على صواب ولا تجوز تخطئتهم ، وهذا تضليل ؛ لأنه يخالف قول النبي - صلى الله عليه وسلم-:(وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة. قيل : مَن هي يارسول الله ؟ قال : هم مَن كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي).





ويلزم على هذاالقول أيضا أن المخالف للدليل في مسائل الاجتهاد لا يقال له مخطئ ، ولا يردّ عليه ،وهذا يخالف قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران .وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد ) ؛ فدل على أن أحد المجتهدين المختلفين مخطئ ، لكن له أجر على اجتهاده ولا يتابع عليه ؛ لأن اجتهاده خالف الدليل ، وإنما يصحّ اعتبار هذا القول ، وهو عدم الجزم بتخطئة المخالف ، في المسائل الاجتهادية التي لم يتبين فيها الدليل مع أحد المختلفين ، وهو ما يعبر عنه بقولهم : (لا إنكار في مسائل الاجتهاد)،و(الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد)، وهذا من اختصاص أهل العلم وليس من حق المثقفين والمفكرين الذين ليس عندهم تخصص في معرفة مواضع الاجتهاد وقواعد الاستدلال أن يتكلموا ويكتبوا فيه . ولو كان لا يُخطأ أحد من أصحاب الأقوال والمذاهب لكانت كتب الردود والمعارضات التي ردّ بها العلماء على المخالفين كلها مرفوضة ، ولما كان لقوله تعالى: )فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ(فائدة ولا مدلول ؛ لأنه لا تجوز تخطئة المخالف ، وهذا لازم باطل ؛ فالملزوم باطل ، ومانقرؤه وما نسمعه من اتهام للعلماء الذين يردّون على المخالفين بأنهم يحتكرون الصواب لهم ، ويخطئون مَن خالفهم ، وأنهم يصادرون الآراء والأفكار.. إلى آخر ما يقال ؛ فهو اتهام باطل ؛ فإن العلماء المعتبرين لا يحتكرون الصواب في أقوالهم ، وإنما يخطئون مَن خالف الدليل ، وأراد قلب الحقائق ؛ فيردّون على مَن هذه صفته عملاً بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم). وقد ردّ الله - سبحانه وتعالى - على أهل الضلال في مواضع كثيرة من كتابه الكريم، وشرع لنا الردّ عليهم ؛ إحقاقاً للحق ، وإزهاقاً للباطل . ولولا ذلك لشاع الضلال في الأرض ، وخفي الحق، وصار المعروف منكراً ، والمنكرمعروفاً ، بل شرع الله لنا ما هو أعظم من ذلك ، وهو جهاد أهل الباطل بالسيف والسنان ،وبالحجة والبيان ؛ قال تعالى: )يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَوَالْمُنَافِقِينَ(.


وإذا كان حصل من بعض المتعالمين سوء أدب مع المخالفين ،وتجاوز للحدود المشروعة في الردّ فهذا لا ينسب إلى العلماء ، ولا يتخذ حجّة في السكوت عن بيان الحق ، والردّ على المخالف .
هذا ما أحببت التنبيه عليه ؛ )إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(، وصلى الله وسلم على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه .

من أقوال الشيخ في جريدة الجزيرة بعنوان (القول بعدم تخطئة المخالف)


السؤال : لقد تفشى ورع بارد بين بعض طلبة العلم ، وهو : إذا سمعوا الناصحين من طلبة العلم أو العلماء يحذرون من البدع وأهلها ومناهجها ، ويذكرون حقيقة ما هم عليه ويردون عليهم وقد يوردون أسماء بعضهم ولو كان ميتاً لافتتان الناس به ، وذلك من أجل الدفاع عن هذا الدين ، وكشف تلبيس الملبسين والمندسين بين صفوف الأمة لبث الفرقة والنزاع فيها ، فيدّعون أن ذلك من الغيبة المحرمة، فما قولكم في هذه المسألة؟

الجواب / القاعدة في هذا: التنبيه على الخطأ والانحراف بعد تشخيصه ،
وإذا اقتضى الأمر أن يصرح باسم الأشخاص المخالفين حتى لا يغتر بهم ، وخصوصاً الأشخاص الذين عندهم انحراف في الفكر أو انحراف في السيرة والمنهج ، وهم مشهورون عند الناس ،ويحسنون فيهم الظن ، فلا بأس أن يُذْكَروا بأسمائهم وأن يُحَذر من منهجهم ، والعلماء بحثوا في علم التجريح والتعديل فذكروا الرواة وما قيل فيهم من القوادح ، لا من أجل أشخاصهم ، وإنما من أجل نصيحة الأمة أن تتلقى عنهم أشياء فيها تجنٍّ على الدين، أوكذبٍ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالقاعدة أولاً أن ينبه على الخطأ ولا يذكر صاحبه إذا كان يترتب على ذكره مضرة أو ليس لذكره فائدة ، أما إذا اقتضى الأمرأن يصرح باسمه لأجل تحذير الناس من منهجه ، فهذه من النصيحة لله وكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ، وخصوصاً إذا كان له نشاط بين الناس ، ويحسنون الظن به ،ويقتنون أشرطته وكتبه ، لا بد من البيان ، وتحذير الناس منه لأن السكوت ضرر على الناس ، فلا بد من كشفه لا من أجل التجريح أو التشهي ، وإنما من أجل النصيحة لله وكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .

س 67 : ما حكم من أحب عالماً أو داعية ،وقال : إني أحبه حبًا كثيرًا ، لا أريد أن أسمع أحداً يرد عليه ، وأنا آخذ بكلامه حتى وإن كان مخالفاً للدليل ، لأن هذا الشيخ أعرف منا بالدليل ؟.
جـ / هذا تعصب ممقوت مذموم ، ولا يجوز .
نحن نحب العلماء – ولله الحمد - ، ونحب الدعاة في الله - عز وجل - ، لكن إذا أخطأ واحد منهم في مسألة فنحن نُبَيِّن الحق في هذه المسألة بالدليل ، ولا يُنقص ذلك من محبة المردود عليه ، ولا من قدره.
يقول الإمام مالك – رحمه الله - : (( ما مِنَّا إلا رادٌ ومردودٌ عليه ؛ إلا صاحب هذا

القبر )) . يعني : رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.


نحن إذا رددنا على بعض أهل العلم ، وبعض الفضلاء ؛ ليس معنى هذا أننا نبغضه أو نتنقصه ،وإنما نُبَيِّن الصواب ، ولهذا يقول بعض العلماء لما أخطأ بعض زملائه ، قال :
(( فلان حبيبنا ، ولكن الحق أحب إلينا منه )) ، هذا هو الطريق الصحيح.

ولا تفهموا أن الرَّد على بعض العلماء في مسألة أخطأ فيها معناه تَنَقُّص له أو بُغض ، بل ما زال العلماء يرد بعضهم على بعض ، وهم إخوة ومتحابون.


ولا يجوز لنا أن نأخذ كل ما يقوله الشخص أخذاً مسلّماً ؛ أصاب أو أخطأ ، لأن هذا تعصُّب.
الذي يؤخذ قوله كله ولا يترك منه شيئاً هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لأنه مبلِّغ عن ربه ، لا ينطق عن الهوى ، أما غيره فهم يخطئون ويصيبون ، وإن كانوا من أفضل الناس ، هم مجتهدون يخطئون ويصيبون.
ليس أحد معصومًا من الخطأ إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
يجب أن نعرف هذا ، ولا نتكتّم على الخطأ محاباة لفلان ، بل علينا أن نُبَيِّن الخطأ.
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( الدين النصيحة ، قلنا : لمن ؟،قال : لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم )) .

وبيان الخطأ من النصيحة للجميع ، وأما كتمانه فهو مخالف للنصيحة
(من كتاب الأجوبة المفيدة على أسئلة المناهج الجديدة)