المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : براءة الشريعة الإسلامية من ضلالات أبي الحسن الديمقراطية والمنهجية الحلقة الأولى للشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله


الشاعر أبو رواحة الموري
11-21-2009, 01:53 PM
براءة الشريعة الإسلامية
من ضلالات أبي الحسن الديمقراطية والمنهجية

الحلقة الأولى


بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد – فقد اطلعت على حوار مع أبي الحسن، أجراه معه أحد الصحفيين باسم صحيفة الناس.

وحيث أن هذا الرجل قد نصب نفسه متحدثاً ومجيباً على الأسئلة التي وجهت إليه باسم السلفية، وهو في أثناء إجاباته يشوه السلفية والسلفيين، ويلبس أناساً ليسوا بسلفيين لباس السلفية.
هذا إلى جانب ما وقع فيه من الجهل والتناقض والتخبط وتمييع الإسلام والأخذ بالديمقراطية تجاه الاشتراكيين والبعثيين والروافض والأحزاب الضالة الأخرى، مع الشدة والعنف والظلم والتشويه للسلفيين حقاً؛ الأمور التي يرفضها الإسلام والمنهج السلفي، ولا يسع من وقف عليها وأدرك هذه المآخذ أن يسكت، فإن ذلك ينافي الميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم، وينافي الأمانة والنصيحة للإسلام والمسلمين.

فقياماً بهذا الواجب الشرعي ناقشت أبا الحسن في أخطر إجاباته في هذا الحوار، وظهر لي أن في ذلك كفاية؛ لا سيما وفي هذه المناقشة بيان أصول أبي الحسن الفاسدة التي انطلق منها في إجاباته باسم السلفية.

تنبيه: سوف أرمز لأسئلة الصحفي بـ(س) ولإجابات أبي الحسن بـ(ج)، وأفتتح تعقباتي بـ(أقول).
والله أسأل أن يظهر الحق ويبطل الباطل ولو كره المبطلون.

جاء في موقع أبي الحسن ما يأتي:


حوار مع الشيخ أبي الحسن حفظه الله تعالى في صحيفة الناس
"السلطة والسلفيون تقارب أم تخالف؟!

•س: السياسيون يتحدثون اليوم عن تحالف بين السلفيين وبين السلطة خاصة، وقد عُقِدَ الملتقى الأول للسلفيين بصنعاء في شهر مايو المنصرم .. هل ما يُطْرَح حقيقة ؟
•ج: إذا كان المراد بالتحالف بين السلطة والسلفيين: أن هناك عقدًا ولقاءًا( 1) جمع السلطة بالسلفيين، وتم الاتفاق فيه على أن يقوم السلفيون بدور معين تمليه السلطة عليهم، وإن خالف الحق، ولا يقوم به إلا السلفيون؛ فهذا لم يقع وما أظنه يقع ، ولو أراد أحد هذا من السلفيين؛ فالسلفيون لهم إرادة وفهم وأصول ينطلقون منها، ولهم مشروع وضرِثُوه(2 ) عن الأئمة والعلماء عبر التاريخ، ولا يستطيع عالم ولا حاكم أن يحول بينهم وبين ثوابتهم إلا أن يشاء الله.

وإذا وجدوا من شخص حاكم أو محكوم ما يخالف تلك القواعد (فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في المعروف) .. أما إذا كان المراد بالتحالف: هو أن السلفيين في واقعهم وفتاويهم وبرامجهم وأنشطتهم ليسوا مناوئين للدولة، وليسوا محرضين عليها، ولا هاتكين لأستارها، ويرون النصح وبيان الخطأ بالتي هي أحسن؛ فالسلفيون يفعلون هذا ديانة وعبادة دون اتفاق سابق مع مسؤول كبير أو صغير، بل حتى لو أساءت إليهم الدولة، فهذا منهجهم، فالرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حث على الاعتصام بالجماعة وعدم السعي في الفرقة والفوضى ، وأمر بالنصح وتغيير المنكر بمراتبه الثلاث، وإلا فالصبر حتى لا تحدث فتن أكبر إذا غلب هذا على ظن أهل الحل والعقد، بل لو نظرنا إلى الحسن البصري وطاوس وسفيان الثوري وعبدا لله بن المبارك وعدد من الصحابة والأئمة قبلهم وبعدهم إلى زماننا هذا نجد أن كثيرًا منهم ينأون بأنفسهم عن أن يجلسوا مجالس السلطان لما يحدث فيها من الظلم والتملق والتزلف وغير ذلك ، ومع هذا إذا اسْتُفْتُوا في شيء يثير الفتن ويزعزع الأمن نهوا عن ذلك، وحذروا من عاقبة الفوضى، وسلطان غشوم خير من فتنة تدوم، وقد يقع من الظلم في ليلة واحدة مع الفوضى أشد من ظلم ستين سنة مع إمام جائر، ولهذا كان الإمام أحمد يُعَذَّب في دولة بني العباس بسبب قضية خَلْق القران، ولما استشير في الخروج على الواثق العباسي رفض ، وقال: هذه فتنة ، قالوا له: وأي فتنة أكبر من هذه؟ أي من قتل العلماء وحبْسهم، والدعوة إلى القول بخلق القرآن؛ قال: هذه فتنة خاصة –أي على طائفة العلماء وطلابهم فقط - وتلك فتنة عامة، فيها هتك الأعراض، وقطع السبل، أي الصبر على الفتنة الصغرى، حتى لا يتسع الخرْقُ على الراقع!!"( 3).
أقول: أنت تتكلم باسم السلفية، وتدَّعي أنك على أصولهم ومع علمائهم، وتذكر تحذيرهم للناس من الفتن وتقول: "وسلطان غشوم خير من فتنة تدوم"، وتقول: "وقد يقع من الظلم في ليلة واحدة مع الفوضى أشد من ظلم ستين سنة مع إمام جائر".

فهل عقد المؤتمرات باسم السلفية التي تتضمن قرارات منها: إلزام الدولة بتحقيق مطالب الاشتراكيين والأحزاب الأخرى والروافض الذين خرجوا على الدولة وسلوا عليها السيف وو...؟، فهل هذا من السلفية؟ وهل كان علماء السلف يعقدون المؤتمرات، ويصرحون نهاراً جهاراً على رؤوس الناس وفي الصحف والمجلات وفي الفضائيات بأنه يجب على الدولة أن تقوم برفع الضرر وتحقيق مطالب هؤلاء الخوارج القعد وأكثر من القعد والخوارج الذين سلوا السيوف وسفكوا دماء المسلمين وشردوهم من ديارهم؟
هل كان السلف يفعلون هذا؛ لا سيما طلب تحقيق مطالب الرافضة الخارجين بالسلاح؟
هل تعرف يا أبا الحسن حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه وعلماء الإسلام في الخوارج؟
وهل سلفيوك الذين يعقدون المؤتمر أو المؤتمرات، ويتكلمون باسم الإسلام والسلفية يعرفون حكم الإسلام في هذه الفتن ويكتمون ذلك؟، فينطبق عليهم قول الله تعالى: ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ) [سورة البقرة (159-160)].
أو أنهم يجهلون حكم الإسلام في ذلك، فينطبق عليهم قول الله تعالى : (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب..الآية، [سورة النحل، آية (116)].
وقوله تعالى: ( قل إنما حرَّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينـزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) [سورة الأعراف، آية (33)].
وأنا أسأل أبا الحسن: هل صحيح أن لهؤلاء السلفيين المزعومين ثوابت إسلامية وأصول لا يخرجون عنها...الخ من أجل حاكم أو محكوم؟، وهل أبو الحسن ثابت على هذه الثوابت؟ سترى ذلك.
يردد أبو الحسن قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وسترى أحكامه وتقريراته التي ينطلق منها من غير شريعة الخالق.

أين أنت من أقوال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأحكامه في الخوارج؟

وأين أنت وسلفيوك من تطبيق الصحابة لأقوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأحكامه وتدوين السلف ذلك في كتب السنة وكتب التأريخ الإسلامي؟
على أحسن الأحوال أنت وسلفيوك يصدق عليكم قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا"، متفق عليه.
فكم من الناس سيضلون بقراراتكم في المؤتمرات وبمقرراتك الباطلة المتهافته في حوارك هذا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين".

•س: السلطة نسَّقَتْ وَرَعتْ ملتقاكم ؟
•ج: لم أكن في اليمن وقت الملتقى، لكن أخبرني المشايخ بأنه ليس للسلطة دخل في الملتقى لا دعما ولا تنسيقًا، ولو فرضنا أنها دعمتْ الملتقى بما لا يغير قناعات الحاضرين؛ فأي خطأ في هذا، وهي تدعم أنشطة البر والفاجر، والعدو والصديق؟
•"س: كان الحضور الرسمي موجودًا، والرعاية ملحوظة .. وزير الأوقاف كان في أول الصفوف ؟
•ج: الرعاية الرسمية موجودة من الرئيس أو وزير الأوقاف أو غيرهما من المسؤولين لكل الملتقيات والفعاليات المدنية والثقافية والسياسية والاجتماعية بالجمهورية، فلماذا كان حضور معالي وزير الأوقاف في هذا الملتقى بالذات دليل الدعم والتحالف؟ بالرغم من أن السلفيين لم يقولوا ولم يكتبوا في لائحة الملتقى: إن هذا الملتقى برعاية وزير الأوقاف أو غيره كما يفعل غيرهم، ثم إن معالي وزير الأوقاف يحضر مع الصوفية والسلفية وغيرهم، فلماذا كان حضوره في هذا الملتقى بالذات مريبًا وموضع تساؤل؟! هذا يدل على أن وراء الأكمة ما وراءها!!"(4 ).
أقول: المراد بالسلفية عند أبي الحسن هم القطبيون، وذلك أن السلفية أصبحت ملكاً لأبي الحسن، فله أن ينتزعها من أهلها الذين يصفهم بالغلاة وغير ذلك من الصفات الذميمة التي تخرجهم من السلفية، ويعطيها لمن يشاء من خصوم السلفيين من الإخوان المسلمين والقطبيين، حتى السواد الأعظم عنده سلفيون، والسواد الأعظم يشمل الفرق الصوفية كلها، وقد يشمل الروافض، والدليل على ذلك أصوله وفي طليعتها "المنهج الواسع الأفيح" الذي يسع أهل السنة ويسع الأمة كلها.

وأهل السنة عنده بالتأكيد هم الإخوان المسلمون وجماعة التبليغ وغيرهم، فهل رأت عيناك وسمعت أذناك بمثل هذا المتجبر المتغطرس، فإذا كان الجبابرة تسطو على دنيا الناس فهذا يسطو على عقائد الناس ومناهجهم.
•"س: البعض يسمي تطور العلاقة بين السلفيين والسلطة على أنه تَقَرُّبٌ نحوكم، ما تعليقك ؟
•ج: التقريب الرسمي أيضًا للسلفيين لا وجود له، والواقع على خلاف ذلك، والدليل أنه لو أراد أحدنا أن يبدي وجهة نظره لمسؤول ما، أو يشفع في سجين أو غيره، ربما يجلس الشهر أو أكثر ولا يجد من يوصله إلى من يسمعه هذه الكلمات، وغير السلفيين ربما يتردد عليهم في اليوم الواحد أكثر من مرة، والمخالفون هم الذين يشيعون هذا الكلام، وهم الأقرب من السلطة مجلسًا والأكثر حظوة وعطاءً منا، ثم لو كنا فعلاً قريبين من السلطان، ونحن لا نتخلى عن ثوابتنا( 5)، ولا نطيعه في معصية الله، ونخفف بقربنا منه بعض الشر؛ فما العيب علينا في ذلك؟ لماذا يكون القرب منه حلالاً لغيرنا، ودهاءً وكياسة، حرامًا علينا وسقوط وتبعية ؟ هذا كله لو سلمنا بصحة هذه الدعوى.
•س: نعم التحركات السلفية منذ عُقِدَ الملتقى الأول وحملات الإغاثة في صعدة وغيرها مؤشر على انفتاح في العلاقة مع السلطة، وأن التقارب متبادل ؟
•ج: عندما نرى محافظة منكوبة بسيول كحضرموت، أو صعدة التي نُكِبَتْ بالحروب المتكررة، ويذهب أهل الخير ليغيثوهم، فهل هذا تقرب إلى السلطة؟ أم تقرب إلى الله تعالى بالعمل الصالح، ونفع الناس، وإغاثة الملهوف المكروب؟! على أنه قد شارك في إغاثة المنكوبين في حضرموت وغيرها غالب المؤسسات الإغاثية في الداخل والخارج، ومن ذلك بعض منظمات الأمم المتحدة؛ فلماذا لا تكون جهودهم محل ريبة أيضًا؟ دعونا من الجور في الأحكام، والغوص في النوايا، والتأويل الفاسد المشبوه لتصرفات الآخرين، حتى وإن كانت خيرية!!"(6 ).
أقول: انتبه لهذا الرجل الذي يعترف بأن هناك حروباً متكررة في صعدة، يثيرها ويقوم بها الروافض، ومع ذلك لا يرى هذه الحروب خروجاً، ويُنكر على من يَعُدّها خروجاً.
•"س: كان هناك زخم إعلامي واهتمام لما خرج به الملتقى ؟

•ج: ذلك الزخم لأسباب عدة بَيَّنَها كثير من المنصفين بعد الملتقى، وإذا سلمنا أن هذا الزخم بسبب الرعاية الرسمية التي حصلت للملتقى؛ فليس هذا عيبًا مطلقًا، ولا بد أن يكون أي ملتقى كهذا تحت نظر الدولة، فنحن في مجتمع له مؤسسات ووزارات وإن كان هناك قصور في أدائها، ونحن السلفيون لا نتمرد على المجتمع، ولا نعيش بعيدًا عنه، ثم لماذا لا يقال: إن الملتقى كان فريدًا نوعيَّا غير متوقع؛ فلفت انتباه المجتمع ليروا قدرة أو فشل السلفيين على إدارة الأمور، أو أن هناك من فرح بهذه الخطوة طمعًا في أن يدخل السلفيون في المجال السياسي مستقبلاً، بعد أن أداروا له ظهورهم سنين طويلة، ولماذا لا يُفْهَم أن الحضور الرسمي هو لوزير يمثل وزارة الأوقاف التي يجب أن تهتم بملتقيات العلماء والأنشطة الدينية في البلاد؟! ولا يكاد ينقضي العجب من تناقض بعض الكُتَّاب في الصحف، فمرة يصفون السلفيين بالإرهابيين، المتمردين على المجتمع، الذين تطاردهم السلطة، ومرة يصفونهم بأن السلطة تدعمهم وتحالفهم، وأنهم لا يعملون شيئًا إلا بإشرافها، فيا لله العجب!!!"( 7).
أقول:

السلفيون الذين يدافع عنهم أبو الحسن ويطريهم هم القطبيون، ولا يُعْرَف أن الدولة تشرف على دعوة السلفيين الحقيقيين وملتقياتهم، والإرهابيون موجودون وهم من فصائل الإخوان وانبثقوا عن فكر الإخوان المسلمين ومنهجهم.
والسلفيون الحقيقيون ضد الإرهاب أكثر من غيرهم، وأبو الحسن بطريقته الماكرة يريد أن يدمج إرهابي الإخوان بالسلفيين، ثم إذا كان الصحفيون مضطربين وهم كذلك لأنهم جهلة وأهل أهواء فأبو الحسن أشد اضطراباً منهم وارتباكاً، فهو تارة ينفي رعاية الدولة لمن يسميهم السلفيين وتارة يعترف بها كما ترى، وكم عنده من الاضطرابات والتناقضات في هذا الحوار السياسي الذي يلبس كلامه لباس السلفية، والواقع أنه مراوغات سياسية لا تمت إلى السلفية بصلة.
وكم من مدع وصلاً لليلى وليلى لا تقر لهم بذاك

•"س: برأيك هل نجح الملتقى ؟

•ج: كنت أتابع ما ينشر في الإعلام وأنا بالخارج، ورأيت أن السلفيين أثبتوا كفاءة غير متوقعة، وكثير من المنصفين أعجبوا بالملتقى( 8) وما خرج به من بيان ختامي متوازن، أفحم الشانئين المتهمين للسلفيين بأنهم فقهاء البلاط!!"( 9).
أقول: 1- انظر إلى أي درجة يعتز بهذا الملتقى القطبي ويشيد به ويصف أهله بالسلفية، والسلفية بريئة منهم ولا تقر لهم بذاك، فبناء على معرفتي بالقطبيين من الإخوان ومنهجهم فإني وكل سلفي نجزم بأنهم ضد السلفيين وضد منهجهم، وبالتأكيد فموازين أبي الحسن منتزعة من منهج الإخوان ومن منهجه الواسع الأفيح الذي عجز غلاة المرجئة عن اختراعه وتطبيقه عملياً وبقوة هائلة.

2- مما جاء في بيان هذا الملتقى السلفي المزعوم والذي يتباهى به أبو الحسن ما يأتي:
" 1- أن مرجعية كل اليمنيين عند التنازع والاختلاف كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن التحاكم إليهما والتمسك بهما وتطبيقهما في كل المجالات هو الضمان الأكيد للحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره.
2- ودعوة إلى الاعتصام بالكتاب والسنة.
3- وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
وهذا كلام جيد وحق( 10)، وفوق ذلك ففي الكتاب والسنة ما يضمن سعادة البشرية كلها في الدنيا والآخرة إذا التزمت بهما.
وهذه الفقرات تكفي أهل هذا اللقاء وغيرهم إن كانوا صادقين، ففي الإسلام حل المشاكل العقدية والمنهجية والسياسية والأخلاقية وغير ذلك من المشاكل.
ولنقف هنا مع الأزمة السياسية التي طرحت هذه الفقرات وغيرها لمعالجتها لننظر هل كل الفئات ذات النـزاع والمطالبات بما فيهم أصحاب هذا الملتقى مستعدون لقبول ما ورد في هذه الفقرات والنهوض به بقلوب راضية منشرحة، فإذا كانوا جميعاً مستعدين لذلك فأنا أعرض عليهم الحلول النبوية لهذه المشكلة السياسية والقضاء على الاضطرابات الفوضوية:
1- روى البخاري ومسلم من طريق أسيد بن حضير أن رجلاً من الأنصار قال: يا رسول الله: ألا تستعملني كما استعملت فلاناً، قال: " ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض".
وروى البخاري عن أنس بن مالك –رضي الله عنه-، قال: دَعَا النبي  الْأَنْصَارَ إلى أَنْ يُقْطِعَ لهم الْبَحْرَيْنِ فَقَالُوا: لَا إلا أَنْ تُقْطِعَ لِإِخْوَانِنَا من الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَهَا، قال: إِمَّا لَا فَاصْبِرُوا حتى تَلْقَوْنِي فإنه ستصيبكم بَعْدِي أَثَرَةٌ".
وروى البخاري في كتاب "الفتن" حديث (756) ومسلم في الإمارة حديث (1709) كلاهما عن عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- قال: " دَعَانَا النبي  فَبَايَعْنَاهُ فقال فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا على السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ في مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إلا أَنْ ترو كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ من اللَّهِ فيه بُرْهَانٌ".
وروى مسلم في الإمارة حديث (1843) عن زيد بن وهب عن عبد الله قال: قال رسول اللَّهِ  : "إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا"، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَأْمُرُ من أَدْرَكَ مِنَّا ذلك؟ قال: تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الذي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ".
وروى مسلم في الإمارة حديثاً من طريق علقمة بن وائل عن أبيه قال: " سَأَلَ سَلَمَةُ بن يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ  فقال: يا نَبِيَّ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إن قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فما تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عنه، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عنه، ثُمَّ سَأَلَهُ في الثَّانِيَةِ أو في الثَّالِثَةِ، فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بن قَيْسٍ، وقال: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عليهم ما حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ".
وبيّن مسلم من طريق أخرى أن القائل إنما هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فهذا هو الحل الحاسم الذي يقطع الشغب ويقضي على الفوضى إن كان هناك صدق والتزام بمنهج الإسلام، فعلى المسلمين عموماً وأهل هذا الملتقى خصوصاً أن يضعوا سنة رسول الله ومنهج السلف نصب أعينهم ولا يواجهوا هذه المعضلات والفتن والاضطرابات الهمجية إلا بهذا الحل النبوي الذي يقضي على الفوضى ويمنع من سفك الدماء وانتهاك الأعراض والتخريب والتدمير للأنفس والأموال.
وأقول لأبي الحسن: لو طرحت هذا الحل النبوي في حوارك واقتصرت عليه ووقفت عنده لأرحت نفسك والقراء من كثرة الهذيان والتناقضات والحلول الفاسدة التي تؤيد بها الاشتراكيين(11 ) وغيرهم وترى أن لهم حقوقاً لهم حق المطالبة بها، أأنت أعلم وأحكم وأعدل أم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصحابة الكرام والسلف؟
فهل المظاهرات والمطالبات في حشود وتجمعات وما يرافقها من الأكاذيب والتخريب والتدمير مما شرعه الإسلام؟ أو أنت تنطلق من غير الإسلام في تأييد هذه المطالب والاعتراف بأحقيتها؟ أو أنت تنطلق من الديمقراطية التي شرعها الملاحدة واليهود وزنادقة النصارى؟
أين أنت من الأحاديث التي أسلفتها؟ وأين أنت من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- إمام النبيين والمرسلين وسيد العقلاء والحكماء وأعلم خلق الله بطرق معالجات المعضلات.
روى ابن أبي عاصم في كتاب "السنة" حديث رقم (1096-1097) بإسناده إلى شريح ابن عبيد عن عياض بن غنم أنه قال لهشام بن حكيم: " ألم تسمع بقول رسول الله : "من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يُبْدِه علانية ولكن يأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه".
وروى هذا الحديث الإمام أحمد (3/403-404).
وروى له الحاكم في المستدرك (3/290) متابعة.
وقد صحح الألباني هذا الحديث بمجموع طرقه، وذكر أن له شاهداً موقوفاً على عبد الله ابن أبي أوفى، رواه أحمد في مسنده (4/382-383).
فهذه هي الحلول النبوية ثم السلفية لا الديمقراطية الجاهلية التي يلبسها أهل الأهواء لباس الإسلام، فيقولون الديمقراطية الإسلامية، ويقولون عن الاشتراكية: إنها إسلامية، ويقولون: التمثيل الإسلامي، والدسكو الإسلامي، إلى آخر المهازل التي تلصق بالإسلام من الإخوان المسلمين وفصائلهم.
3- أعود لأقول: لكن أهل هذا الملتقى سرعان ما نسوا ما في الفقرات السابقة، فقالوا في فقرة أخرى من هذا البيان:
" 7- إنصاف إخواننا المتضررين من أبناء المحافظات الجنوبية وأبناء صعده".
فغلب باطلهم حقهم لضعفه في نفوسهم.
ومن هم إخوانهم؟
إنهم الاشتراكيون والبعثيون والناصريون في الجنوب والشمال، والروافض في صعدة.
وعقبوا ذلك بقولهم: " 8- الوقوف صفا واحدا في مواجهة المد الرافضي في اليمن".
فروافض اليمن الذين تمردوا على اليمن حكومة وشعبا، وسفكوا الدماء، وقتلوا الأطفال والنساء، وشردوا الألوف من ديارهم يعتبرونهم إخوانهم، ولا يقال عنهم: روافض ولا خوارج.
أما الروافض في الخارج فلا يعترض عليهم إلا إذا تدخلوا في شئون بلادهم.
وأما مواجهة عقيدتهم الكفرية فلا مواجهة لها وإن انتشرت في العالم كله، ولو سفكت الدماء في العراق ولبنان، واجتاحت بعقائدها كثيراً من البلدان بتشجيع الإخوان المسلمين.
فأين هي سلفية أهل هذا الملتقى من سلفية أهل السنة حقاً، وعلى رأسهم أئمة الإسلام ومنهم أحمد بن حنبل وأبو زرعة وابن تيمية وابن عبد الوهاب وغيرهم وغيرهم من الصادقين في سلفيتهم؟، وبرأهم الله من سلفية الإخوان المفلسين؛ إخوان الروافض فعلاً منذ قامت دعوتهم وإلى يومنا هذا فتراهم يقفون إلى جانبهم في الحروب والأحداث، ولا يستنكرون مدهم في العالم الإسلامي كله، وكيف ينكرون عليهم أو يخذلونهم وقياداتهم يصرحون بأن أصولهم وأصول الشيعة (الروافض) واحدة؟
ثم نسألهم من الذي جلب المد الرافضي إلى اليمن، أليس هم الروافض اليمنيون؟
فهل سيقف هؤلاء معكم في صف واحد لمواجهة المد الرافضي، أو سيقفون في صف أهل هذا المد؟
وهل تضمنون وقوف الاشتراكيين والعلمانيين في صفكم أيها التائهون؟

•"س: ظهر انقسام في الملتقى، والبعض تغيب مثل الحجوري والإمام ؟

•ج: الإخوة في جمعية الحكمة دعوا للملتقى .. وتَغَيُّب بعض الإخوة ليس دليلاً على فشل العمل ، وما من جماعة إلا وفيها راض وساخط ، وحاضر وغائب، ومع ذلك فليس هذا دليل الفشل في الأداء، ولم يظهر انقسام مؤثر في الملتقى، والدعوة الناضجة تحتمل اختلاف وجهات النظر فيما هو من مسائل الاجتهاد، ومن سميت من الغائبين هم مختلفون من قبل الملتقى مع إخوانهم، ثم اختلفوا مع أنفسهم، وذلك لأنهم ينحون نحو الغلو والتطرف، كتبديع الناس، وسَبِّهم، ولعنهم، والتشويه لصورة المخالف وإن كان أهدى منهم سبيلاً وأقوم قيلا، وعدم قبول أي حق من المخالف، والقبول المطلق من الموافق بعجره وبجره، لاسيما إذا كان كبيرًا فيهم، وهذا انحراف عن الاتجاه السلفي الصحيح(12 ) .. وجمهور السلفيين على الجادة، وسارت قافلتهم نحو الاعتدال والوسطية"( 13)
أقول: أ- انظر هنا كيف يدافع عن هذا الملتقى ويصف دعوة أهله بالنضج وأنها تحتمل الاختلاف الاجتهادي، ومعلوم أن دعوة الإخوان المسلمين تحتمل كل ألوان الاختلاف من الرفض بما فيه من تكفير الصحابة والطعن فيهم والطعن في زوجات الرسول -صلى الله عليه وسلم- والطعن في القرآن والسنة وتكفير أهل السنة، ويزعمون للناس أن هذا من الاختلاف الاجتهادي وأن أصول الروافض وأصول أهل السنة واحدة( 14)، ثم هل يوجد في الإخوان مجتهد على طريقة مجتهدي أئمة السنة؟، ومع هذا الضلال البعيد فالقطبيون( 15) يحتملون الخلاف معهم وينسجمون معهم لأنهم من فصائلهم.

ثم ما رأيته من وصف القطبيين للاشتراكيين والروافض بأنهم إخوانهم إنما هو مقتبس من معين الإخوان المسلمين.
ب- انظر كيف يصف السلفيين بالغلو والتطرف وبتبديع الناس وسبهم ولعنهم والتشويه لصورة المخالف والانحراف عن المنهج السلفي الصحيح وإن كان أهدى منهم سبيلا، وما نجده يصف التكفيريين الغلاة بهذه الأوصاف، وحتى الروافض والاشتراكيين والبعثيين وغلاة الصوفية القبورية لا يصفهم بهذه الأوصاف، ألا يدل هذا على الفجور والتطرف والغلو والحقد على السنة وأهلها الذين يصفهم بهذه الأوصاف على وجه العموم، وهذا من أكذب الكذب، فالسلفيون يردون الأخطاء والضلالات بالحجج والبراهين لا بالسب ولا باللعن...الخ، والخلاف الموجود بين بعض السلفيين منشؤه المدسوسون في صفوفهم من قبل أعدائهم وليس عقديا ولا منهجياً ، وهو سحابة صيف ثم تنقشع إن شاء الله.
جـ- المنهج السلفي الصحيح عند أبي الحسن هو منهجه ومنهج القطبيين والإخوان المسلمين، فالذي يتصدى لرد ضلالهم هو في منهج أبي الحسن منحرف وغال إلى آخر الأوصاف الظالمة التي وصف بها السلفيين.
د- جمهور السلفيين عند أبي الحسن هم القطبيون والسواد الأعظم فاعرفوا سلفيته هذه.
هـ- أبو الحسن يصف أهل جمعية الحكمة في اليمن بأنهم سلفيون، وسأعطي القارئ لمحة عنها ليحكم عليها:
أولاً- أنها مرتبطة بجمعية إحياء التراث من أول نشأتها، وذلك أن إحياء التراث أرسلت وفداً إلى الشيخ مقبل الوادعي -رحمه الله-، وطلبوا منه التعاون معهم، فلما عرف منهجهم وأهدافهم رفض التعاون معهم، فبحثوا عن من يسير في ركابهم فوجدوا جملة من طلاب الدنيا المتهالكين على المال من المتلبسين بالسلفية، فكَوَّنوا منهم جبهة ضد السلفية وضد الشيخ مقبل، وأطلقوا على هذه الجبهة اسم "جمعية الحكمة"، ثم شرع رجال الحكمة في حرب الشيخ مقبل وطلابه، وألّفوا في ذلك بعض الرسائل ودبّجوا بعض المقالات المليئة بالأكاذيب والتشويهات، وفي الوقت نفسه كانوا يدافعون عن أهل البدع والضلالات.

ثانياً- انظر ملف الشيخ مقبل الذي نشر في مجلة "الفرقان" اليمنية التابعة لجمعية الحكمة، العدد العاشر الصادر في ربيع الأول عام (1417هـ) (ص62) تحت عنوان "أسماء العلماء والدعاة والشخصيات الذين تكلم فيهم الشيخ مقبل":

"محمد رشيد رضا، أبو الأعلى المودودي، حسن البنا، سيد قطب، سعيد حوى، عبد الرحيم الطحان، عبد المجيد الزنداني، يوسف القرضاوي، محمد بن سرور، عبد العزيز بن عبد الله بن باز( 16)، عبد الرحمن عبد الخالق، محمد قطب، عصام العطار، راشد الغنوشي، علي الطنطاوي، سيد سابق، أبو بكر الجزائري، عبد المجيد الريمي، صلاح الصاوي، عباس مدني أسامة بن لادن، أبو غدة، عبد الله صعتر، محمد عجلان، عبد الله عزام، عبد العزيز القارئ، عبد الله بن فيصل الأهدل، محمد متولي الشعراوي، محمد المهدي، عبد الوهاب الديلمي، عبد القادر الشيباني، محمد أحمد الحدائي، عبد الله السبت، محمد بن إسماعيل العمراني، عفيف طبارة، عبد الله محمد اليزيدي، عمر التلمساني، أحمد المعلم، بكر أبو زيد، عمر عبد الرحمن، محمد الغزالي، عبد العزيز السلمان، عبد الحميد كشك، سلمان العودة، سفر الحوالي، محمد الهدية، محمد الريمي، محمد البيضاني، عمار بن ناشر العريقي، عقيل المقطري، محمد عبد الله الحكمي، حمود هاشم الذارحي، غالب القرشي، عبد الله بن غالب الحميري، ناصر الشيباني، عمر أحمد سيف، عبد الله الحاشدي" .
هذا هو موقف جمعية الحكمة من أهل البدع والضلال ومنهم قائد الإرهابيين أسامة بن لادن، فهل تجد عند أهل السنة الصادقين مثل هذا الحماس لأمثال الشعراوي والإرهابي ابن لادن ومن ذكر معهما من أهل الضلال؟
أضف إلى ذلك:
1- تمجيدهم لعبد الرحمن عبد الخالق ومؤلفاته المليئة بالفتن والحرب على السلفية والسلفيين.
2- تمجيدهم لسفر الحوالي والإشادة به وبدروسه.
3- ارتباطهم الوثيق بجمعية إحياء التراث التي تسببت في إنشاء هذه الجمعية، وأقامت لها المشاريع والمدارس وأمدتها وتمدها بالأموال الطائلة لتحقيق أهدافها الحزبية ومن الحرب الضروس على السلفية في اليمن والمملكة العربية السعودية. "راجع مجلة "الفرقان" التابعة لجمعية الحكمة، العدد الرابع عشر الصادر في شهر شعبان (1418هـ)، (ص32).
4- ارتباطهم بمنهج سيد قطب والموالاة والمعاداة من أجل شخصه وفكره ومنهجه المدمر، وحرْب ومعاداة من ينتقده بحق، وتمرير مؤلفاته بكل احترام، بل وتدريس كتابه "الظلال".
5- انسجامهم مع الإخوان المسلمين غاضين الطرف عن مناهجهم وعقائدهم الفاسدة التي تنتشر في العالم الإسلامي وغيره فتفسد عقول الشباب ومناهجهم، وتجعلهم لعبة بأيدي الروافض وغيرهم من أهل الضلال، فلا نقد للإخوان ولا لقياداتهم وإن دعوا إلى وحدة الأديان ووحدة الوجود ومؤاخاة الروافض، بل والنصارى، إلى غير ذلك من المساوئ والبدع، ومع ذلك كله يعدونهم من أهل السنة والدعاة إلى السلفية في الوقت الذي يواجهون فيه السلفية والسلفيين بضراوة وافتعال الأكاذيب.
ومع كل هذه المساوئ المردية يصفهم أبو الحسن بأنهم السلفيون، ولا يُستغرب منه ذلك؛ لأنه على منهجهم كما في الحديث النبوي: "الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف"، وفي المثل السائر: "إن الطيور على أشكالها تقع"

•"س: لكن أنصار من تغيبوا يمثلون الأغلبية ؟

•ج: ليس الأمر كذلك، فنحن أعرف ببعضنا، وما تسمعون من خلال الإعلام غير صحيح، ومبالغ فيه لمقاصد أخرى.. فأهل البيت أدرى بما فيه .. نعم هم كثير، ولكنهم ليسوا بأغلبية، وليس معنى ذلك أن المخالفين إذا كانوا كثيرين فهذا دليل على فشل الآخرين، إنما هذا دليل على انحراف هذه المجموعة إذا لم تكن على الجادة .. ولذلك فهم قد انقسموا بينهم البين إلى عدة انقسامات، والأيام تزيدهم انقسامًا، لأن هذا الفكر الذي شذُّوا به فكر انشطاري, فِكْرُ تآكلٍ لا منهج تكامل، فكر عدواني، وليس منهج رحمة وشفقة، أو تسديد ومقاربة ، وقد رددت على فكرهم المخالف للأدلة في مجلدين (الدفاع عن أهل الاتباع) .. وقد استرحنا حقيقة من فكر هذه الطائفة من وقت قديم، ونحن مشغولون بقضايا المجتمع الذي نعيش فيه، لا قضايا وهمية، أو نقيم الولاء والبراء على مسائل فرعية جزئية، وليس من المعقول أن يطغى فرع على أصل، أو تطغى جزئية على كلية"(17 ).
أقول: أ- هذه كرة أخرى وحملة شعواء على السلفية والسلفيين خاصة، فنراه فرحاً شامتاً بالسلفيين لأنه حصل اختلاف بين بعض السلفيين، فيقول قد انقسموا فيما بينهم عدة انقسامات، ولا يصح هذا الكلام(18 ) إلا إذا عد خلافه وخلاف أمثاله من الأدعياء خلافاً بين السلفيين، والحق أن جل الخلاف إنما هو بين السلفيين وبين الأدعياء المدسوسين، وهو اختلاف في الأصول والمناهج.

ب- يعد هذا المتربص بالسلفية وأهلها المنهج السلفي منهجاً شاذاً انشطارياً وأنه فكر متآكل لا منهج متكامل وأنه فكر عدواني وليس منهج رحمة وشفقة، وهذه طعون في المنهج السلفي الحق، فمن أي منهج ينطلق هذا الرجل؟ إنه ينطلق من المنهج الواسع الأفيح الذي يسع الإخوان المسلمين الخليط العجيب من الروافض وغلاة الصوفية على اختلاف طرقهم والخوارج وحتى النصارى، فهؤلاء عند الإخوان المسلمين وأبي الحسن هم المسلمون حقاً وأهل المنهج المتكامل وأهل الرحمة حتى لدعاة وحدة الأديان ووحدة الوجود، أما السلفيون حقاً فيرون أن الإخوان المسلمين ومن انضوى تحت لوائهم من الروافض والخوارج وغلاة التصوف وأهل وحدة الوجود فيرونهم من أهل البدع والضلال، ويحكمون على أهل وحدة الوجود ووحدة الأديان وعلى من يكفر أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويحرف القرآن ويُؤلِّه أهل البيت ويرى أنهم يتصرفون في الكون وأن لهم سلطة تكوينية على كل ذرة من ذرات الكون. يحكم السلفيون على هؤلاء بالكفر.وهذا لا يرضي المحامي الأكبر عن الإخوان المسلمين وعن السواد الأعظم أبي الحسن المبجل المعظم، فهذا عنده من الشذوذ والغلو والقسوة والبعد عن الرحمة، ولو صدرت هذه الأحكام من أئمة الإسلام كالإمام أحمد وأمثاله.
جـ- يشيد أبو الحسن بكتابه الذي سماه بـ(الدفاع عن أهل الاتباع)، الذي قام على الأكاذيب والخيانات والاختراع، ويظن أنه قد استراح وأراح أسياده الذين يحامي عنهم من السلفية والسلفيين، هكذا يتخيل هذا الأهوج، وما يدري أن هذا الكتاب قد أسقطه على أم رأسه، وفضحه الله به وهتك به أستاره، وما يدري أن السلفية لا تزداد إلا انتشاراً في أقطار الأرض رغم أنفه وأنوف من يحامي عنهم.
د- أبو الحسن يرى الخلافات بين السلفيين وأصناف أهل البدع الذين يحامي عنهم إنما هي قضايا وهمية أو جزئية فرعية، وهذا هو عين ميزان حس البنا والإخوان المسلمين لكل الخلافات العقدية والمنهجية بين السلفيين وبين الروافض والخوارج، وخصمهم الأوحد هو المنهج السلفي وأهله، وبهذه الموازين ظهرت حقيقة أبي الحسن لكل سلفي صادق.
هـ- أبو الحسن يرى أن السلفيين مشغولون بقضايا وهمية، فدعوتهم إلى التوحيد والسنة والذب عنهما ودحض الشركيات والبدع كل هذا عند أبي الحسن من القضايا الوهمية.
و- أبو الحسن وأمثاله من الإخوان المسلمين وفروعهم مشغولون بقضايا المجتمع الذي يعيشون فيه، ومن ذلك قضايا البعثيين والناصريين والاشتراكيين والروافض وكل الأحزاب الذين تحالفوا معهم، ويؤيدون مطالبهم التي تنبع من مبادئهم ومنها الديمقراطية.

•"س: الحجوري والإمام منشغلون بقضايا الأمة كما يقولون ؟
•ج: الحجوري، ما هي قضايا الأمة عنده؟ هو منشغل في أبي الحسن مرة، وفي العدني مرة أخرى، وفي الوصابي مرة ثالثة، وكذلك الإمام ..أما نحن فبماذا نتكلم عنهم ؟ نقول: هم إخواننا وإن ظلموا وبغوا، وإذ سئلنا عنهم وعن منهجهم الذي خالفوا فيه الحق، بيّنا الحق، ونمدحهم فيما أحسنوا فيه، ونحن ندافع عن السلفية وبما ترمى به من خصومها، ولسنا مشغولين بالسلفيين"(19 ).
أقول:

1- وبعد هذا كله يقول: " أما نحن فبماذا نتكلم عنهم ؟ نقول: هم إخواننا وإن ظلموا وبغوا...الخ"، ولكن غلب عليه طبعه ومنهجه فادعى أنه يمدحهم، وقد عرفت مدحه لهم ولمنهجهم كما هو ماثل بين عينيك، ويزعم أنه يدافع عن السلفية، وقد عرفت دفاعه عنها وموقفه من خصومها، فكلهم عنده سلفيون وأهل سنة، فهذا هو دفاعه عن السلفية وأهلها.
2- أقول: اعرف منهج هذا الرجل واعرف تلونه ومراوغاته، فقبل لحظة يصف السلفيين ومنهجهم بأقبح الصفات التي تفوق التبديع الصريح، فيسمي دعوتهم السلفية ومنهجهم السلفي بالفكر، وما هو هذا الفكر عند هذا الرجل العادل؟
1- إنه فكر شاذ.
2- وفكر انشطاري.
3- وفكر متآكل لا منهج متكامل؛ كمنهجه ومنهج الإخوان المسلمين.
4- وفكر عدواني، وليس منهج رحمة أو تسديد ومقاربة، فمنهجهم لا يشبه منهج أبي الحسن الواسع الذي يتسع لكل أصناف أهل البدع، وهو يفيض رحمة وشفقة حتى على الاشتراكيين والبعثيين والناصريين وأمثالهم، فكلهم عنده مسلمون، ولا يجرح مشاعرهم، فلا يصف مناهجهم بأنها مناهج شاذة ولا يصفها بالعدوانية، ولو خرجوا على الأمة بالسلاح أو حملوا السلاح في مظاهراتهم وأزهقوا الأرواح فيها وخرّبوا ودمروا ؛ لأن منهجه واسع رحيم يسع كل الاتجاهات إلا السلفيين، فهو يضيق بهم ذرعاً ويضربهم ضرب غرائب الإبل، ويصفهم بأقذر الأوصاف، ويرى أن أعماله هذه من العدل والاعتدال والشفقة والرحمة.

3- انظر إليه، فقبل قليل يصف السلفيين بتلك الأوصاف الذميمة وأنهم منشغلون بقضايا وهمية وجزئية، وهو وأمثاله مشغولون بقضايا المجتمع الذي يعيش فيه؛ أي على اختلاف فرقه وفئاته، وليسوا مشغولين بالسلفيين، والواقع أن شغله حرب السلفيين والدفاع عن أهل الضلال، ومن ذلك ما ذكره من تأليفه لكتاب سماه "الدفاع عن أهل الاتباع" في مجلدين، فما أسرع نسيان أهل الكذب، وما كفاه ذلك فهو يواصل حربه، وينتهز أي فرصة للطعن في السلفيين بأسلوبه الذي برز فيه بالكذب والخيانات والشماتة التي لا تصدر إلا من أعدى الأعداء.
•"س: يقولون:أنتم أصحاب الجمعيات تبحثون عن المال والربح لا عن الدين، ولم تعودوا سلفيين؟ وأن الجمعيات تتطور إلى أحزاب!!
•ج: هذا من فساد فهمهم عندما يرون أن فكرة الجمعيات تناقض الأصول السلفية، وهم بهذا يحكمون على جميع المنظمات والأعمال المنظمة في جميع المجتمعات بالحزبية والضلالة، وليس الأمر كذلك؛ لأن الجمعيات والمنظمات إذا كانت تؤدي إلى غاية حميدة فهي حميدة والعكس ، والجمعيات هي وسيلة فقط، والحكم فيها ليس لذاتها، إنما يكون باعتبار ما تؤول إليه، والآلية التي تسير عليها .. فمنها ما هو حق ومنها ما هو باطل، وعندما يقولون: أنتم أصحاب أموال .. ألم تقل قبل قليل: إنهم كثير بل أغلبية؟ فبماذا ينفقون على أنفسهم وعلى مراكزهم ؟ طبعًا بأموال.. أم أنهم ملائكة، أو يعيشون في الفردوس الأعلى لا يأكلون ولا يشربون؟ ثم هم يبحثون عن المال، ويطلبون من أهل الخير مساعدتهم أيضًا، ويشرحون لهم أنشطتهم وحاجتهم، ولهم مندوبون يضربون في الأرض كما يفعل غيرهم، فلماذا كان فعلهم زهدًا وعبادة، وفعل غيرهم سقوطًا وبلادة؟! لكن هؤلاء يعيشون كالنعامة التي تدفن رأسها في التراب وتظن أنه لا يراها أحد ..
أما كون الجمعيات ستتطوّر إلى أحزاب، فما معنى حزب؟ كل جماعة تأتلف على أمر ما فهم حزب.. والجمعيات في ذاتها بهذا المعنى هي حزب، ولك أن تسميه حزبًا خيريًّا أهليًّا إغاثيًّا دعويًّا، فهذا لا شيء فيه، ولا يلزم من كلمة حزب أن يكون الحزب سياسيًّا، أو معارضًا، أو مذمومًا مطلقًا، فلسنا نقبل أي حزب بإطلاق، ولا نعادي أي حزب بإطلاق، إنما ننظر في عمل الحزب وبرنامجه، ونحكم عليه بموجب ذلك،وقد يكون الحزب محمودًا مطلقًا، أو مذمومًا مطلقًا، أو خليطًا من هذا وذاك، وقد جعل الله لكل شيء قدرا، فالإجمال والعموم في موضع التفصيل والتعيين معيب عند العقلاء"(20 ).
أقول:

1- هذه ثرثرة وتمويهات من أبي الحسن، فهو في الحقيقة يقبل من يقبل من الأحزاب لهواه، ولا نعرف أنه يخاصم الأحزاب الأخرى، وإنما عنتريته وحربه على السلفيين فقط، وليته يحاربهم بشيء من الحق، وإنما يحاربهم بالأكاذيب والخيانات والتمويهات التي يخجل منها غلاة أهل البدع والتحزب.
2- السلفيون إنما حكموا على كثير من الجمعيات بحسب ما آلت إليه من التحزب والانحرافات، وما تكلموا فيها إلا بعد أن ظهرت انحرافاتهم ومحاربتهم للمنهج السلفي وبذل أموالهم للهوامير من أمثال أبي الحسن؛ تلك الأموال التي تجمع باسم الفقراء والمنكوبين وإذا بها تصب في خزائن هؤلاء الهوامير في اليمن ومصر والسودان وغيرها تشجيعاً لهؤلاء الهوامير ليصرفوا الشباب السلفي عن منهج الله الحق، وفعلاً حقق هؤلاء الهوامير ما تنشده هذه الجمعيات.
وقد يصدق الكذوب، فقد صدق أبو الحسن في اعترافه بأن هذه الجمعيات أحزاب؛ لكنه يصفها بأنها خيرية، والحق أنها أحزاب سياسية؛ سياسية المنشأ والأهداف، وعند أبي الحسن خيرية، فهي خيرية عنده بالنسبة لما يتلقاه منها من الأموال الطائلة التي سحرت أبا الحسن وأمثاله من الهوامير لحرب السلفية والسلفيين في كل مكان لتحقيق أهداف هذه الجمعيات السياسية الحزبية لا لإعلاء كلمة الله ونشر الهدى في أرض الله.
3- وكلامه عن الجمعيات فيه إجمال وعموم وتلبيس، فأين بيانه لعيوبها؟؛ ومن ذلك تفريقها للمسلمين، والتركيز على تفريق السلفيين وتمزيقهم في عدد من البلدان.
4- انظر إلى قوله: " أم أنهم ملائكة، أو يعيشون في الفردوس الأعلى لا يأكلون ولا يشربون ".
وهذا قول خطير يعارض نصوص كتاب الله وسنة رسوله وإجماع المسلمين في أن أهل الجنة يأكلون ويشربون وأزواجهم الحور العين، ويوافق اعتقاد اليهود والنصارى في أن أهل الجنة لا يأكلون ولا يشربون.
قال تعالى: (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم).
وقال تعالى: (إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله -:
"عن رجل قيل له إنه ورد عن النبي ( أن أهل الجنة يأكلون ويشربون ويتمتعون ولا يبولون ولا يتغوطون )، فقال من أكل وشرب بال وتغوط، ثم قيل له: إن في الجنة طيورا إذا اشتهى صار قدامه على أي صورة أراد من الأطعمة وغيرها فقال: هذا فشار، هل بجحده هذا يكفر ويجب قتله أم لا؟ فأجاب:
الأكل والشرب في الجنة ثابت بكتاب الله وسنة رسوله وإجماع المسلمين وهو معلوم بالاضطرار من دين الإسلام وكذلك الطيور والقصور في الجنة بلا ريب كما وصف ذلك في الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي وكذلك أن أهل الجنة لا يبولون ولا يتغوطون ولا يبصقون لم يخالف من المؤمنين بالله ورسوله أحد وإنما المخالف في ذلك أحد رجلين إما كافر وإما منافق.
أما الكافر فإن اليهود والنصارى ينكرون الأكل والشرب والنكاح في الجنة يزعمون أن أهل الجنة إنما يتمتعون بالأصوات المطربة والأرواح الطيبة مع نعيم الأرواح وهم يقرون مع ذلك بحشر الأجساد مع الأرواح ونعيمها وعذابها.
وأما طوائف من الكفار وغيرهم من الصابئة والفلاسفة ومن وافقهم فيقرون بحشر الأرواح فقط وأن النعيم والعذاب للأرواح فقط"، (مجموع الفتاوى) (4/313-314).
فعليه أن يعلن توبته من هذا الكلام الخطير.
5- السلفيون يحذرون من الجمعيات الحزبية، ولا يأخذون من أموالهم شيئاً، بخلاف أبي الحسن وأمثاله المتاجرين بدينهم المتهالكين على الأموال التي يأكلونها سحتاً، فيصبحون جنوداً لهذه الجمعيات الحزبية، يحققون أهدافها، ومن تلك الأهداف: شن الحرب على حملة المنهج السلفي، وتشويههم بالأكاذيب والافتراءات كما هو دأب أبي الحسن، فيصدون كثيراً من الناس عن سبيل الله .
ويقبل السلفيون الأموال من الأيدي النظيفة التي لا تُقدِّم الأموال إلا تقوية للمنهج السلفي وتشجيعاً لدعاته وتشجيعاً لمدارسه.

•"س: شيخ، تُتَّهم أنك انقلبت على مشايخك ؟
•ج: هؤلاء لا يفهمون حقيقة دعوة المشايخ السابقين واللاحقين، ولذا يزعمون هذا الزعم الباطل، وأنا إنما انقلبت على انحرافهم عن طريقة المشايخ لا على طريقة المشايخ الصحيحة، على أنني أعتقد أن المشايخ ليسوا بمعصومين .. فإن كان الحق معهم قبلنا منهم ودعونا لهم، وان كانوا على خطأ في أمر ما رُدَّ عليهم واستغفرنا لهم، وهذا منهج أهل الوسط مع الموافق والمخالف، وأما التقليد الأعمى فيجمع بين الغلو والجفاء"(21 ).
أقول: الحق أنك انقلبت على المنهج السلفي الحق الذي كنت تتظاهر به وعلى مشايخه، وجلبت بخيلك ورجلك لإسقاط هؤلاء المشايخ الأجلاء الذين ناصحوك لترجع عن ضلالاتك وأصولك الفاسدة وانحرافاتك الخطيرة التي خالفتَ فيها العلماء السابقين واللاحقين، فأبيت إلا العناد والمكابرة، والواقع أنك تناهض السلفية والسلفيين منذ نشأتك، ولو كنت سلفياً حقاً لسلكت مسلك السلف الصالح السابقين منهم واللاحقين في دحض البدع ونقد أهلها النقد العلمي القائم على الحجج والبراهين؛ الأمر الذي لا نراه منك، بل لا نرى إلا عكسه، وهو الدفاع عن أهل البدع، واختراع الأصول الباطلة للدفاع عنهم، والحرب الضروس على من ينتقدهم بحق بالحجج والبراهين، وكنت أعرف طرفاً من هذا المنهج عندك، فمنذ عرفتك وأنت لا تفتأ تدافع عن سيد قطب وتطعن فيمن ينتقده، وتدافع عن الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ، كنت أعرف هذا منك، فأناقشك بلطف وأترفق بك وأصبر على انحرافك رجاء أن تفيء إلى الحق، وعرفت هذا من كتابك "السراج الوهاج" الذي دسست فيه عدداً من أصولك وانحرافاتك، وناقشتك في أكثر من سبعة وخمسين انحرافاً وأرسلتها سراً بيني وبينك، فما زدت إلا تمرداً تجاه هذا الرفق واللطف على مدى سنوات، وهذا من الأدلة على تأصل الباطل وتمكنه من نفسك وعقلك، ثم ما تزيد على مر الأيام والسنين إلا عتواً وتمادياً وحرباً شأن كل مبطل معاند.
"السلفيون وحراك المحافظات الجنوبية

•س: الملتقى كان بعد ذكرى عيد الوحدة بأسبوع، هل أردتم توجيه رسالة لقادة الحراك الجنوبي خاصة بعد ظهور علي سالم البيض ؟
•ج: لا نعرف هذا التأويل السياسي للتواريخ، واختيار الموعد من الإخوة الذين نظموا للملتقى، أما أنا فقد كنت في سفر خارج البلاد .

وليس عندنا تفاصيل كهذه، والمشغولون بالسياسة يحسنون هذا التوقيت وإرسال الرسائل هذه، أما السلفيون فقد أرادوا في ملتقاهم إيضاح موقفهم(22 )، وقالوا: يلزم الدولة أن تصحح أخطاءها، أو أخطاء المنتسبين إليها، وعلى أصحاب الحراك أن يصححوا أخطاءهم وهي كلمة العدل التي ليس فيها تزلف لهذا أو لذاك، ولن تخرج البلاد من أزمتها إلا بتصحيح كل طرف ما يخصه"(23 ).
أقول:
أ‌- أبو الحسن لا يقصد بالأخطاء من الطرفين إلا الأخطاء السياسية لا الأخطاء العقدية والمنهجية عند الاشتراكيين والعلمانيين وسائر الأحزاب.
والعدل الذي يدعيه إنما نشأ من منهجه السياسي الإخواني، أما الحل الإسلامي النبوي الذي قدمنا طرفاً منه فبينه وبين أبي الحسن وأمثاله من أدعياء السنة والسلفية بعد المشرقين.
ب‌- يرى أبو الحسن أن حله السياسي الديمقراطي يخرج بلاده من الأزمة التي يواجهها.
وما يدري المسكين أن بقاء الأحزاب من الاشتراكيين والعلمانيين والصوفية والروافض والإخوان المسلمين على عقائدهم الضالة ومناهجهم السياسية الباطلة ولا سيما الديمقراطية هو منبع خطير ودائم للأزمات والفتن ولمشاكل، هذا في الدنيا فضلاً عما يترتب على ذلك من غضب الله وأليم عقابه في الآخرة.
جـ- هل مطالبة الدولة من خلال المؤتمرات وإعلان ذلك من منهج السلف أو من منهج الخوارج والروافض وسائر الأحزاب السياسية الديمقراطية، فأين التوجيهات النبوية وأين منهج السلف الذي يتضمن النصح بالحكمة وفي السر لا إعلان ذلك؟، وقد تقدم الحديث النبوي في طريقة النصح، انظر (ص11).

•"س: غدًا هو يوم 7/7 ماذا يعرف أبو الحسن عنه ؟
•ج: نسمع كلامًا كثيرًا عن هذا اليوم، وأملنا في الله عز وجل أن يحفظ اليمن وأهله والمسلمين جميعًا من كل سوء ومكروه، ويحقن دماء الجميع، ويشرح صدورهم لحل قضاياهم بالطرق النافعة، والفتن في الغالب تزيد الأمور تعقيدًا"(24 ).
أقول:

1- ألا ترى أن الحل لقضاياهم إنما يكمن في التوجيهات النبوية التي لم تعرج عليها، والملتقى لم يقف عندها، والإخوان المسلمون لا تنبع حلولهم إلا من الديمقراطية، لا من المنهج النبوي، فيا له من خطر على الإسلام والمسلمين.
2- أبو الحسن يسمع كلاماً كثيراً، ويستحي من الأحزاب أن يذكره.

•"س: أبو الحسن وأنصاره مستعدون للدفاع عن الوحدة حتى بالسلاح ؟
•ج: لقد أصْدَرْتُ شريطا قبل الملتقى بشهر تقريبًا، سميته "الفتوى الشرعية في حراك المحافظات الجنوبية" .. وأنا أرى أن هناك أخطاء من عدد من المسؤولين في السلطة في صنعاء والمحافظات والمديريات، وكذا هناك أخطاء من أصحاب الحراك، وعند كل منهما جزء من الحق يتكلم به، وعليهم جميعًا أن يتعقلوا ويتبنوا الرأي المتعقل، وكل ما يحافظ على البلد ويحميها من الدخول في شلالات الدماء واليُتْم والحزن الذي قد يدخل إلى كل بيت، وليعلموا أن الدم المسلم مصان بحصانة الشريعة الإسلامية ، والمسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، وأرى أن هناك فسادا، وأن هناك أخطاء وأصوات نشاز عند بعض الناس في الجانبين، هناك من يقول: نحن حرَّرنا الجنوب!! فأقول: إن رجال الجنوب كانوا في مقدمة المحاربين للحزب الاشتراكي ولدعوة الانفصال آنذاك، ولولا الله ثم رضاهم بالوحدة؛ لما فتحوا ديارهم وبلادهم للشرعيَّة، ولحصلت على الحدود بين الطرفين المجازر، ولقتل الألوف أو الملايين .. وكذا من يقول: إننا طوَّرنا عدن وغيرها، فأقول لهم: لا تجوز المِنَّة على إخوانكم، فالعملية التنموية واحدة في البلد .. والجنوب دخل الوحدة بقدراته وثرواته، وواجب الحاكم أن يطور عدن وغيرها، لكن لا يجوز إنكار ما حصل من تطوير - وإن لم يكن الموجود هو كل شيء- من الإخوة في الحراك( 25)، وهناك في الطرف الآخر أصوات نشاز أيضًا تقول: إن الشمال محتل للجنوب، وتنظر للشمالي على أنه محتل، وهذه دعوى عنصرية باطلة، وتسبب فتنًا لا أول لها ولا آخر، فالإخوة من المحافظات الشمالية إخوانكم، وأكثرهم يأكل بعرق جبينه، وهو مظلوم في بلده وعندكم، ولا يجوز أن تعاملوا الصالح بمعاملة الطالح فلا تزر وازرة وزر أخرى، وهناك من يقول: يا دحابشة) يا يهود جيش محمد سوف يعود، إلى غير ذلك من شعارات وهذه كلها أصوات فتنة وشر، تقطر منها الدماء، وتظللها غمامة الفتن التي تهلك الحرث والنسل، فالواجب أن تسكت هذه الأصوات هنا وهناك وتسكت غيرها من الشعارات المثيرة للفتن التي تطورت لتخدم توجهات خارجية، وأرى أن الحوار الذي يتبناه الصادقون من أهل اليمن هو السبيل لإخراج اليمن من هذه المحنة، وأن على الدولة أن تبدأ بخطوات جدية في إصلاح الأوضاع، ورفع المظالم، واستبدال المسؤول الذي باستبداله تهدأ الفتنة،

وأن ما تحقق من ذلك من جانب الدولة يجب أن يُقر به الإخوة في المحافظات الجنوبية، فإن هذا الحال سيساعد على الخروج من الاحتقان الموجود، أما اللا مبالاة من بعض المسؤولين، والجحود ممن يقودون الحراك؛ كل هذا يصب في صالح أعداء البلاد، وإذا وُجِد من يرفض الحوار ولا تهمه مصلحة اليمن، ويسعى إلى الزج بالبلاد في فتن لا يغطيها ذيل ولا يسترها ليل؛ فيجب على الشعب بجميع طاقاته وانتماءاته السياسية والقبلية وغيرها أن يقف ضده أيًّا كان من الجهتين، هذا إذا صدقت النية لأننا في سفينة فإذا غرقت لا ينجو أحد منها...."( 26).
أقول:

1- هذا الرجل يمسك في كثير من حلوله بوسط العصا كما في المثل، ويقدم حلولاً سياسية ديمقراطية، يذيلها بشيء باسم الإسلام، إن مطالب الحراك في الجنوب مطالب اشتراكية ديمقراطية لا تمت إلى الإسلام بصلة، ومنها طلب المزاحمة على الكراسي أو الاستيلاء عليها أو الانفصال تحت مظلة الشيوعية بقيادة رئيس الشيوعيين في السابق الذي حكم الجنوب بالشيوعية الحمراء وبالحديد والنار، والذي أدخل المناهج الشيوعية الحمراء في المدارس لتربية الناس عليها بقوة الحديد والنار.
لماذا لم يُذَكِّر أبو الحسن المطالبين من الجنوبيين بالانفصال بهذا العهد الأسود؟
ولماذا لا يُحذِّر المخدوعين بمطالب الاشتراكيين التي تجرهم إلى هذا المصير المظلم المستحكم؟
ولماذا لم يقدم أبو الحسن الحل الإسلامي الذي يستأصل شأفة هذا الشغب، ويجعل شعب اليمن على بصيرة ووعي للحل الإسلامي الحق، وليدرك العاقل أن تحالف الإخوان المسلمين مع الاشتراكيين وعطفهم على الروافض في داخل اليمن وخارجها هو الذي شجع هذين الصنفين على هذه الفتن والقلاقل؛ بل سل السيوف وسفك الدماء، فهل يدركون عواقب أعمالهم وسياستهم التي تلبس لباس الإسلام فيتوبون إلى الله ويتمسكون بالإسلام الحق في عقائدهم ومناهجهم وسياستهم؟
2-هذا الرجل ينظر إلى المشاكل في بلده من خلال منهج سياسي ويقدم الحلول من خلال هذا المنهج.
فإذا كان جل شعبه سلفيين كما يدَّعي، فكيف وجدت هذه المشاكل والفتن؟ ولماذا لا تقدم هذه الأغلبية الحلول الإسلامية الصحيحة؟ فهل يقال: إن هذه الأغلبية غثاء؟
كيف تقول أيها الزعيم السلفي: "أما اللا مبالاة من بعض المسؤولين، والجحود ممن يقودون الحراك؛ كل هذا يصب في صالح أعداء البلاد، وإذا وُجِد من يرفض الحوار ولا تهمه مصلحة اليمن"، إلى قولك: "فيجب على الشعب بجميع طاقاته وانتماءاته السياسية والقبلية وغيرها أن يقف ضده أيًّا كان من الجهتين"؟
هكذا يقول أبو الحسن الذي يدَّعي السلفية لنفسه ولحل الشعب اليمني، وينسى انتماءه للسلفية، فلا يسيطر على عقله الكبير إلا الانتماءات السياسية والقبلية، فهل مثل هذا العلاج والحلول تصدر من شخص يدَّعي السلفية؟
فأين ذهبت عنك الحلول الإسلامية؛ القرآنية والنبوية والسلفية؟
وما الذي سيحصل لو وقفت التيارات الاشتراكية والرافضية والباطنية والبعثية وأولياء الروافض وأذنابهم في صف واحد في وجه ولاة الأمر؟، فهل ستكون في طليعة هذا الصف لأنك دعوت إلى هذا الحل؟
أو أين ستكون أنت والأغلبية السلفية أفي طليعة هذا الصف أو في ذيله؟
ثم هل هذا الحل يرحب به الإسلام الذي تزج به في حلولك السياسية الديمقراطية؟، وهل يؤمن به وبمثله السلف الصالح الذين تزج بهم في معامعك السياسية الإخوانية؟
نعوذ بالله من الفتن ومن دعاتها وإن تستروا بسرابيل الإسلام أو السلفية.

•"س: لكن في ظل المعطيات الحالية هل أنتم مستعدون للقتال من أجل الوحدة ؟
•ج: لا نتكلم في هذا، فإن هذه مسائل دماء، وأمور مصيرية، وأي خوض في هذا يضر ولا ينفع، لان هذه الدماء من الطرفين معصومة ، وكلهم أهل إسلام في الشمال وفي الجنوب، ولا نستجيز قتل هذا أو ذاك، ونحن دعاة إصلاح وإطفاء فتن، ولسنا مشاركين في هذا أو ذاك، وهذا أمر يهم علماء اليمن جميعًا، لا يعني شخصًا واحدًا.."( 27).
أقول: لكنْ الروافض في الشمال الذين سفكوا دماء المسلمين فعلاً، والاشتراكيون في الجنوب هم الذين يحركون الفتن ويتعطشون لسفك الدماء، بل بدؤوا بسفك الدماء، ولم ينتهوا، فما هو الحل الإسلامي لمواجهة من هم أشد من الخوارج وشر منهم؟ فهل أبو الحسن أورع وأحكم من رسول الله الذي أمر بقتل الخوارج ووصفهم بأنهم شر الخلق والخليقة وآمن بهذا الصحابة والسلف الصالح من بعدهم وحتى الكثير من أهل البدع، حاشا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وحاشا السلف الصالح أن يدللوا الخوارج ومن هم شر منهم كما هو فعل أبي الحسن ومنهجه المناهض للسنة ومنهج السلف.

• قال السائل: "منذ أن علا صوت الحراك في المحافظات الجنوبية علا صوت السلفيين، ويبدو أنكم استغليتم الفرصة ؟
• أجاب أبو الحسن: هذا تهويل من بعض الصحفيين، وإلا فالسلفيون صوتهم عالٍ دائمًا بالدعوة إلى ثوابتهم، وليست دعوتهم موسمية، نعم هناك أحداث تستوقف عجلة التاريخ، فلا بد من الكلام فيها، وأما ما يخص الدعوة إلى الملتقى فلأن السلفيين قطاع واسع في المجتمع له كلمته، بل هم جُل المجتمع اليمني، لأنه مجتمع سني إلا من شذَّ ونأى بنفسه عن منهج أهل السنة والجماعة، سواء كان فردًا أو جماعة، فليختر لنفسه ما شاء، وهذا القطاع الكبير لا بد أن يكون له موقف بارز في الأحداث، ولا ينبغي أن يتحدث في قضايا الأمة محللون سياسيون، أو مديرو قنوات فضائية، أو مغرضون جاهلون بعيدون عن النظرة الشرعية؛ والعلماء ساكتون"(28 ) .
أقول:

1- إن السلفيين الحقيقين هم دائماً يدعون إلى الإسلام الكامل، ولهجة الثوابت إنما ينعق بها الإخوان المسلمون الذين لا يعتبرون التوحيد بأقسامه من الثوابت، إنما الثوابت عندهم ما يجمع بينهم وبين الروافض وغيرهم، ومن هنا يرون أن أصولهم وأصول الروافض واحدة، وهم على أخوة ووئام دائم ولو أفسد الروافض عقائد المسلمين وسفكوا دماءهم، وهم اليوم متلاحمون مع الأحزاب العلمانية.
2- وأما قوله: " ...بل هم جُل المجتمع اليمني"، فهذا من الأباطيل والمجازفات، ناشئ عن منهجه الواسع الأفيح، فالسلفيون وجودهم محدود، وهمهم الدعوة إلى التوحيد والتزام الناس بالكتاب والسنة في عقائدهم ومناهجهم؛ سواء في ذلك الحاكم والمحكوم، ومن واجباتهم التي التزموها التحذير من الشرك والبدع والتحزبات العقدية والسياسية التي لا يفكر فيها الإخوان المسلمون وفصائلهم الذين يصفهم أبو الحسن بأنهم سلفيون وأنهم جل المجتمع اليمني، ولو كان السلفيون حقاً هم جل المجتمع ولهم كلمتهم لما وجدت هذه الأحزاب الضالة ولا قامت لها قائمة، ولما وجدت الديمقراطية والاشتراكية، ولما بقيت القبور المقدسة التي تُتخذ أنداداً مع الله، ولما استطاع أبو الحسن أن يصول ويجول عليهم جهاراً نهاراً.
3- يقول أبو الحسن: " ولا ينبغي أن يتحدث في قضايا الأمة محللون سياسيون...الخ".
فما هذه التمويهات والمغالطات؟ ألست ترى أن مطالب هؤلاء المحللين السياسيين من كل الأحزاب حق؟ أليس الإخوان المسلمون ومن تفرع عنهم من هؤلاء المحللين السياسيين ويتحدون مع الأحزاب السياسية العالمية على اختلاف أصنافهم ويثيرون الفتن معهم جنباً إلى جنب مما طور هذه الفتن؟ فدع المغالطات والتمويهات التي لا تنطلي إلا على الغثاء، ويدركها العقلاء وإن ألبستها لباس السلفية، نزّه الله السلفية والسلفيين منها.

•"س: اعتبرتم الحراك خروجًا على الحاكم ؟
•ج: لم أقل بهذا قط، ومسألة الخروج فيها تفصيل، ولا نستطيع أن نقول: إن من يطالب بمسائل حقوقية صحيحة أنه خارجي، ومن يقول: أنا مظلوم وحقي مأخوذ، وقد سمحت له الدولة أن يسير في مسيرات سلمية ينادي فيها بحقه( 29)، لا يمكن أن يقال: هو خارجي، لأنه متأول في هذه الحالة، والتأويل يدفع الحكم على الشخص، لكن من يحب أن يصطاد في الماء العَكِر، أو يُعَكِّر الماء ليصطاد فيه، ويريد من وراء مطالب المظلومين أن يزيد البلاد والعباد ظلمًا وفسادًا؛ فهذا له شأن آخر، ولا نسوي بين الأمرين، على أن طريقة المظاهرات لي فيها رأي معروف، ليس هذا موضعه .."(30 ).
أقول: 1- انظر قوله: "لم أقل بهذا قط"، بهذا النفي المؤكد لتعرف حقيقة سلفيته المزيفة وورعه السياسي المزيف المليء بالتمويهات السياسية، وانتظر ما سيأتي مما يناقض هذا الموقف السياسي.

2- هو يتكلم باسم الإسلام وباسم السلفية، فهل منازعة الحاكم على الكراسي مما شرعه الإسلام؟
وهل إذا سمحت الدولة للناس بارتكاب ما يخالف منهج الإسلام يصبح حقاً عند أبي الحسن وحجة ينافح بها عمن يخالف الإسلام الحق في عقائده ومناهجه من أمثال الاشتراكيين والناصريين والروافض وحزب البعث وغيرهم؟
فلو دافع أبو الحسن عن مسلم صحيح العقيدة يعمل هذه الأعمال لسقط في هوة الباطل عند من يحترم الإسلام عقائده ونظامه المحكم الحكيم.
3- لو أن سلفياً استنكر مظاهرات الاشتراكيين وسطوهم على المحلات التجارية وإزهاقهم للنفوس وعرف أعمال الروافض وخروجهم على الدولة والأمة بالسلاح وقتلهم وتشريدهم للألوف المؤلفة من ديارهم، فحكم عليهم بأنهم خوارج، فهل يوصف من حكم عليهم بهذا الحكم بأنه ممن يصطاد في الماء العكر أو يعكر الماء ليصطاد فيه؟
وما رأيك في من وصف من السلف من يثير الناس في الخفاء بأنه من الخوارج القعد؟
ألم تقل أيها الرجل في كتابك "فتنة التفجيرات والاغتيالات" (ص186):
"قد يقول قائل: سَلَّمنا بأن الخروج على الحكام خلاف مذهب أهل السنة، إلا أننا لم نَخْرُج جميعًا على الحكام، بل بعضنا ينكر هذه التفجيرات، إلا أن بيان عيوب الحكام، وذكر مثالبهم، والتشهير بذلك لِيَحْذَرَ الناس منهم؛ ليس خروجًا!!
فالجواب: من المعلوم أن الفعل يسبقه الكلام، وأن الفتن العظام قد يكون أصلها كلامًا لا يبالي به قائله، وأصل الخوارج رجل قال: ((اعدل يا محمد)) ولم يُشْهِرْ سيفًا آنذاك، ثم جاء بعده مَنْ سلك منهجه في التعقُّب والإنكار؛ فكفَّر المبشَّرين بالجنة - عثمان وعليًّا وغيرهما رضي الله عنهم - وقتل أهل الإسلام، وترك أهل الأوثان!!
وقال صاحب الفضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - في تعليقه على رسالة العلامة القاضي الشوكاني - رحمه الله تعالى - ((رفع الأساطين في حكم الاتصال بالسلاطين )): ((وقد قال الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إنه يخرج من ضِئْضِئ هذا الرجل من يحقر أحدكم صلاته عند صلاته، يعني: مثله، وهذا أكبر دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف، ويكون بالكلام، هذا ما أَخَذَ السيفَ على الرسول - عليه الصلاة والسلام - لكنه أنكر عليه، وما يوجد في بعض كتب أهل السنة، من أن الخروج على الإمام: هو الخروج بالسيف، فمرادهم بذلك: هو الخروج النهائي الأكبر، كما ذكر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الزنى يكون بالعين، ويكون بالأُذُن، ويكون باليد، ويكون بالرجل، لكن الزنى الأعظم: هو زنى الحقيقة، هو زنى الفرج، ولهذا قال: ((الفرج يُصدِّقه أو يُكذِّبه)).
قال: ((فهذه العبارة من بعض العلماء: هذا مرادهم، ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال: أنه لا يمكن خروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول.
الناس لا يمكن أن يأخذوا سيوفهم يحاربون الإمام بدون شيء يثيرهم، لا بد أن يكون هناك شيء يثيرهم، وهو الكلام، فيكون الخروج على الأئمة بالكلام خروجًا حقيقة، دلَّتْ عليه السنة، ودلّ عليه الواقع.
أما السنة فعرفتموها، وأما الواقع: فإنا نعلم علم اليقين: أن الخروج بالسيف فرع عن الخروج باللسان والقول، لأن الناس لم يخرجوا على الإمام ( بمجرد أخذِ السيف ) لا بد أن يكون توطئة وتمهيد: قدح في الأئمة، وستر لمحاسنهم، ثم تمتلئ القلوب غيظًا وحقدًا، وحينئِذٍ يحصل البلاء )).اهـ.
وقلت في (ص196-197) من هذا الكتاب: " وقد سئل صاحب الفضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله تعالى -: هل الخروج على الأئمة يكون بالسيف فقط، أم يدخل في ذلك الطعن فيهم، وتحريض الناس على منابذتهم والتظاهر ضدهم ؟
فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله: ((ذكرنا هذا لكم، قلنا: الخروج على الأئمة يكون بالسيف، وهذا أشد الخروج، ويكون بالكلام: بسبهم، وشتمهم، والكلام فيهم في المجالس، وعلى المنابر، هذا يهيج الناس ويحثهم على الخروج على ولي الأمر، وينقص قدر الولاة عندهم، فالكلام خروج )).اهـ.
وقد قال فضيلة الشيخ صالح بن غانم السدلان - حفظه الله تعالى - جوابًا عن سؤال على من قَصَرَ الخروج على ما إذا كان بالسيف، وظن أن التهييج بالكلام ليس خروجًا!!
فقال - حفظه الله تعالى -: ((هذا السؤال مهم، فالبعض من الإخوان قد يفعل هذا بحسن نية، معتقدًا أن الخروج إنما يكون بالسلاح فقط، والحقيقة أن الخروج لايقتصر على الخروج بقوة السلاح، أو التمرد بالأساليب المعروفة فقط، بل إن الخروج بالكلمة أشد من الخروج بالسلاح، لأن الخروج بالسلاح والعنف لا يُرَبِّيه إلا الكلمة، فنقول للأخوة الذين يأخذهم الحماس، ونظن منهم الصلاح( 31) - إن شاء الله تعالى -: عليهم أن يتريثوا، ونقول لهم: رويدًا، فإن صَلَفكم وشدتكم تربي شيئًا في القلوب، تربي القلوب الطرية التي لاتعرف إلا الاندفاع، كما أنها تفتح أمام أصحاب الأغراض أبوابًا، ليتكلموا وليقولوا ما في نفوسهم- إن حقًّا، وإن باطلًا -.
ولا شك أن الخروج بالكلمة، واستغلال الأقلام بأي أسلوب كان، أو استغلال الشريط، أو المحاضرات، والندوات في تحميس الناس على غير وجه شرعي؛ أعتقد أن هذا أساس الخروج بالسلاح، وأُحَذِّر من ذلك أشد التحذير، وأقول لهؤلاء: عليكم بالنظر إلى النتائج، وإلى من سبقكم في هذا المجال، لينظروا إلى الفتن التي تعيشها بعض المجتمعات الإسلامية، ما سببها؟ وما الخطوة التي أوصلتهم إلى ما هم فيه ؟! فإذا عرفنا ذلك؛ ندرك أن الخروج بالكلمة، واستغلال وسائل الإعلام، والاتصال للتنفير والتحميس والتشديد؛ يربي الفتنة في القلوب )).اهـ.
ثم قلتَ - تأكيداً لهذه الأقوال العلمية الصحيحة-: "ثم هل يرضى هؤلاء المخالفون إذا كانوا ولاة أمر أن يُشَهَّر بهم من فوق المنابر، وفي أعظم الاجتماعات، في الجمع والأعياد ؟! وهل يقبلون النهش في عرضهم في المجالس العامة والخاصة، كما هُمْ يقعون في أعراض المسلمين، وإن كان فيهم بعض ما يقولون ؟!".




هذه فتاوى أهل العلم في الخوارج الذين يعملون في الظلام، ويؤيد أبو الحسن هذه الفتاوى في كتابه "فتنة التفجيرات"، فما الذي حمله على مخالفة هذه الفتاوى التي تنطلق من سنة رسول الله ومنهج السلف الصالح، وقد نقلها هو بمحض اختياره وأيدها، فما باله ينقضها تجاه فتنة الروافض المسلحة وفتنة الاشتراكيين المعلنة الصريحة في التحشدات والتجمعات، وبدأت بحمل السلاح والقتل، ومن شعاراتها الدعوة إلى عودة الحكم الشيوعي الأحمر تحت ستار مطالبها، ويرى أنه لا يمكن وصف هؤلاء بأنهم خوارج؟

وما بال أبي الحسن يطعن في من يصف هؤلاء بأنهم خوارج، ويطعن فيهم بأنهم يصطادون في الماء العكر.
ألا يدرك الفطن تلون هذا الرجل ولعبه على الحبال؟
وألا يدرك تمويهاته وتقلباته السياسية الماكرة؟
أقول: بعد كتابة هذا التعليق هجم روافض صعدة -الخارجون على حكومة اليمن- هجموا على الحدود السعودية، وقتلوا بغياً وعدواناً بعض حراس الحدود السعودية مع اليمن، قتلوا عسكرياً واحداً وقتلوا أسرة من المدنيين، ولم ينسحبوا بل استمروا في تسللهم وحربهم الإجرامية ضد الحكومة السعودية وجيشها، وقد تصدت لهم القوات السعودية -وفقها الله- فكبدتهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، نسأل الله أن يستأصل شأفة هؤلاء الروافض الخوارج وأن يبيد خضراءهم ويجعلهم عبرة للمعتبرين.
فهل لا يزال أبو الحسن إلى الآن يتورع عن إطلاق كلمة خوارج على هؤلاء الروافض الخوارج الخونة، أو أنه سيستخدم منهجه الواسع الأفيح في انتحال التأويلات لهم؟
وهل تسمح نفوس الإخوان المسلمين وفصائلهم بإدانة هؤلاء الروافض الخوارج بأنهم روافض وخوارج في الوقت نفسه، أو سيستمرون على ولائهم لهؤلاء الضالين وانتحال التأويلات كما تأولوا للذين قتلوا الشيخ جميل الرحمن السلفي وأسقطوا حكومته السلفية في كنر وقتلوا الكثير من أهل كنر وشردوهم من بلادهم وديارهم؟
فكان الإخوان وفصائلهم من أدعياء السلفية يعتبرون عمل قتلة السلفيين في كنر من الاجتهاد، ويعتبرون من يستنكر هذا العمل الفظيع الشنيع ظالماً وفاجراً؛ لأن منهجهم يجوز فيه قلب الحقائق وجعل الحق باطلاً والباطل حقاً والظالم مظلوماً والمظلوم ظالماً.

•"س: إذا ما هي الطريقة الصحيحة للمطالبة بالحقوق في نظرك؟
•ج: تشكل لجان حوار موسعة، ويطالب أعيانُ البلاد المنصفون والمؤثرون بالسعي في الحلول، بعد أن تعرض عليهم المشاكل والملفات، ويبحثوا العواقب إذا حصل إهمال وتقصير، كي يعملوا على تداركها وحل الأزمة قبل تفاقمها، وهذه هي الطريقة الشرعية التي يسمح بها الدستور الإسلامي .."(32).
أقول: هذه حلول سياسية ديمقراطية لا حلول إسلامية سلفية.

فهل تقف حكومة بلادك كالعجوز ليس بيدها حل ولا عقد ولا دفع للفساد ولا ضرب على أيدي أهل الفساد في الأرض بشتى ألوان الإفساد لا تفعل شيئاً حتى مما شرعه الإسلام استسلاماً وخضوعاً لأحكام أبي الحسن؟
وانظر كيف يحتج هذا الرجل بالدستور، ولا يحتج بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وما عليه الصحابة والسلف الصالح؟
وهل المواد المخالفة فيه للإسلام والمأخوذة من الديمقراطية وأهواء البشر التي تساندها حجة عند أبي الحسن الذي يرمي السلفيين بالتقليد هل هي حجة تنسب إلى الله وإلى المنهج السلفي الذي تلبسه حتى في معالجة هذه المشاكل؟، وانتظر ما يأتي من حلوله المناقضة لهذه الحلول.
__________________________________________
الحواشي:






1- لا مانع من التقاء أهل الفضل والعلم بالحاكم وإقناعه بالتمسك بالكتاب والسنة عقيدة وشريعة وسياسة وبالتخلي عن الديمقراطية ومشتقاتها، وأن يقوموا معه من منطلق إسلامي في وجه أهل الشغب والفتن الخارجين عن تعاليم الإسلام، السفاكين للدماء والمفسدين في الأرض؛ ليبينوا لهم وللناس أن الإسلام يدين هؤلاء الخارجين بقوة، ثم يقيم هؤلاء العلماء الأدلة والبراهين على ما يقومون به من نصح وتوجيه إسلامي رشيد يطفئ الفتنة ويوعي الناس بالمنهج الحق.

2- كذا.
3- (ص1-2) من الحوار.
4- (ص2-3).
5- من أعظم ثوابت أبي الحسن "المنهج الواسع الأفيح" الذي يسع الأمة كلها.
6- (ص3-4).
7-(ص4).
8- أعجبوا بهذا الملتقى لجهلهم، ولأنه يوافق أهواءهم.

9- (ص4-5).

10- لكنهم لم يقفوا عند هذه الفقرات الإسلامية بل نسوها وجاؤا في بيانهم بما يضادها انطلاقاً من الديمقراطية المناهضة للإسلام.
11- ولقد تبين من حالهم وواقعهم أن مطلبهم الحقيقي هو الانفصال، وأن هؤلاء الاشتراكيين ينادون بعودة رئيس الدولة الشيوعية المدمرة علي سالم البيض ليعيشوا في ظل هذه الدولة التي حاربت الإسلام من منطلق شيوعي غال، وجثمت على صدور المسلمين فلا يستطيعون أن يظهروا بكثير من أمور الإسلام، وسلبت هذه الدولة الأموال، وسفكت الدماء، ونشرت الرعب في المجتمع الذي جثمت على صدره، فيا معشر الشباب المسلم هل تريدون العودة إلى هذا العهد المهلك للدين والدنيا فيصدق عليكم المثل: "كالمستجير من الرمضاء بالنار"، لا يخدعنكم الاشتراكيون ومن تظاهر منهم بالإسلام، فإن نداءهم بعودة الحكم لرئيس الشيوعيين السابقين يكشف أنهم باقون على عقيدتهم الأولى فلا يخدعوكم واثبتوا على دينكم، وارضوا بالحلول الإسلامية لا الديمقراطية ولا الاشتراكية.
12- هذه الأوصاف الذميمة للسلفيين الحقيقيين أشد من وصفهم بالبدعة، ثم لا نرى أبا الحسن يصف الاشتراكيين والناصريين والبعثيين والروافض بهذه الأوصاف، فعلام تدل هذه الأحكام والمواقف؟

13- (ص5).
14- والأدهى من هذا والأمر أن يتحدوا مع الأحزاب الضالة: الاشتراكيين والبعثيين والناصريين وغيرهم ويشاركونهم في إصدار البيانات الضالة التي لا صلة لها بالإسلام، وإنما تصدر عن مبادئ البعثيين والاشتراكيين والقوميين العلمانيين.
15- فالقطبيون في اليمن هم أهل جمعية الحكمة والإحسان.
16- لا يُعرف عن الشيخ مقبل إلا إجلال العلامة الشيخ ابن باز وسائر علماء أهل السنة، وما أعتقد صدقهم في أن الشيخ مقبلاً يطعن في هذين الشيخين الجليلين ابن باز وعبد العزيز السلمان.
17- (ص5-6).
18- وقد بينتُ أن الخلاف القائم الآن بين السلفيين الحقيقيين ليس عقدياً ولا منهجياً وإنما هو من دس الأعداء، ونسأل الله أن يرفع هذا الخلاف الذي أصبح مصدراً للمتربصين الشامتين أمثال أبي الحسن.
19- (ص6).
20- (ص6-7).
21- (ص7).
22- لا يفتأ هذا الرجل يضفي السلفية على خصومها كما يضفيها على نفسه.

23- (ص7-8).

24- (ص8).
25- يقود هذا الحراك التخريبي المدمر رؤوس الاشتراكية الماركسية، ومع ذلك يعتبرهم أبو الحسن إخوانه، ولا يسمح لأحد أن يصفهم بما فيهم، ولا تسمح نفسه بذلك، بل مع معرفته بعقائدهم وشعاراتهم وفتنتهم التي يخشى عواقبها، لا تسمح له نفسه أن يصفهم بأنهم خوارج، ولا يسمح لأحد أن يصفهم بهذا الوصف.
26- (ص8-9).
27- (ص11).
28- (ص11).
29- وهل هم يخرجون في مسيرات سلمية حتى على طريقة الكفار في الغرب؟
30- (ص12-13).
31- الكلام في الجملة جيد، لكن هذه الجملة ليس هذا محلها ولا هم أهلها، والرسول -صلى الله عليه وسلم- حين حذّر من الخوارج ما أحسن بهم الظن، بل وصفهم بأنهم شر الخلق والخليقة، وله وللصحابة والسلف كلام كثير وطعن شديد في الخوارج.
32- (ص13).



يتبع الحلقة الثانية




منقووووووووووووول من سحاااااااااااااب