المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صفحات مختصرة من سيرة شيخنا محمد بن عبدالوهاب البنا رحمه الله تعالى


الشاعر أبو رواحة الموري
11-15-2009, 08:05 PM
صفحات مختصرة من سيرة شيخنا محمد بن عبدالوهاب البنا
رحمه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على المبعوث بخير دين رحمة للعالمين و على أزواجه وأمهات المؤمنين وعلى ذريته وأهل بيته ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً أسأل الله الحكيم الحليم أن يحققها لي و لكم و لسائر المؤمنين و أن يميتنا جميعا عليها , و أشهد أن أكرم رسل الله إمام المهتدين وقائد الغر المحجلين و سيد البشر أجمعين المبعوث بخير دين رحمة للعالمين , صاحب الرسالة التي أضاءت العالم بعد ظلمة و آنسته بعد وحشة ونشرت في أرجائه حقيقة التوحيد و كمال الإيمان و العدالة بين البشرية و الأخوة بين المؤمنين محمد بن عبدالله صلى الله عليه و على آله الأتقياء البررة , المخلصين الأصفياء الذين علت منزلتهم بعشرته و الإقتداء به في سيرته و صفاته حتى صاروا أعز الأمم و أصبحوا لمن بعدهم خير المثل , كنتم خير أمة أخرجت للناس .

( هذه خطبة الشيخ محمد بن عبدالوهاب البنا رحمه الله التي حفظها طلابه لذكره إياها في بعض دروسه )

أما بعد ..
فهذه خطرات أكتبها من حياة شيخنا و والدنا محمد بن عبدالوهاب بن مرزوق البنا رحمه الله كما سمعناها منه في دروسه , ومواقف حضرتها معه أرجو أن أوفق في ذكرها لأخذ العبر من حياة هذا الرجل المجاهد في نشر التوحيد والسنة نسأل الله أن يجعله مع النبيين و الصديقين و الشهداء .... آمين

ولد شيخنا – رحمه الله – في مدينة القاهرة عام 1333 هـ 1916 م
في جوٍ تسوده الصوفية وجهل بعقيدة أهل السنة و الجماعة وفي الأسماء و الصفات , ولديهم العصبية المذهبية , و قلة في أهل السنة و الجماعة , و كان والده شيخا أزهرياً و لكن على الطريقة الصوفية و متعصب لمذهبه , يقول الشيخ رحمه الله :
( نشأت في هذا الجو الصوفي ولا أعرف شيئا عن السلفية و أهل السنة والجماعة , و كنت أتعجب من والدي الذي كنت أراه يتوضأ ثم عندما تمسه الوالدة عند مناولتها للفوطة يغضب كثيراً و يقول لقد انتقض وضوئي , و يذهب و يعيد الوضوء مرة أخرى , و في ذلك الوقت لا يوجد كهرباء و لا سخانات , فكنت أستغرب كيف يرى أن مس المرأة ينقض و الوالدة لا ترى ذلك !! و أقول أن الدين هو واحد , و كان لي عمٌ اسمه الشيخ سليمان ذكرت له استغرابي و حيرتي أن أبي يرى مس المرأة ينقض ونحن في المدرسة درسنا أنه لا ينقض , فأعطاني كتاب الفقه على المذاهب الأربعة فزادت حيرتي )

ثم في عام 1936 م عمل رحمه الله في الأوقاف يقول رحمه الله :
( و كان يعمل معنا شخص في سن والدي اسمه محمد صادق عرنوس و كان شاعراً و أديباً رآني أصلي و قال لي يا محمد أفندي أنا أصلي معك و كنت في ذلك الوقت أحافظ على الصلاة أنا و والدي ولله الحمد , فكنا نصلي أنا و محمد عرنوس و نقرأ من الكتب مثل كتاب زاد المعاد و قد أفادتني هذه القراءة و جعل مخي يتفتح في القراءة و المناقشة )

و كان شيخنا يذكر دائما أن الله سبحانه و تعالى هو الذي من عليه بالهداية حيث كان بفطرته يعلم أن ماعليه القوم ليس بالمنهج الصحيح و لكن الله سبحانه و تعالى وجهه إلى الخير يقول رحمه الله:
( صرت أحب القراءة وأنزل اشتري الكتب و ربنا سبحانه و تعالى إذا أراد للإنسان خيراً يوجهه إلى الطريق الصحيح , وجدت في الأزهر مكتبةً صغيرة بها شاب اسمه محمد منير الدمشقي فقلت له أنا ما أعرف الكتب؛ والمسلمون مختلفون فدلني على كتب استفيد منها , فكنت أشتري منه كتبا بقيمة خمسين قرش شهريا –جزاه الله خيرا- مافي كتاب سلفي إلا كان يعطيني إياه , و أنا كنت ماهراً في القراءة , أقرأ و ذاكرتي تحفظ مباشرةً , و كانت تعجبنا جماعة اسمها الجمعية الشرعية للشيخ محمد أمير خطاب , صلاتهم طيبة و كنت أصلي معهم , و كنت ساكناً في العباسية وكنت أحضر دروسهم في شارع 10 مسجد جماعة الشريعة , وكان وكيل الجمعية اسمه علي حلوىيلقي دروسا بها و كنت أحضر درس الأربعاء , صحتي كانت طيبة الحمد لله و كنت محافظاًعلى نفسي و كانت من إرادة رب العالمين الذي وجهني أن علي حلوى كان يقرأ في التوحيد ويقول : ربنا لا فوق و لا تحت , ولا على اليمين و لا على الشمال , وكان ماترودياً لأن الأشاعرة يقولون إن الله في كل مكان و كان يقول من اعتقد أن الله في السماء فإنه كافر ولا يقول إنسان أين الله !! و كان من الكتب التي أعطاني إياها محمد منيردمشقي كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب لابن خزيمة رحمه الله وقد قرأته و كان في ذهني حديث معاوية بن حكم السلمي ( يقصد رحمه الله ماورد في الحديث عندما سأل الرسول صلى الله عليه و سلم الجارية أين الله ؟ فقالت في السماء فقال اعتقها فإنها مؤمنة ) فقلت لعلي حلوى : يا شيخ تقول أن من قال أن الله في السماء فهو كافر و الرسول صلى الله عليه وسلم قال للجارية إنها مؤمنة في حديث معاوية بن حكم السلمي في صحيح مسلم ؟؟ !!

فقال الشيخ علي حلوى أصلاً هي جاهلة !! فقلت له يا شيخ الرسول صلى الله عليه و سلم جاء ليقر الجاهل على كفره أم ليعلم الجاهل ؟ و كنت في أثناء هذه المناقشة ليس لدي فكرة سلف و خلف ’ فقال علي حلوى : يابني علم السلف أسلم و علم الخلف أعلم و أحكم , فقلت : إيش السلف و الخلف ؟ فقال : السلف هم رسول الله و أصحابه , فقلت : أعوذ بالله أعوذ بالله الخلف أعلم بالله من رسول الله , و كأنني ألقيت عليه ذنوبا من ماء على رأسه فقام إليَّ خمسةٌ من الرجال يريدون ضربي و يقولون وهابي وهابي هذا من أنصار السنة حامد فقي فأرادوا أن يتمكنوا مني فوضعت يدي داخل جيبي لأوهمهم أن بداخلها سلاحاً وهربت منهم و الحمد لله .. وفي تلك الليلة لم أنم و أخذت أفكر في كلام علي حلوى ايش السلف و الخلف ومن هم أنصارالسنة و الشيخ حامد فقي ؟ )

وهنا يا اخوة نرى أن من أراد الله به خيراً يفقهه في دين الله و هذا ما كان دائما يذكره شيخنا على لسانه في دروسه ويقول والله يابني مش مني هذا من الله هو الذي وجهني والحمد لله) و نكمل مع شيخنا رحمه الله حديثه .. قال :
( ثم أصبحت مع الشيخ محمدعرنوس أحسن الله إليه و كنا نحفظ سوياً القرآن و قصصت له ما حدث معي البارحة وسألته عن أنصار السنة المحمدية والشيخ حامد فقي والظاهر أن الشيخ عرنوس يسمع عن الشيخ حامد فقي لكن لا يعرفه , و عرنوس في توحيد الأسماء و الصفات مثل حال الناس ولكنه كان جيداً في توحيد العبادة , قال لي عرنوس هو رجل عالم , فقلت إذاً نذهب إليه . )
ثم يذكر الشيخ قصة لقائه مع الشيخ حامد فقي رئيس جماعة أنصارالسنة رحمه الله تعالى .
( كان في يدي رسالة صغيرة اسمها " القول الجلي في حكم التوسل بالنبي لمحمد صادق " و كان صديقاً لي فقلت له ياصادق أرى أن هذا الرجل مخلصاً ( أي حامد فقي ) , فقال لي أرسل له رسالة , فأرسلت خطاباً , وجاءني الرد بعد يومين وفيه : أن الإخوان المسلمين همهم السياسة, والجمعية الشرعية همهم كثرة العبادة , و الشباب الإسلامي همهم الرياضة , و أحسن جماعة في الدين جماعة أنصار السنة المحمدية و لهم مسجد معين , فذهبت إلى مسجدهم ومعي صديقي محمد عرنوس , فرأينا الشيخ حامد فقي وصلينا معه الجمعة , ثم سلمنا عليه وقال لصديقي مرحبا بالشاعر الإسلامي ,
والتحقنا بجماعة أنصار السنة عام 1936م وكان عمري وقتها عشرون سنة , و عندما علم والدي بهذا و رأى تغيري هذا كان يقول لي : أنت وهابي أخرج من بيتي ’ وكان يراني أقرأ و يسألني : ماذا تقرأ ؟ فأريه صحيح البخاري و يسكت , فكنت أسير في تلك الأيام مع الشيخ حامد فقي والشيخ عبدالرزاق عفيفي و الشيخ محمد زباري و الشيخ محمد خليل هراس رحمهم الله , نمشي سوياً و نقرأ وأستعلم منهم لأني لست بعالم )

و كان الشيخ رحمه الله يذكر لنا دائما لقاءه بمؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا , و هنا أحب أن أنوه أن شيخنا البنا رحمه الله ذكر لنا أن عائلته لا تعود أصلا لعائلة البنا المعروفة و لكن هذا الاسم التصق بهم عند تجارة عائلته مع عائلة البنا في شركة كان اسمها شركة مرزوق البنا فليس له صلة بمؤسس جماعة الإخوان المسلمين , و قد لقيه مرتين فقط يقصها علينا شيخنا في بعض دروسه فيقول :
( حضرت يوماً درساً لحسن البنا و كان يشرح فيه حديث المسيء صلاته , ثم عندما حضر وقت الصلاة قدم شيخاً أزهرياً اسمه الشيخ جوهر , فصلى بنا صلاةً سريعةً مثل نقر الغراب !! فقلت لحسن البنا : يظهر يا شيخ أن الذي صلى بنا فهم أن صلاة المسئ صلاته هي صلاة المحسن صلاته !! و طلبت منه أن ينصحه و لكنه لم يفعل و حاول أن يغيِّر الموضوع , فعرفت أن جماعة الإخوان المسلمين لم تُصلِح أحوال الناس , فتركتهم , ثم إني اجتمعت مع بعض أصدقائي حسن جمال وهو رجل يدافع عن العقيدة الصحيحة , ومحمد بشار و قلت لهم : إن هذا الرجل منحرف , فقالا : كيف ذلك وهو يذكر ابن تيمية و ابن القيم رحمهما الله ؟ , ثم بعد فترة جاءني محمد بشار وقال لي : إن كلامك صحيح , فقلت له : ماذا حصل , فقال : أمس كانت جلسة مع شيخ من الطرق الصوفية في بيت حسن البنا , فقال حسن البنا : هل حسن جمال موجود ؟ قالوا : لا , فسأل : وهل محمد موجود ؟ فقالا : لا , فقال حسن البنا : إذاً نطفي النور و نذكر الله !! حسن البنا كان يحاول أن يجمع بين كل الجماعات والمذاهب و يكلم الناس حسب ماهو منهجه أو مذهبه مثل الذي على المذهب الشافعي يذكر له أقوال الشافعي و هكذا ,
كان لقائي السابق مع حسن البنا عام 1937 م و في عام 1947مكان لقائي الثاني مع حسن البنا في إحدى التجمعات بعد عشر سنوات من لقائه الأول معي رآني و صافحني بحرارة و ذكر اسمي واسم أبي و سألني إن كنت تزوجت أم لا , فقد كانت لديه حافظة قوية جدا )

و قد سافر شيخنا رحمه الله إلى السعودية لأداء فريضة الحج عام 1939م مع الشيخ حامد فقي رحمه الله فيقول شيخنا :
( حججت في سنة 1939م و دعوت الله أن أعيش في هذه البلد و أموت فيها (يقصد السعودية) و كانت هذه حجتي الأولى , ثم ذهبت إلى الحج مرة أخرى عام 1945م و معي الشيخ حامد فقي رحمه الله وكان كلفة الحج تلك الأيام 16 جنيه مصري , وكانت مكة صغيرة جداً كأنها قرية وكان الناس يشعلون الشموع والتقينا بالشيخ عبدالله تلميذ الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله والشيخ شويل و قد قاما بتعريفي للشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله وأرسل لي نسخة من كتبه هدية منه , ثم رجعت إلى مصر و لزمت أنصار السنة المحمدية والشيخ حامد فقي الذي كان من أغير الناس على السلفية , وعندما عدت إلى مصر عملت في التجارة , ثم ضاق علي الأمر و دعوت ربي أن يعينني على حالتي ,في هذه الأثناء قدم الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله إلى مصرلاختيار أساتذة لمعاهد الدراسات الإسلامية بالرياض فشاء الله أن يختاروني من ضمن الأساتذة
وجئت إلى الرياض عام 1370هـ مدرساً في المعهد و كان معي الشيخ عبدالرزاق عفيفي رحمه الله أستاذي في مصر , و التقيت بالمشايخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله والشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله و الشيخ عبدالرزاق حمزة رحمه الله و بقيت معهم في الرياض إلى عام 1372هـ , ثم انتقلت إلى معهد الإحساء سنة 1373هـ , وكان معي مناع القطان من كبار الإخوان المسلمين ,
وظللت في الإحساء إلى عام 1380 هـ ثم ذهبت إلى الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ طالباً منه نقلي من الإحساء و تم نقلي إلى وزارةالمعارف ثم إلى معهد المعلمين في المدينة النبوية 1381 هـ ,
ثم اختارني الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله مدرساً بالجامعة الإسلامية , وقد من الله علي بمنحي الجنسية السعودية من الملك فيصل رحمه الله عندما سمعني أتحدث واعظاً بمدينة الطائف , و كنت أدرس في القسم الثانوي بالجامعة الإسلامية حيث كنت أدرس الطلاب الأجانب لمعرفتي باللغة الانجليزية , و كانت من أجمل الأيام التي قضيتها في الجامعة حيث كان معي فضيلة الشيخ ناصرالدين الألباني رحمه الله و كنت رئيس الرحلات و نخرج كل أسبوع مع طلبة الثانوي يوم الخميس و كانوا الطلبة يطرحون مسائل على الشيخ الألباني رحمه الله و في الصبح كنا نعمل تمارين رياضية و كان من طلابي بالجامعة الشيخ محمد أمان رحمه الله والشيخ ربيع المدخلي حفظه الله والشيخ عبدالرحمن عبدالخالق الذي كان طيباً معنا لكنه تغير وذهب إلى الكويت)

و قد ذكر لنا الشيخ مرة قصة تدل على حكمته في الدعوة إلى الله , قال :
( كنت مسافراً للدعوة الى ألمانيا و كان معي الشيخ محسن خان الذي قام بترجمة القران الكريم , فمررنا على سوريا , وعبرنا من إحدى القرى وجدنا فيها مسجد و بجواره قبر , فدخلت المسجد كي أصلي ونيتي أن أنكر على وجود هذا القبر , ورفض صاحبي الدخول للمسجد , و بعد الصلاة قمت واعظاً وبدأت بكلمة عن حب النبي صلى الله عليه و سلم وفضل الصلاة عليه و الإمام والناس يستمعون , ثم عرجت على ذكر القبور والصلاة في مسجد فيها القبور والتبرك بها فقام الإمام غاضباً وقال للناس : قوموا صلوا السنة , فقالوا له يا شيخ إن هذا الشيخ كلامه طيب , فقلت لهم يا إخوة هذا إمامكم و عليكم طاعته , وقمت معهم وصليت السنة مع أني مسافر وليس علي سنة , ثم بعدها بدأت أكمل حديثي , فقام الإمام مقاطعاً حديثي وفتح كتاب و بدأ يقرأ منه , فقال الناس : يا إمام دع الشيخ يتحدث ويكمل حديثه , واحتدوا مع إمامهم و تشاجروا فقمت و اعتذرت منه وقلت للناس أنا سأخرج من المسجد من أراد أن يستمع إلي فليأتي خارج المسجد , فخرج كل من في المسجد و تركوا إمامهم وحيداً و أكملت حديثي معهم )
ثم انتقل الشيخ إلى مدينة جدة عام 1385هـ إلى يوم وفاته فيها بعد ظهر يوم الخميس24 ذوالقعدة 1430هـ .

و كان انتقال الشيخ رحمه الله إلى مدينة جدة خير عظيم حيث كان يجول في مساجدها واعظاً و مدرساً وكانت أول مقابلتي معه عام 1416 هـ في مسجده مسجد أنصار السنة المحمدية بحي الصفا بجدة حيث يقيم دروسه و يعلم الناس السنة فترىمسجده بدون محراب ولا منارات و لا قبة , وكان محبوبا من أهل حيه و يعظمونه و يجلونه , ثم بدأ الشيخ بالتفرغ للعبادة في مكة المكرمة حيث اشترى بيتاً فيها وكان يأتينا يومي السبت والأحد إلى جدة ونلتقي به في درس العصر مع بعض الإخوة السلفيين و بعض عوام الناس من حيّه , حيث كان لطيفا جدا في مناقشته بعض الأمور الفقهية و العقدية ويقول باللهجة العامية ضاحكاً ( اللي مش عاجبه كلامي يقول قبل ما نقفل الدكان ) وكنا نزوره أحياناً في بيته في مكة و نتناول العشاء معه بحضور بعض المشايخ مثل الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله و غيره , و كان إذا ودعناعند باب بيته يظل ينتظر إلى أن نذهب بسياراتنا و لما نطلب منه أن يرتاح و يدخل إلى البيت يقول ضاحكاً باللهجة العامية : أخاف ترجعوا تاني .
و هنا نقف قليلاً لأتحدث عن حب هذا الشيخ الجليل لتلميذه الدكتور ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله حيث كان يحبه حباً شديداً و يجله غاية الإجلال وقد سمعت منه عبارات كثيرة ورأيت منهما مواقف عجيبة تدل على حبهما و إجلالهما لبعضهما البعض , وهي كثيرة جداً أذكر منها , خلال فتنة أبي الحسن المأربي , فمن المعروف أن شيخنا رحمه الله كان في آخر حياته منقطعاً للعبادة في الحرم المكي بين صلاة وصيام و لم يكن لديه إلمام بما يحدث من فتن في الساحة , إتصل بي يوما و صوته يظهر عليه التعجب و يقول : يا ابني إيش اللي حاصل ؟ جاني أبو الحسن المأربي ويقول لي إن الشيخ ربيعا بيتكلم فيه ! إيش حصل ؟ , فقلت له يا شيخ هناك أمور حدثت منه و سوف أصلي العصر معك في الحرم غداً وأخبرك بها إن شاء الله , وبعد صلاة العصر في الحرم وفي طريقنا إلى بيت الشيخ ربيع بسيارة الشيخ رحمه الله قال لي : أنا يابني لم أستطع أن أنتظر إلى العصر وذهبت إلى الشيخ ربيع بعد صلاة الفجر وأخبرني بكل شيء عن أمر أبي الحسن , وأنا يا إبني ما عهدت على ربيعٍ كذباً قط فالقول ما قاله ربيع , و قد جاءني أبو الحسن بعد صلاة الظهر بأوراق كتبها الشيخ ربيع يريد أن يريني إياها , فلم آخذها منه وقلت له يا أبا الحسن إذهب إلى الشيخ ربيع واسمع كلامه, ولم آخذ منه شئ . فهذا الموقف يظهر لك ثقة الشيخ في تلميذه ربيع بن هادي المدخلي و قد سمعته مراراً يقول : ربيع تلميذي وشيخي , ويقول : أتحدى أن يأتيني أحد بشخص تكلم فيه الشيخ ربيع ولم يكن الشيخ محقاً في كلامه , وكان عندما يسأله أحدهم عن شخص يقول : إسألوا ربيعا .
الحديث عن الشيخ لا ينتهي وقصصنا وذكرياتنا معه كثيرة لا تنسى , صاحب وجه صبوح و ضحكة بشوشة يبش في وجه من يعرف ومن لا يعرف , صاحب عبادة ما رأينا مثلها إلا في كتب السلف , فقد كان يحب الصلاة في الحرم و يصلي به جميع الفروض , ومع كبرسنه و صعوبة الركوع والسجود إلا أنه كان يصلي الفرض قائماً و كنت أسمع أنَّاتِه حين يركع و يسجد , و كان لا يترك صيام التطوع أبداً ,
و أذكر هنا قصة مفادها , أني كنت معه عصر يوم خميس في الحرم المكي وعند إقامة الصلاة ذهبت مسرعاً إلى ثلاجة الماء أشرب من ماء زمزم , فضربني على رأسي و قال : صم يابني صم يابني أنا ما تركت صيام التطوع منذ كان عمري 18 سنة .
وقد كان يرحمه الله كريماً بدون تكلف ويقول : كلوا واشربوا ولا تسرفوا , أتيت مرة إلى بيته في مكة و معي زوار من أوروبا يزيدون عن الخمسة عشر شخصا , وحدثت الشيخ بالهاتف قبل وصولي بيته بقليل فرحب بهم , و فتح ثلاجة بيته وأخرج كل ما فيها و قدمها لهم و كان الإخوة سعيدين بلقاءه حيث كان الشيخ رحمه الله يتحدث الانجليزية و الفرنسية .

نسأل الله سبحانه و تعالى أن يغفر لشيخنا و أن يسكنه في جنات النعيم و أن يلحقه بالصالحين.
اللهم آمين


أخوكم

أبو زياد خالد بن محمد باقيس
المشرف العام على موقع ميراث الأنبياء







منقوووووووووووووول

زكريا عبدالله النعمي
11-18-2009, 06:37 PM
جزى الله ابا زياد خيرا على هذا الجمع المبارك
ولكن لم ينبِّه على تراجع العلامة البنا رحمه الله عن الثناء على انصار
السنه المحمدية لانها ليست الآن على مثل ما كانت عليه من التمسك بالسنة سابقاَ
فليتنبه !!!

أكرم بن نجيب التونسي
11-19-2009, 10:50 PM
قال أيوب : إني أُخبَرُ بموتِ الرجل من أهل السنة فكأني أفقد عضواً من أعضائي .

رحم الله العلامة البنا و جزى الله الكاتب و الناقل خيرا